لم تفلح الجهود العسكرية لنظام بشار الأسد في وأد الثورة السورية التي بدأت منتصف مارس/ آذار 2011، بل كادت قوات المعارضة أن تجبر الأسد على الرحيل لولا تدخل حليفته إيران ومعها ميليشيا “حزب الله”، اللذين دعما وعززا قدرات النظام في مواجهة الحراك الثوري من جهة، وللحفاظ على مصالحهم من جهة أخرى.
ولم يعد خافياً انتشار عناصر ميليشيا “حزب الله” في مناطق كثيرة داخل سورية بدعم وتمويل إيراني، ما أدى إلى خسارة المعارضة لبعض مناطقها في ظل نقص الدعم المقدم لها أيضاً.
وفي المقابل تتزايد خسائر ميليشيا “حزب الله” في سورية، وكانت أخر الضربات التي تعرضت لها الميليشيا أواخر الشهر الماضي، حيث قتل 6 من عناصرها إضافة إلى مقتل قائد في الحرس الثوري الإيراني، إثر غارة جوية نفذتها الطائرات الإسرائيلية في مدينة القنيطرة السورية.
ويبدو أن الخسائر المتكررة لهذه الميليشيا في سورية بدأت تثير السخط داخل صفوف مؤيدي “نصر الله”، وقال مراسل “السورية نت” نبوخذ نصر، إن “هذا السخط يتزايد لا سيما بعدما عمدت ميليشيا حزب الله إلى سحب قياداتها ومقاتلي النخبة لديها من سورية، والإبقاء على بعض المتطوعين والمقاتلين العاديين، وتركهم يخوضون معارك شرسة ضد الجيش السوري الحر وجبهة النصرة وما يسمى تنظيم “الدولة الإسلامية”.
“أم حسين” (55 عاماً)، مؤيدة لميليشيا “حزب الله” لكنها ترفض إرسال ابنها الأصغر “علي” (23 عاماً) للقتال في سورية، بحجة “الجهاد والدفاع عن المراقد الشيعية”، وقالت لـ”السورية نت”: “منذ عدة أشهر فقدت حسين بعد أن كان يحارب في الغوطة الشرقية، وفي آخر اتصال لي به أكد لي أن هذه الحرب أكذوبة للإبقاء على بشار الاسد في الحكم. وأخبرني بأنه تعرض للخيانة مرتين من قبل الجيش السوري وبأنه مع زملائه يفكر جدياً بالعودة الى لبنان”.
بينما قال “فادي” لـ”السورية نت” وهو عائد حديثاً من سورية نتيجة الإصابة بطلق ناري في ساقه الأيمن: “هذه ليست حربنا نحن نشيع قتلانا كل يوم هذا إن استطعنا الحصول على جثثهم، ولجان الدفاع الوطني لا هم لها سوى السرقة، والجيش الحر أصبح قوياً جداً بالفترة الأخيرة حيث خسرنا الكثير من المناطق”.
ويتابع “لقد أخبرت مندوب الحزب بالأمس أنني لن أعود إلى هناك (سورية) وأنني أفضل العمل في غسيل السيارات على الموت”.
وتعكس ردود أفعال مؤيدي ميليشيا “حزب الله” مدى خسارة الميليشيا في سورية، ووجد مقاتلو الميليشيا أنفسهم مجبرين على القتال ضمن تشكيلات كبيرة إلى جانب قوات النظام ومن معه من ميليشيا “الدفاع الوطني”، واستخدام الدبابات ومضادات الطائرات، إضافة إلى الاستعانة بالطيران الحربي لحسم الكثير من المعارك.
ويشير مراسلنا إلى أن هذه المعارك التي مكنت ميليشيا “حزب الله” من اكتساب مهارات قتالية جديدة، إلا أنها دفعت ثمناً باهظاً لتدخلها في سورية مع وصول أعداد القتلى إلى حوالي 1500 قتيل وآلاف من الجرحى والمصابين تجاوزت 4500 مصاب بحسب ناشطين.
وفي هذا السياق لفت الرائد المنشق عن قوات النظام “أبو قصي” في حديثه لـ”السورية نت” عن انهيار الروح المعنوية لمقاتلي ميليشيا “حزب الله”، وهذا في اعتقاده ما دفع الأمين العام للميليشيا “حسن نصر الله” من القيام بعدة زيارات للحدود اللبنانية، فيما يواجه “نصر الله” ضغوطاً كبيرة بعد أسر “النصرة” و”تنظيم الدولة” لعدد من الجنود اللبنانيين تم ذبح العديد منهم، وهو ما أثار سخطاً شعبياً.
وفيما تتحدث ميليشيا “حزب الله” عن انتصارات حققتها على طول الحدود السورية اللبنانية، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من حسم المعركة، وأكد مراسنا أن المعارك في القلمون بالآونة الأخيرة شهدت تراجعاً لقوات النظام وميليشيا “حزب الله”، ونقل مراسلنا عن “سالم” (41 عاماً وهو قائد عسكري في صفوف المعارضة) قوله: “خسائر الحزب بالعشرات وهي شبه يومية لا أمل لهم ونحن ندافع عن أرضنا”.
وإلى جانب الخسائر البشرية لميليشيا “حزب الله” أثرت العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على إيران على الدعم المقدم لهذه الميليشيا، التي تعاني حالياً من ضائقة مالية كبيرة ولم يعد بمقدورها تسديد رواتب عناصرها المقاتلة، أو تعويض أهالي القتلى وغيرهم، ما دفع عدداً من العناصر لترك الأراضي السورية دون أن يكترثوا لتهديدات القيادة لهم بالسجن بتهمة الفرار من ساحة القتال.
يذكر أن تدخل ميليشيا “حزب الله” في سورية جاء لأسباب عدة روجت لها الميليشيا، ومن بينها “حماية المراقد الشيعية في المدن السورية والشيعة في القرى المتاخمة للحدود السورية اللبنانية”، و”رد الجميل لبشار الأسد الذي وقف إلى جانب ميليشيا حزب الله في حربها ضد إسرائيل في يوليو 2006″، كما أن هذه الميليشيا تخشى من سقوط الأسد لأنها تفقد بذلك أهم ممر لها يصل من خلاله المال والسلاح القادم من إيران، وهو ما سيؤثر على وضع الميليشيا في لبنان.
المصدر: السورية نت