” ما الذي يدفعني إلى ترك بيتي و عائلتي و يجبرني على حمل السلاح ؟! ” هذا ما بدأ به جهاد حديثه بعد صدور قرار من النظام السوري ينص على سحب الشباب لخدمة الإحتياط.
جهاد شاب مسيحي من العاصمة دمشق، بلغ من عمره خمساً و عشرين ربيعاً تخرّج من كلية الصيدلة في جامعة دمشق و يقوم بالتدرّب عند أحد صيادلة حي ركن الدين الذي يقطن فيه.
عندما كان مناوباً في الصيدلية مع صاحبها، وقفت سيارة تابعة لقوات الأمن السوري في الحي، لينزل منها بعض العساكر و يتجهوا نحو الصيدلية، يقول جهاد أنهم عندما دخلوا إلى الصيدلية قاموا بالسؤال عن أحد شباب الحي و عند استفسار صاحب الصيدلية عن سبب السؤال أجابوه أنهم يريدون سحبه إلى خدمة العلم كونه قد تجاوز العشرين من العمر.
بعد هذه الحادثة أدرك جهاد خطورة الأمر، فبدأ بالتفكير بأنه في يومٍ من الأيام يمكن أن يواجه نفس الموقف و تقوم عناصر الأمن باقتياده و إجباره على حمل السلاح و الذهاب لخوض المعارك على جبهات القتال، الأمر الذي دفعه بالتفكير بكيفية إبعاد هذا الأمر عنه.
حاول جهاد مع والده بحل المشكلة عن طريق دفع النقود، إلا أنه لم ينجح في ذلك الأمر بسبب القرار الصارم الذي يقضي بسحب الشباب من مواليد 1973 و حتى 1997 إلى خدمة العلم.
أفادت تقارير إعلامية أن نظام الأسد عمد بشكل خاص إلى تجنيد الشبان من الطوائف الأقلية من الدروز و المسيحيين و العلويين، ناسبين ذلك إلى أن المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام منذ بدء الحراك الثوري معظمها ذات غالبية سنية.
تجنّب جهاد الخروج من منزله إلا للأمر الطارئ و الضروري جداً، و حتى عندما يخرج من منزله كان يتجنب المرور على أي حاجز تابع لقوات النظام، إذ كان يقضي ضعف الوقت الأصلي في وصوله إلى المكان الذي يريد الذهاب إليه خوفاً من سوقه.
أقدمت بعض الفصائل الثورية التي تسيطر على عدة مناطق على الأراضي السورية، إلى دعوة الشباب المتواجدين داخل مناطق النظام للهروب إليهم متعهدين إياهم بتأمين الحماية لهم من الاعتقال و السوق إلى خدمة جيش النظام، إلا أن جهاد و أمثاله من الشباب تحت السن المطلوب للخدمة كانوا يخشون القصف الذي تتعرض له تلك المناطق المحررة.
يتخبط جهاد في أمره و يقف مكتوف الأيدي تجاه هذه القرارات الصادرة بحق الشباب السوري، فالكثير من أولئك الشبّان يعتبرون المعيلين الوحيدين لأهاليهم و ذويهم و معظمهم لا يعرف كيفية استخدام السلاح و لا يستطيع الخروج خارج بلاده لعدم توافر الإمكانيات المادية و غيرها من متطلبات السفر.
حلمٌ بإكمال العمل بعد سنوات الدراسة، و ملاحقةٌ من قوات النظام للإجبار على حمل السلاح، و قصف و قتل ممنهج و حرب إبادة جماعية على الأراضي السورية، هذا ما وضع جهاد و غيره الكثير من الشباب في حيرة من أمر بلدهم الذي يعيش حالة حرب.
المركز الصحفي السوري – محمد تاج