لندن – تستعد روسيا إلى طرح، خلال الجولة الثانية من مفاوضات فيينا المقرر انعقادها يوم السبت المقبل، مبادرة تحمل من خلالها نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة المسلحة على بدء عملية إصلاح دستوري تستغرق 18 شهرا تليها انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وهذه المسودة، التي يقول مسؤولون روس إنه تم تسريبها دون رغبة موسكو، هي أكبر حجر تلقيه روسيا في المياه الراكدة للأزمة السورية منذ ما يقرب من خمس سنوات.
وعبر نائب مندوب روسيا في الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكو عن استيائه من “أن أحدهم قام بتسريب هذه الوثيقة” التي لم تكن الحكومة الروسية على ما يبدو تريد الإعلان عنها قبل انعقاد الاجتماع يوم السبت.
لكنه عاد وقال لوكالة أسوشيتد برس الأميركية “هذه رؤيتنا وعرضنا”.
وأضاف “بالطبع نحن في انتظار عروض الجانب الآخر. هذا فقط عرض روسي لدفع جميع الأطراف إلى العمل معا.. النظام والمعارضة”.
وتعمدت الوثيقة، التي اطلعت “العرب” على نسخة منها، تجاهل مصير الأسد، ولم توضح إذا ما كان لديه الحق في الترشح للانتخابات التي ستجرى في نهاية المرحلة الانتقالية، ما يجعلها عرضة لانتقادات.
*جمعية دستورية ممثلة لجميع المكونات
*استفتاء شعبي لإقرار التعديلات
*انتخابات برلمانية ورئاسية
*منح الرئيس المنتخب صلاحيات قيادة الجيش والأمن والسياسة الخارجية
*محاربة جميع التنظيمات “الإرهابية”
واعتبر مصدر مطلع على المفاوضات في فيينا أن المسودة الروسية التي تم تسريبها تحمل مطالب أكثر وسقفا أعلى بكثير مما أبدت موسكو استعدادها لقبوله.
وقال المصدر لـ”العرب” إن روسيا “طرحت على دول خليجية خطة لمرحلة انتقالية أكثر مرونة مما أعلن عنه في المسودة، فقد أبدت موسكو استعدادها لرعاية مرحلة انتقالية في سوريا مدتها 18 شهرا تقود في النهاية إلى رحيل الأسد وعدم السماح له بالترشح في الانتخابات الرئاسية التي تنطلق في نهاية المرحلة الانتقالية”.
وأبدت روسيا في اتصالات سابقة مع دول خليجية استعدادها بأن يكون دور الأسد شرفيا وأن تعهد قيادة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ورسم السياسة الخارجية إلى الحكومة الائتلافية ضمن صلاحيات أخرى، بعكس ما ورد في المسودة المسربة.
وأصرت حينها هذه الدول ومعها تركيا على مرحلة انتقالية برئاسة الأسد محددة بستة أشهر يتخلى بعدها عن السلطة، فيما أصرت موسكو على أن تمتد المرحلة الانتقالية إلى 18 شهرا.
ويرى مراقبون أن الهدف من تسريب المسودة بسقف أعلى مما أبدت موسكو استعدادها لقبوله سابقا قد يكون محاولة لحض الأطراف الإقليمية للقبول بما تم تبادله قبل بدء اجتماعات فيينا، بصيغة تتوصل عبرها جميع الأطراف إلى حلول وسط.
وتريد موسكو إبقاء الأسد لمدة أطول مقابل ضمان عدم السماح له بالترشح بأي انتخابات مقبلة، وهو ما تسعى إلى التأكد منه دول عربية وغربية.
لكن الموقف الغربي والخليجي والتركي من الرئيس الأسد ينبئ أن المقترحات الروسية ستلقى على الأرجح معارضة شديدة.
وسرعان ما ظهرت بوادر هذه المعارضة في تعليق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس على المسودة، إذ توعد روسيا برد فعل كبير.
وأطلق أردوغان إشارات واضحة إلى عزم أنقرة الذهاب إلى أبعد ما يمكنها لإفشال التدخل الروسي في سوريا.
وقال أردوغان، في اجتماع لرجال الأعمال بأنقرة، إن من “يؤججون نيران الصراع في سوريا سيحترقون بها”، في إشارة واضحة إلى موسكو.
ولا تتردد روسيا في الحديث علنا عن وجود خطة لدى خصومها الغربيين لإدامة الأزمة السورية وتعطيل خيار التفاوض فيها.
وقالت الوثيقة إن الأطراف السورية يجب أن تتفق على الخطوات المقترحة في مؤتمر تنظمه الأمم المتحدة في المستقبل وأن الأسد لن يرأس عملية الإصلاح الدستوري وإنما سيرأسها مرشح تتفق عليه كل الأطراف.
ولا يستبعد الاقتراح مشاركة الأسد في الانتخابات المبكرة وهو ما يقول خصومه إنه مستحيل التحقق لأن وجوده يجعل الانتخابات محسومة مسبقا لصالحه، فضلا عن أن رحيله مطلب رئيسي لفصائل المعارضة.
ونفت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية من الأساس إعداد موسكو أي وثيقة من أجل الاجتماع الدولي بشأن سوريا. وقالت “هذه المعلومات لا تتفق مع الواقع”.
وذكر الاقتراح “يجب أن يتفقوا على الأهداف الخاصة بمنع وصول الإرهابيين إلى السلطة في سوريا وضمان سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي وكذلك الطابع العلماني والديمقراطي للدولة”.
العربArray