ذاق الشعب السوري خلال سنوات الحرب المستمرة أشد أنواع العذاب والمعاناة في ظل انقطاع شبه كامل لكافة الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وطبابة وغيرها جراء استهداف البنى التحتية خلال الاشتباكات بين الأطراف المتنازعة في سوريا، ليكون المدنيون ضحية تلك الحرب بغض النظر عن انتماءاتهم سواء في مناطق المعارضة أو في مناطق سيطرة النظام.
ولعل أزمة المياه التي تعانيها مدينة دمشق منذ بدء النظام حملته العسكرية على مناطق وادي بردى واستهدافه المباشر والمتعمد عبر طيرانه وصواريخه المدمرة نبع الفيجة والذي يعتبر المصدر الأول لتغذية المدينة بمياه الشرب، خير دليل على تهاون مسؤولي النظام واستهتارهم بمصلحة الشعب وعدم اكتراثهم بالنتائج الوخيمة عليهم ضاربين عرض الحائط ما سيؤول إليه وضعهم مع انعدام ضخ المياه للمنازل بعد تدميرهم أجزاء واسعة من النبع وخروجه عن الخدمة، لتكون خطاباتهم وتصريحاتهم مجرد مراءاة أمام الإعلام بأن مصلحة الشعب وتأمين متطلباته في مقدمة اهتماماتهم.
ويشهد الشارع الدمشقي استياء وغضبا عارما من سياسة اللامبالاة التي تتبعها حكومتهم الموقرة والتي حاولت أن تجد حلولا إسعافية لتتدارك الوضع قبل أن تحل كارثة إنسانية من تفشي للأمراض وإغلاق معظم المدارس إثر انقطاع المياه.
كما تسبب تدمير شبكة المياه في عين الفيجة تلوث مياه النهر بالديزل والمحروقات والكلور إثر إلقاء مروحيات النظام براميل متفجرة على النبع، وإغلاقه مجرى نهر بردى ببداية الربوة وتحويله للمجرى العلوي من النهر والذي لم يكن بمقدوره استيعاب المياه لغزارتها الأمر الذي سبب فيضانات في الشارع الرئيسي وإعاقة حركة السيارات.
وقال أحد المواطنين غاضبا:” كهربا مافي ومي مافي وغاز مافي ومازوت مافي ورواتب مابتكفي أسبوع، وما في أمل يتحسن أي شي، كلو وعود عالفاضي، والعالم عم تاكل بعضا، لأيمت رح يضل هالوضع هيك، بتوقع الانفجار قادم باي لحظة”.
وبدأ تراشق التهم بين المعارضة وقوات النظام، في سعي من الأخيرة إزاحة التهمة عنها وتبييض صفحتها أمام الموالين، فقالت مصادر موالية لدمشق أن فصائل معارضة وضعت مادة المازوت في المياه، ما أدى إلى قطعها لمنع تسمم الأهالي»، واتهامات معارضين للقوات النظامية بقصف محطات الضخ الكبرى في نبع الفيجة وبثها صوراً لدمار في مبنى النبع.
وكانت أمطار الخير التي عمت أرجاء سوريا سبيل نجاة لبعض الأسر الفقيرة العاجزة عن تأمين مياه للحاجات اليومية، فمنهم من وضع أواني على شرفات منازلهم، والبعض الآخر لجأ لتجميعها في “شوادر” بلاستيكية وتعبئتها للاستعمال.
ربما لذة النصر التي ضجت بها المواقع والصفحات الموالية باسترجاع النظام لمدينة حلب بعد تهجير أهلها لم تكتمل، فها هو الشعب الدمشقي يكاد ينفجر غضبا من سياسة الإهمال والفوضى والفساد التي تسود المدينة العريقة والتي يجري ماء بردى في شرايينها وباتت عطشى بلا ماء تنتظر غيث السماء لتروي عطشها.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد