محللون يؤكدون أن ما يحدث داخل فريق 14 آذار كان متوقعا بعد أن حادت مكوناته عن الطريق المرسومة منذ البداية.
بيروت- يواجه تحالف 14 آذار اللبناني خلافات عميقة بين مكوناته، في ظل غياب رؤية موحدة حيال القضايا الداخلية، الأمر الذي يثير قلق الأنصار من مصير التحالف في حال استمر الوضع القائم.
ورغم تصريحات قياداته لمحاولة التخفيف من وطأة الخلافات على مستقبل الحلف، لكن محللين يرون أن هناك قصورا كبيرا في معالجة مسبباتها، مشددين على أن التصريحات التطمينية لا تكفي بل لابد من إعادة استنهاض المشروع الذي قام من أجله وتجاوز النقاط الخلافية.
وبدأت الخلافات بين مكونات 14 آذار تطفو على السطح بعد عجز النخبة المارونية عن التوافق على رئيس للجمهورية (لبنان بلا رئيس منذ العام 2014)، وقد دفع هذا الجمود في الملف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إلى طرح مبادرة تقوم على وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى المنصب.
وقوبلت المبادرة بتحفظ من حزب الكتائب ورفض من قبل حزب القوات بقيادة سمير جعجع، الذي ذهب بعيدا بترشيحه لرئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون للمنصب بهدف قطع الطريق على الحريري.
هذا المسلك أشاع فتورا في العلاقات بين الحريري وجعجع خاصة، حيث تمسك كل طرف بموقفه، لتزيد الطين بلة مسألة الانتخابات البلدية، حيث تغمز القنوات القواتية إلى عدم استعداد المستقبل لإجرائها، وهو ما نفاه الحريري في أكثر من تصريح مؤكدا جهوزية تياره لخوضها.
والإشكال بين القوات والمستقبل في ملف الانتخابات البلدية لا ينحصر فقط في نوايا الأخير بل يتعداها إلى وجود استعدادات وتحضيرات “تحت الطاولة” بين التيار العوني والقواتي في أكثر من منطقة للدخول معا في هذا الاستحقاق.
ولا تنحصر حالة التباعد بين القوات والمستقبل فقط، وإنما أيضا بين القوات وحزب الكتائب الذي يقوده سامي الجميل، وقد شهدت الأيام الماضية معركة كلامية بين قيادات من الجانبين.
ويرى متابعون أن سر هذا الخلاف المتصاعد بين المكونين المارونيين داخل تحالف 14 آذار يكمن في شعور الكتائب بوجود محاولة من طرف القوات والتيار الحر لعزله في الساحة المارونية ليتربعا على عرشها.
ويقول محللون إن ما يحدث داخل فريق 14 آذار كان متوقعا بعد أن حادت مكوناته عن الطريق المرسومة منذ البداية وانحصرت أولوياتهم في رغبة كل طرف في فرض نفسه على الساحة وسيطرة منطق “الربح والخسارة”. واعتبر المحللون أن الوضع الذي بلغه تحالف 14 آذار لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الوضع الإقليمي والسوري خاصة، فمنذ انطلاقة الأزمة في الدولة الجارة في العام 2011 وتحولها إلى حلبة صراع إقليمي في ما بعد وانتشار الجماعات المتطرفة، باتت هناك رغبة في العودة إلى المربع الطائفي والاحتماء به، على حساب استعادة الدولة التي قام من أجلها تحالف 14 آذار بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في العام 2005.