أدرك الألماني لاسه لاندت عند وصول أزمة اللاجئين لذروتها في خريف 2015 أنه على الرغم من وصول الآلاف من المهاجرين يومياً إلى بلاده فإنه لم يلتق أحداً منهم.
ويقول إن أزمة اللاجئين كانت تشغل وسائل الإعلام والبرامج الحوارية على التلفزيون، لكنه لم يشاهد اللاجئين بنفسه، لذا أراد أن يعرف حقيقة الأمر.
مواعدة
وتطوع الكثير من الألمان في العمل مع المؤسسات الخيرية، يحفّزهم في ذلك جزئياً رغبتهم في لقاء اللاجئين الذين يسمعون عنهم كثيراً.
لكن لاندت أقدم على خطة متقدمة، عندما افتتح موقعاً إلكترونياً يشبه مواقع المواعدة، إلا أنه لا يهدف إلى تسهيل إقامة علاقات عاطفية وإنما تسهيل إقامة لقاءات بين اللاجئين والمواطنين الألمان.
وقام بالتعاون مع خالد الأسود، السوري البالغ من العمر ٢٥ عاماً الذي التقاه في درس لبرمجة الكومبيوتر، المخصص للاجئين في برلين، ببدء مشروع “دعنا نندمج /Let’s integrate!”.
ويقدم المشروع خياراتٍ للاجئين والألمان لتحديد زمان ومكان “الموعد”، محاولين تفادي العقبات أمام مثل هذه اللقاءات، دون الحاجة إلى أي تحضيرات ما عدا القدوم إلى الموعد وبدء محادثة جيدة، وفي حال كانت العقبات اللغوية كبيرة فإن التفاهم ممكن حتى عبر لغة الإشارة.
ويقول خالد الأسود لوكالة أسوشيتد برس إن صداقته مع لاندت ساعدته في أن يقف على قدميه في ألمانيا.
ويضيف أنه “إذا لم يتحدث اللاجئون وجهاً لوجه مع السكان المحليين، لن يعلموا شيئاً عن الثقافة هنا”، لافتاً إلى أن هناك اختلافاً كبيراً بين ثقافتهم والثقافة الألمانية.
وبعد إغلاق طريق البلقان الذي سلكه غالبية الـ 1.1 مليون لاجئ الذين استقبلتهم ألمانيا، تحوّلت الأنظار الآن من استقبال المزيد منهم إلى كيفية إدماجهم، علماً أن غالبيتهم قادمون من دول مثل سوريا والعراق وأفغانستان، وقد يعود البعض منهم خلال سنوات إلى بلاده أو سيقضون بقية حياتهم في ألمانيا.
اللغة الألمانية لا تكفي
وتركز الحكومة الألمانية جهودها على تعليم اللاجئين اللغة المحلية وتهيئهم لدخول سوق العمل، الأمر الذي يجده مؤسس المشروع لاندت ليس كافياً فيوضح أن هناك نظرة تكنوقراطية للاندماج في ألمانية، ترتكز على الالتحاق بدورات اللغة الألمانية والعثور على عمل وبذلك يكون اللاجئ قد اندمج، مؤكداً أن الاندماج في الحقيقة يعتمد أكثر على التواصل الاجتماعي، الأمر الذي بإمكان اللاجئ القيام به قبل أن ينتظر ٦ أشهر للالتحاق بدورة اللغة وعاماً آخر للتحدث بطلاقة إلى حدٍّ ما.
وبعد انطلاقة الموقع الإلكتروني في مطلع شهر مايو/ أيار 2016، عقد 12 لقاء حتى الآن على الأقل، وسجل في الموقع مواطنون ألمان أكثر من اللاجئين لذا عمد المنظمون إلى وضع ملصقات إعلانية في مراكز إيواء اللاجئين في محاولة لرفع أعداد المشاركين في مبادرتهم ليكون متناسباً مع نظرائهم من الألمان.
ويقدم المشروع خدماته مجاناً لكنه يقتصر على العاصمة برلين حتى الآن، إلا أن المنظمين لديهم خطط لتوسيعه ليشمل مدناً أخرى، وعلى نحو خاص تلك التي لا يلقى فيه اللاجئون ترحيباً.
وابتدع القائمون على المشروع إشاراتٍ خاصة كي يتعرف الطرفان على بعضهما لدى اللقاء، فيطلبون منهم رفع أصبعي السبابة والإبهام كناية عن الحرفين الأولين من “ دعنا نندمج /Let’s integrate!”.
لا نعرف!
ومن أوائل اللقاءات التي حدثت بين سوريين وألمانيين لقاء أجراه الشاب السوري عبدالوهاب البالغ من العمر ١٨ عاماً ونقلت الوكالة عنه قوله أنه بحث ببساطة على شبكة الإنترنت عن كلمتي “الاندماج ألمانيا” فوجد الموقع، فيما وجده السوري الآخر أحمد الحاج علي، البالغ من العمر ٢٣ عاماً، على موقع فيسبوك.
ويقول “الحاج علي” أنه يريد البقاء في ألمانيا لفترة طويلة، وأن هذا الموقع سيساعده على التكيف مع ثقافة البلد وتعلم اللغة الألمانية.
وجمع اللقاء عبدالوهاب والحاج علي مع كل من سيندي وباول شبيكر، وهما شقيقان من سكان برلين ومن المشاركين في تأسيس المشروع. وبعد اللقاء في شارع للتسوق ذهبت المجموعة إلى الحديقة.
يقول باول سبيكر إننا “جميعاً نخاف من الذين لا نعرفهم ، فاللاجئون قلقون إزائنا ونحن قلقون حيالهم”، مضيفاً أنه :عند اللقاء، تدرك بأنهم أناس مثلنا وما من حاجة للقلق.
هافنغتون بوست