تدخلُ إلى هذا الحي فتجد الباعةَ يفترشون الطريقَ على حافتيه، الباعةُ الذين ليس بحوزتهم أكثرُ من عربة، يعرضون عليها ما استطاعوا إلى شرائه سبيلا، لبيعه وكسبِ بعض النقود التي عساها أن تقيهم مذلَّة السؤال، مذلّةُ الطلبِ التي فضَّلها أذلَّاءِ النفوسِ ومُحِبّي الحصادِ من غير غرسٍ.
لا يختلف حال بائعي المِزَّة القديمة المُسماةِ بالشيخِ سعد عن حال غيرهم من بائعي المناطق الأخرى.. موضِعُ الشيخِ سعد من المِزَّة كموضِعِ القلب من الجسد لا حياة من غيرِه، كيف لا وفيها من الأصناف ما لا يقوى تقريرٌ واحدٌ على حصرِهِ، من الخضارِ والفاكهةِ، إلى الحلويات بأشكالها، والأطعمة والمشروبات بألوانها، والألبسة بأنواعها، والقطعِ الإلكترونية بأحجامها.. وغير ذلك كثير.
قد كانت المِزَّة فيما سلف مسكَناً للعديد من الصحابة كأسامة بن زيدٍ، ومصنعاً للعديد من الثوَّار الذين حاربوا الاحتلال الفرنسي كإبراهيم الصالحاني. أما عن سبب تسميتها فقد اختلف الرواة، فمنهم من أعاد أصل التسميةِ إلى اليونانية، ومنهم إلى الآرامية، وطائفةٍ ثالثةٍ نسفت هذا السبب وذاك، إذ أرجعت تسميتها إلى التين الشوكي الذي اشتهرت به بساتينها؛ حيث كانَ المَّارةُ حين أكلِهِ يقولون مِزَّة بمعنى طيبة، ومن هنا جاءَ الاسم.
تقع المِزَّة جنوب غربي دمشق، وكانت فيما سبق قريةً من قُرى غوطة دمشق الغربية. جمعت المِزَّة بين ضلوعها سكَّاناَ من مختلفِ الأديان والطوائفِ، ومن مختلف المحافظات، إضافةٍ إلى تَجمُّعٍ اللَّاجئين الفلسطينيين على مقرُبةٍ من جامع الزهراء.
لم يُسبَق لأحدٍ أن رأى حارة المِزَّة القديمة إلَّا وتُيِّم بها، فهي كصاحبة العينين السوداوين فاتنة.
المركز الصحفي السوري – محمد الحموي