خطيب بدلة: العربي الجديد
جاء السوريون إلى سورية، كما تقول إحدى الأساطير، على سفينة نوح، ونزلوا في ميناء طرطوس، ثم انتشروا في البلاد، عمّروها، وكبّروها، وتناسلوا، وملأوها بالسكان. في ذلك الزمان، لم يكن ثمّة حافلات نقل من تلك التي يسمونها “باصات الـ هوب هوب”، ولم تكن شركة الطيران العربي السوري موجودة، وكان عدد الركاب قليلاً، ومن ثمّ فإن السفن المتوفرة كانت تكفي لنقل الناس وتزيد.
الرفيق أبو سليمان، هو الآخر، لم يكن موجوداً، حيث لم يكن ثمّة “ضرورة” لوجوده. ألم يطلق عليه الأمينُ العام لحزب الاتحاد الاشتراكي الأستاذ صفوان قدسي لقبَ “القائد الضرورة”؟ المشكلة أن المؤرخين يصرّون على أن صفوان قدسي كان يحتكر عملية إطلاق الألقاب على القائد، فتارة يسميه “الضرورة”، وتارّة يسميه “الرمز”، وتارّة يَعِدُهُ بإبقائه رئيساً “إلى الأبد”، وهذا، لعمري، خطأ منهجي كبير، فالنائب الحلبي الألمعي، فلان الفلاني، كان جالساً، في زمانٍ يقع بين اجتماعين لمجلس الشعب، في مقهى القصر القريب من سينما أوغاريت في حلب، يحتسي القهوة “الإسبريسو” من يد المعلم نمر، وفجأةً رفع سبابته إلى الأعلى، كمن يريد أن يتشاهد، وقال لجُلاسه: اشهدوا عليّ، أنا أول مَن أطلق على السيد الرئيس حافظ الأسد لقب “سيد هذا الوطن”. وأضاف: إنكم تسمعون الآن كُلَّ مَنْ هَبَّ ودَبّ من المذيعين والمحللين الاستراتيجيين يقولون عنه في خطاباتهم “سيد هذا الوطن“، فتضيع الطاسة، ويلحق الغبن بي أنا، وكأنني لستُ قائلَها الأصلي.
وعلى ذكر المحللين الاستراتيجيين، تجدر الإشارة إلى أن النائب خالد العبود لم يكن موجوداً يومها. لا أقصد بـ (يومها)، يوم الطوفان ومجيء السوريين إلى ميناء طرطوس، وإنما يوم تحدّى فلانٌ الفلاني جُلَّاسَ مقهى القصر حول موضوع الريادة.
عاش السوريون في سورية، بعد هذه التغريبة، بضعة آلافٍ من السنوات، وخاضوا حروباً طويلة ضد الاستعمار والصهيونية فقط، إذ لم تكن الإمبريالية والرجعية موجودتين أصلاً، وانتهت حروبُهم باتفاق المرحومين سايكس وبيكو على ترسيم حدود سورية التي قال الأستاذ بو علي، بطلُ قصة الزميل بسام يوسف، إنه يحدّها من الشمال أول قرية تركية، ومن الشرق أول قرية عراقية، ومن الغرب شط اللاذقية وجبلة وطرطوس، ومن الجنوب، آخ من الجنوب، لقد احتله الكيان الصهيوني الغاصب، فاحترق قلب بو علي عليه.
المربع الأول الذي اشتغل عليه “القائدُ الضرورة” كان موجوداً قبل أن يخترعه النائبُ خالد العبود في مقابلته التلفزيونية الشهيرة في إبريل/ نيسان 2011، وهو النضال ضد اتفاقية سايكس بيكو، تلك الاتفاقية الحقيرة التي سعت إلى تمزيق الأمة العربية إلى أقطار صغيرة، ما أوقع القادة العرب في مأزق تاريخي، ملخصُه أن إمكانات الحكم الموجودة لدى كل واحد منهم أكبر بكثير من الدولة التي يحكمها، وهذا ما أدركه أحد النواب البرلمانيين السوريين، في نهاية شهر مارس/ آذار 2011، حينما لاقى (فرخ القائد الضرورة) عند مدخل البرلمان، ومسّد جسده بأصابعه، وحلف له بالطلاق بالثلاثة على أنه، لو كان الوطن العربي موحّداً، وراح العربان يبحثون عن قائدٍ له، لكنت أهلاً لذلك، وتزيد.
ركّز الإخوة المواطنون الذين جاءوا إلى هذه البلاد على ظهر سفينة نوح، قبل خمسة آلاف سنة، أبصارَهم على الكف الأيمن للقائد الطويل، متوقعين أنه سيضرب النائب المذكور كفاً يجعله يقول عن الخبز (خبج)، ويقول له: اسكت، أهذا وقت نفاقك؟ ألا تعرف أن الدماء تجري في شوارع درعا؟ ولكن، خاب فأل السوريين وخسئوا، فالقائد الكبير أعجب بما قاله النائب، وانفلت بالضحك، وراح يقول: الله، سورية، شعبي وبس.
وبعد ست سنوات ونصف السنة من هذه الحادثة، كان القائد التاريخي ونواب مجلسه العظيم يطالبون دول العالم بأن يساعدوهم على عدم تقسيم سورية، والحفاظ على القسم المفيد من سورية التي رسمها المتآمران سايكس وبيكو.
الرفيق أبو سليمان، هو الآخر، لم يكن موجوداً، حيث لم يكن ثمّة “ضرورة” لوجوده. ألم يطلق عليه الأمينُ العام لحزب الاتحاد الاشتراكي الأستاذ صفوان قدسي لقبَ “القائد الضرورة”؟ المشكلة أن المؤرخين يصرّون على أن صفوان قدسي كان يحتكر عملية إطلاق الألقاب على القائد، فتارة يسميه “الضرورة”، وتارّة يسميه “الرمز”، وتارّة يَعِدُهُ بإبقائه رئيساً “إلى الأبد”، وهذا، لعمري، خطأ منهجي كبير، فالنائب الحلبي الألمعي، فلان الفلاني، كان جالساً، في زمانٍ يقع بين اجتماعين لمجلس الشعب، في مقهى القصر القريب من سينما أوغاريت في حلب، يحتسي القهوة “الإسبريسو” من يد المعلم نمر، وفجأةً رفع سبابته إلى الأعلى، كمن يريد أن يتشاهد، وقال لجُلاسه: اشهدوا عليّ، أنا أول مَن أطلق على السيد الرئيس حافظ الأسد لقب “سيد هذا الوطن”. وأضاف: إنكم تسمعون الآن كُلَّ مَنْ هَبَّ ودَبّ من المذيعين والمحللين الاستراتيجيين يقولون عنه في خطاباتهم “سيد هذا الوطن“، فتضيع الطاسة، ويلحق الغبن بي أنا، وكأنني لستُ قائلَها الأصلي.
وعلى ذكر المحللين الاستراتيجيين، تجدر الإشارة إلى أن النائب خالد العبود لم يكن موجوداً يومها. لا أقصد بـ (يومها)، يوم الطوفان ومجيء السوريين إلى ميناء طرطوس، وإنما يوم تحدّى فلانٌ الفلاني جُلَّاسَ مقهى القصر حول موضوع الريادة.
عاش السوريون في سورية، بعد هذه التغريبة، بضعة آلافٍ من السنوات، وخاضوا حروباً طويلة ضد الاستعمار والصهيونية فقط، إذ لم تكن الإمبريالية والرجعية موجودتين أصلاً، وانتهت حروبُهم باتفاق المرحومين سايكس وبيكو على ترسيم حدود سورية التي قال الأستاذ بو علي، بطلُ قصة الزميل بسام يوسف، إنه يحدّها من الشمال أول قرية تركية، ومن الشرق أول قرية عراقية، ومن الغرب شط اللاذقية وجبلة وطرطوس، ومن الجنوب، آخ من الجنوب، لقد احتله الكيان الصهيوني الغاصب، فاحترق قلب بو علي عليه.
المربع الأول الذي اشتغل عليه “القائدُ الضرورة” كان موجوداً قبل أن يخترعه النائبُ خالد العبود في مقابلته التلفزيونية الشهيرة في إبريل/ نيسان 2011، وهو النضال ضد اتفاقية سايكس بيكو، تلك الاتفاقية الحقيرة التي سعت إلى تمزيق الأمة العربية إلى أقطار صغيرة، ما أوقع القادة العرب في مأزق تاريخي، ملخصُه أن إمكانات الحكم الموجودة لدى كل واحد منهم أكبر بكثير من الدولة التي يحكمها، وهذا ما أدركه أحد النواب البرلمانيين السوريين، في نهاية شهر مارس/ آذار 2011، حينما لاقى (فرخ القائد الضرورة) عند مدخل البرلمان، ومسّد جسده بأصابعه، وحلف له بالطلاق بالثلاثة على أنه، لو كان الوطن العربي موحّداً، وراح العربان يبحثون عن قائدٍ له، لكنت أهلاً لذلك، وتزيد.
ركّز الإخوة المواطنون الذين جاءوا إلى هذه البلاد على ظهر سفينة نوح، قبل خمسة آلاف سنة، أبصارَهم على الكف الأيمن للقائد الطويل، متوقعين أنه سيضرب النائب المذكور كفاً يجعله يقول عن الخبز (خبج)، ويقول له: اسكت، أهذا وقت نفاقك؟ ألا تعرف أن الدماء تجري في شوارع درعا؟ ولكن، خاب فأل السوريين وخسئوا، فالقائد الكبير أعجب بما قاله النائب، وانفلت بالضحك، وراح يقول: الله، سورية، شعبي وبس.
وبعد ست سنوات ونصف السنة من هذه الحادثة، كان القائد التاريخي ونواب مجلسه العظيم يطالبون دول العالم بأن يساعدوهم على عدم تقسيم سورية، والحفاظ على القسم المفيد من سورية التي رسمها المتآمران سايكس وبيكو.
كلنا شركاء