قالت دراستان أكاديميتان إسرائيليتان إن التطورات الجارية في سوريا، لا سيما مع اقتراب هجوم الأكراد على مدينة الرقة، تجعل تركيا أقرب من أي وقت مضى إلى مرحلة اتخاذ قرارات إستراتيجية، كما أن التقدم الذي أحرزه أكراد سوريا دفع أنقرة للتراجع عن سياسة الباب المفتوح تجاه اللاجئين.
وتضيف أن تطور الأحداث في سوريا من شأنه أن يفرض على تركيا إجراء تغيير في سياستها، وذلك إذا تم تجاوز الخط الأحمر الذي وضعته أنقرة سابقا، وهو سيطرة الأكراد على المنطقة الفاصلة بين نهر الفرات وإعزاز (شمالي حلب).
وإذا سيطر المقاتلون الأكراد على المنطقة المذكورة فإن ذلك سيترك آثارا على مستقبل سوريا، ووضع أكراد تركيا عندما ينهزم تنظيم الدولة في سوريا، وهو ما دفع الأخير للرد على تقدم الأكراد بمهاجمة شمال غرب سوريا في منطقة حلب قريبا من الحدود التركية.
ميزة للأكراد
في المقابل، تخشى تركيا أن تمنح هذه المتغيرات الميدانية الأكراد ميزة إيجابية لدى الرأي العام العالمي، وصولا إلى حصولهم على الدعم الدولي لمطالبهم، وفي الوقت ذاته تزيد حدة الانتقادات الدولية لسياسة أنقرة تجاه أكراد تركيا، وستتحول المناطق الكردية إلى نقطة انطلاق آمنة لهم.
وأشارت الباحثة الإسرائيلية، التي عملت سابقا موظفة بوزارة الخارجية الإسرائيلية، إلى أنه إذا لم تتمكن تركيا من وقف تقدم الأكراد في سوريا، بما قد يعنيه ذلك من سيطرتهم على كامل المناطق الحدودية السورية التركية، فإن ذلك قد يسفر عن إقامة منطقة عازلة ربما تمنح تركيا نقاطا إيجابية في موازين القوى السائدة، وعلى رأسها إبعاد تهديد تنظيم الدولة الإسلامية عن حدودها.
وتضيف الباحثة في المعهد التابع لجامعة تل أبيب أن العمليات العسكرية الجارية لتحرير الرقة تقترب أكثر من منطقة منبج (شمال غرب سوريا)، التي تعدّ المدخل الحيوي للرقة، وتزودها بكافة الاحتياجات اليومية، مع العلم أن هذه المنطقة هي آخر ما تبقى بحوزة تنظيم الدولة على الحدود مع تركيا.
وتقول الباحثة إن أنقرة لم تقم بدور كبير في العمليات القتالية في المنطقة، باستثناء سماحها لطائراتالتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بالانطلاق من أراضيها.
تدفق اللاجئين
وذكرت دراسة ثانية أعدتها غاليا ليدنشتراوس الخبيرة الإسرائيلية في الشؤون التركية في المركز نفسه أنه في بدايات القتال نجحت القوات الكردية بتوجيه ضربات قاسية للجيش السوري الحر، مما دفع تركيا في مارس/آذار الماضي إلى التراجع عن سياسة “الباب المفتوح”، وأغلقت بواباتها الحدودية خوفا من تسلل عناصر تنظيم الدولة.
وتضيف ليدنشتراوس أن التغير في سياسة تركيا تجاه اللاجئين حال دون دخول المزيد منهم إلى أراضيها، وكانت النتيجة هروب ما يقرب من مئة ألف نازح إلى منطقة عفرين (شمال غرب سوريا) خشية على حياتهم، ومن بينهم عائلات من مقاتلي الجيش الحر.
وتقول الدراسة إن تركيا تمارس ضغوطا على الولايات المتحدة لإبداء معارضة أكبر لسيطرة الأكراد على المناطق السورية الملاصقة لحدودها، لكن الظاهر أن الضربات الجوية التي تشنها القوات التركية على مقاتلي حزب العمال الكردستاني أكثر مما توجه ضد الأكراد السوريين.
وتخلص الدراسة إلى أن النجاحات التي يسجلها الأكراد تنم عن ضعف متزايد في أوساط القوات والمنظمات السنية المختلفة، فهي لا تستطع وحدها مواجهة تنظيم الدولة، كما أنها منشغلة بالحرب ضد قوات النظام السوري، في حين تكتفي القوات الكردية بمواجهة تنظيم الدولة دون خوض حرب ضد نظام الأسد.