ليست ثمة ضرورة ليقوم وزير الخارجية التركي السابق، رئيس الحكومة الحالي، بقراءة التقارير، طالما أنه سمع ما قالته مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، قبل أسبوع.
تحدثت سامانثا باور بوضوح، قالت إن مشكلة “داعش” ستستمر طالما أن نظام الأسد موجود.
يلتقط الداعمون الإقليميون للمعارضة السورية، وفي مقدمتهم تركيا، هذا التبدل في المزاج الأميركي، فيذهبون إلى ما هو أبعد من التصريحات النارية ضد النظام، ومن أحاديث عن ضرورة دعم وتسليح المعارضة، يزورون، داود أوغلو ممثلاً لإرادتهم، سوريّة نفسها. المغزى من الزيارة واضح: لم يعد سياسياً وتقنياً، من وجود للأسد.
“ |
يقول داود أوغلو، أو بالأصح تشير زيارته، كونها تمثل توجهاً إقليمياً ودولياً، إلى أن “أيام الأسد باتت معدودة”. زيارة أوغلو وحدها من يمكنها أن تعطي العبارة السابقة، الأثيرة على قلب الإدارة الأميركية، والمستفزة لأنصار المعارضة السورية، الكثير من الجدية والمضمون والمعنى، الذي يحيل إلى ميل الصراع الإقليمي ــ الدولي في سوريّة لأن يُحسم على حساب الأسد.
ومن هذا المنطلق، يبدو أن التقارير الصحافية الغربية الكثيرة التي نشرت خلال الفترة الماضية، ومن بينها تقريرا “واشنطن بوست” و”ذي ايكونومست” المشار إليهما أعلاه، تمثل عملية تحضير إعلامي للرأي العام الغربي حيال نية حكوماته القيام بـ”شيء ما” في سورية، فضلاً عن كونها، في المبدأ، تعطي صورة أمينة عن رجحان ميزان القوة العسكري لصالح المعارضة، الأمر الذي تجلى ميدانياً في الشمال والجنوب على حد سواء، فضلاً عن حديث متواتر عن “معركة دمشق”، التي سيتكفل بها “جيش الإسلام”، تحت زعامة زهران علوش، والذي كان قد زار تركيا قبل أسابيع قليلة.
على وقع هذه المعطيات، وفي انتظار ما سيخرج من القمة الأميركية ــ الخليجية الاستثنائية، التي سيغيب عنها الملك، سلمان بن عبد العزيز، كونه مشغولاً بالعمل على “إعادة الأمل” في اليمن، التي تمثل، إقليمياً، الخطوة الأولى في “إعادة” الجار الإيراني إلى رشده، وهي العملية التي يستعيد فيها النظام العربي المبادرة إلى شن حرب عسكرية ضد “عدو إقليمي”، بعد أربع عقود على قيامه بذلك للمرة الأولى التي بدت، حتى وقت قريب، الأخيرة.
على وقع ما سبق، سيكون على المعارضة السورية، التي فعلت حسناً بتجاهل، يبدو مؤقتاً، لدي ميستورا ومشاورته في جنيف، أن تبدي شيئاً من المسؤولية والجدية حيال المعطيات الجديدة، وإن لم تكن قادرة على فعل ذلك، سيتعين على مؤتمرها الذي سيجري في الرياض، برعاية سعودية، أن يفعل ذلك، بطريقة ما.
وأخيراً، يبدو مسلياً التأمل في رد فعل النظام السوري حيال زيارة أوغلو، إذ وصفتها الحكومة السوريّة بـ”التسلل”.
برد الفعل هذا، يبقى نظام الأسد أميناً لانفصاله عن الواقع، فالزيارة ليست تسللاً، إنها ما يقوله، بصوت واضح وبنبرة واثقة، داود أوغلو لصديقه السابق لبشار الأسد: قادمون.
العربي الجديد ــ محمد دحنون