بعد أن تكالبت علينا الأمم من الشرق والغرب لإجهاض ثورتنا الشامية وبعد أن قال العالم كلمته بالوقوف إلى جانب الظالم ضد المظلوم في أكبر وأجرأ عملية امتهان للإنسانية وأكبر عملية خرق للقانون الدولي من جهة والقانون الإنساني من جهة أخرى، ولكن ما أبداه الحلبيون من صمود أسطوري لا يشبهه أي صمود في معارك العصر الحديث، فقد وقف إخوتنا في حلب ضد أعتى عنجهية على وجه الكرة الأرضية ألا وهي روسيا وأذنابها في المنطقة ليس لتسلحهم بأقوى الأسلحة وأذكاها وليس لوقف العالم وتضامنه معهم وإنما لتسلحهم بالإيمان بالله والثقة الكبيرة بأن النصر والخلاص لا يأتينا إلا من عند الله.
واليوم تخوض روسيا وأذنابها حربًا لا هوادة فيها في حلب عنوانها الأبرز الحرب من أجل الإفناء والمقصود إفناء الشعب السوري بوجه عام والمحاصَر الحلبي بوجه خاص فبعد أن قطعت روسيا طريق الكاستيلو الشريان الإنساني الوحيد للأحياء المحاصرة بحجة قطع طرق الإمداد – للجماعة المسلحة الإرهابية – بدأت المعاناة الحقيقة للمحاصرين وتتمثل هذه المعاناة بكلمة واحدة هي (النقص) النقص في كل شيء سواء الماء أو الغذاء أو الدواء بعد أن أبدت الأمم المتحدة عجزها وأعلنت المنظمات المدنينة والإنسانية إخفاقها في إيصال أي نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.
ونتيجة لهذه الأعمال الإجرامية التي ترتقي لأن تكون جرائم حرب ضد الإنسانية سقط الناس في حلب الشهيد تلو أخيه الشهيد والشهيدة تلوا أختها الشهيدة ولم يسلم من ذالك كبير ولا صغير ولكي تكتمل فصول المسرحية في إفناء الشعب الحلبي, ونتيجة للصمود والمقاومة الأسطورية التي لم تكن روسيا وحلفاؤها تتوقعها لجأت إلى حيلة التضعيف وهي تدمير الحجر على رؤوس البشر فعمدت إلى كل ما يأمن ليس الحياة وإنما استمرار الحياة فقامت بقصف محطات توليد الكهرباء والماء وحاربت الناس بأقواتهم فعمدت إلى تدمير المخابز وقصف مخازن الطحين وآخر حلقات جرائمها كانت قصف المراكز الطبية والصحية فقامت بتدمير كل المشافي في الأحياء المحاصرة .واليوم لم يبق في حلب مشفىً واحدًا حتى مشافي التوليد دمرت فمات مئات الخدج والرضع.
هذا وتتبجح روسيا اليوم بأنها لم تقصف المنشآت الحيوية ولم تعتد على حرمة المخابز والمدارس والمشافي وكل ذالك محض كذب وافتراء لأن من أنشأ معظم هذه المنشآت وقام بتمويلها والإشراف عليها هي المنظمات الغربية وتعلم أين هي؟ ألم تعط هذه المنظمات إحداثيات هذه النقاط لروسيا؟ ولنفترض جدلًا أنها لم تعطها لماذا لم تطلب روسيا ذالك لإلقاء لائمة العالم عن كاهلها، ولكن هذا يجعلنا نجزم بأن تلك المنظمات متواطئة بشكل أو بآخر مع القاتل.
ولكن وبالرغم من ذالك سيبقى شعبنا في حلب يقاوم الظلم والطغيان والاعتداءات السافرة عليه وليعرّف العالم أنا لسنا هواة قتل وتدمير ولسنا دعاة حرب وتهجير وإنما نحن دعاة حق وسنظل نقاوم من أجل ليس بقائنا وحدنا ولكن من أجل بقاء الأمة السورية ونحن نعلم حق اليقين بأن حربنا هي حرب بقاء ووجود ولن يقتلعنا من جذورنا أي كائن من كان لأن جذورنا ضاربة في عمق التاريخ واسألوا التاريخ كم صمدت حلب وأهلها أمام أعتى العواصف. تحية لشعبنا المقاوم والرحمة لشهدائنا والصبر والسلوان لذويهم والعار والخذلان لكل من خذل ثورة الشام.
ترك برس – محمد عمر زيدان