لقد ألقت ثورات “الربيع العربي” بظلالها على الواقع الاقتصادي المتردي بالأساس في أغلب الدول العربية، فكانت سبباً لتراجع الأداء الاقتصادي، ونتيجة لميراث اقتصادي مليء باختلالات هيكلية مزمنة في كافة القطاعات الاقتصادية؛ فالمؤشرات الاقتصادية الدالة على عمق الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها دول الربيع العربي كثيرة, منها على سبيل المثال لا الحصر ما تشهده هذه الدول من تزايد ملحوظ في مستوى الفقر، وتراكم في الديون، وزيادة مفرطة في عجز الموازنات, وانخفاض مستوى الخدمات العامة، نتيجة تراجع معدلات النمو الاقتصادي، وبالتبعية ارتفاع معدلات البطالة.
أسهم في هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة لبلدان “الربيع العربي” تحديداً، تنامي شعور الشعوب بأن هناك فئات قليلة من الأثرياء، وأصحاب النفوذ السياسي، استحوذت على أغلب المقدرات الاقتصادية وثمار التنمية، بينما لم تحظ الفئات الأخرى الفقيرة ومحدودة الدخل، إلا على نسبة من هذه المقدرات أو الثروات، لا تمكنها من تحقيق أهدافها في مستوى معيشة مناسب، علاوة على سوء توزيع هذه الثروات بعدالة بين كل الفئات، وكانت النتيجة المتوقعة تنامي الشعور بالظلم الاجتماعي، وانتشار الفساد المالي والإداري، فلم يكن هناك طريق سوى الإصلاح أو التغيير.
ونتيجة لكل ذلك، تنامت الدوافع التي أدت إلى اندلاع ثورات دول “الربيع العربي”، ومن المهم أن نؤكد أن هناك جانباً كبيراً من الأسباب الأخرى، التي تبدو دائماً في السياق ذاته ولا ينبغي إغفالها على المستويين الاقليمي والعالمي، وهي تنامي الفجوة التنموية بين البلدان العربية والدول المتقدمة خلال السنوات القليلة الماضية.
ومع ارتفاع سقف التطلعات لدى شعوب دول الربيع العربي فور إزاحة رؤوس النظم الدكتاتورية في عام 2011، ثمة حديث جاد عن ضرورة تبني مشروع للتنمية يقضي على ملامح سلبية رئيسية في هذه المجتمعات وهي: البطالة والفقر والأمية والمرض.
وفي مطلع عام 2014، أي بعد نحو ثلاث سنوات من بداية أحداث الثورات العربية، فإن الأوضاع الاقتصادية بدول الربيع العربي تزداد سوءًا، وأحلام التنمية والقضاء على التخلف الاقتصادي وسماته الرئيسية ذهبت أدراج الرياح, المؤشرات الاقتصادية, تشير إلى عمق الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها تلك الدول, من تزايد ملحوظ في مستوى الفقر وانخفاض مستوى الخدمات العامة، نتيجة تراجع معدلات النمو الاقتصادي، وبالتبعية ارتفاع معدلات البطالة.
فما تحتاجه دول الربيع العربي هو ثورة اقتصادية تتوافق مع التطلعات الديقمراطية للجماهير،
فأكثر الانتقادات التي وجهت لحكومات ما بعد الثورة هي عدم قدرتها على مشاركة السلطة مع قوى المعارضة و احترام التطلعات المختلفة. عدا عن ذلك أن القوى الجديدة لم تقدم أي خطط اقتصادية بديلة لـ تنمية اقتصادية شاملة.
الحكام الجدد تأرجحوا ما بين الاستمرار في السياسات القديمة للأنظمة السابقة، وتقديم الوعود بالقضاء على البطالة ورفع الأجور ووضع قيود صارمة على البنوك، نتيجة لذلك، لم يكن هناك تجانس في السياسات الاقتصادية، في الوقت الذى أدى للتباطؤ الاقتصادي لحكومات ما بعد الثورة, في انخفاض الصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية.
أدت تلك الأوضاع الاقتصادية المتردية إلى خلق حلقة مفرغة من تناقص شرعية الحكومات الجديدة التي واجهت المعارضة المتزايدة لها بإجراءات قاسية في محاولة للدفاع عن نفسها ضد قوى الثورة المضادة. تمثلت بإقصاء بعض الحكام الجدد، الأمر الذي امتد أثره سلبا إلى الدول العربية الأخرى.
المركز الصحفي السوري– أسماء العبد