زهيراحمد
بموازاة اجراء المفاوضات النووية، كانت مفاوضات خفية جارية تمخضت عن الإفراج عن الأمريكان الـ 5 المحتجزين في إيران مقابل تحرير عدد من عناصر النظام المعتقلين في أميركا وتسرب خبر عقد المفاوضات طويلة الأمد السرية هذه في الصحف الأميركية حيث أفادت صحيفة نيويوركر أن ”الرئيس اوباما قبل 14 شهرا سمح لقناة ثانية سرية للغاية في طهران بتنفيذ مفاوضات حول إطلاق سراح أمريكان إختفوا أو سجنوا في إيران ويترأس برت مك غرك وهو عضو رفيع المستوى للخارجية الأميركية فريقا أميركيا صغيرا يضم ضباط من وزارة العدل، إف بي آي والمكون المخابراتي وكانت اللقاءات تسهلها الحكومة السويسرية وتعقد غالبا في جنيف…” (16 كانون الثاني 2016)
وأقر الرئيس الأميركي بهذه الحوارات خلال كلمته بمناسبة تحرير الرهائن ولمّح إلى حديثه مع روحاني حول هذا الأمر عدة مرات ومن ثم أعلن تلفزيون النظام 19 كانون الثاني نقلا عن ظريف أن ”ما حصل من اطلاق سراح السجناء الإيرانيين كان حصيلة مفاوضات دامت سنة ونصف سنه”.
وعقدت هذه المفاوضات في ظروف صرح فيها خامنئي مرارا وتكرارا بحظر كل مفاوضة مع أميركا سوى النووي حيث حذر الولي الفقيه الرجعي يوم 8 تشرين الأول 2015 من التوغل قائلا: ان ”سبب أنهم يتفوهون بالحوار والمفاوضة يكمن في التوغل وهناك بعض يهملون ويبسّطون في أمر المفاوضة ولا يستوعبون الأمر جيدا. إن المفاوضة بسبب خسائرها العديدة وعدم نفعها محظورة” (تلفزيون النظام 8 تشرين الأول 2015)
وطبعا في استبداد ولاية الفقيه المطلق، لا يمكن عقد مفاوضات دامت سنة ونصف سنة دون علم وإشراف للولي الفقيه بمشاركة أرفع المسؤولين من الجانبين منهم جون كيري ومك غورك فيها حسب اوباما.
وبيّن الملا صادق لاريجاني رئيس جلاوزة السلطة القضائية بالقول إن خامنئي كان يرصد ويتابع المفاوضات النووية بتفاصيلها ”في اجتماعات متعددة”. (تلفزيون النظام 18 كانون الثاني 2016)
كما أن كلا من روحاني وظريف وعراقجي و… صرحوا بأن المفاوضات النووية جرت تحت إشراف خامنئي ذاته من ألفها إلى يائها رغم أن خامنئي يتحدث عنها كأنه لا يعلم بالكثير من المسائل حيث كذب مرة بالقول أنهم لا يخبرونني بجميع الأمور وإني لاأدري، وذكر مرة أخري أنه لا فرق لدينا بين الساحة وخلف الكواليس ولا مفاوضات سرية لدينا وإننا نقول للناس كل ما يحدث! وها هذه المفاوضات السرية التي دامت سنة ونصف سنة حول السجناء الأميركان تظهر مدى صدقية هذا الولي الفقية الدجال!
والطريف أن هذه الإتصالات والمفاوضات الدائرة مع أميركا وبإشراف تام لخامنئي نفسه، جرت في ضوء إنذاره المستمر من التوغل الأميركي ومؤامراتها لإسقاط النظام بالقول ”كانوا ينوون إيجاد وسيلة للتوغل في بلدنا بهذه المفاوضات وهذا الإتفاق، فأغلقنا هذا الطريق” (تلفزيون النظام – ايلول 2015)
”إنهم بصدد إكمال مشروع التوغل والمشروع في طور التكميل عبر هؤلاء” (تلفزيون النظام – 24 كانون الأول 2015)
ولاتهدف هذه الكذبة والدجل إلا لخداع عناصر النظام والإحتيال على الناس كما أن خميني الدجال ذاته كان يتلقى السلاح من أميركا رغم كل ما يصرخ ويتشدق به من شعارات ضد ”الشيطان الأكبر”.
إذن، تعدّ صيغة التوغل! التوغل! والقول بأنه لا صلة ومفاوضات لنا مع أميركا، حربة وذخيرة خامنئي في الصراع على السلطة والسيادة ضد رفسنجاني إذ إنه أية حالة خيانة أو بيع للوطن توفرت لخامنئي وضمنت إبقاء حكمه إلا وأنه لم يأبه؟ فكل خشية الولي الفقيه الرجعي تتمثل في سحب رفسنجاني وروحاني البساط من تحت أقدامه خلال تواطؤ مع الغرب.
الواقع أن خامنئي يقول لأميركا والغرب إنه إذا أردتم بناء العلاقات والتعامل معنا، فإني حاضر! لكنه يغفل عن أنه إن كان لهذه الأعمال تأثير على إنقاذ النظام من السقوط فكان الشاه وحكمه الملكي مازالا قائمين! كلا! إن الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية هما اللذان يقرران مصير وطننا ليس إلا.