تعرض الكثير من السوريين للموت برصاص القناصين الذين لا يستغرقون وقتا طويلا لإنهاء حياة العشرات من أرواح أولئك المواطنين في أقل من دقيقة، فمنذ بداية الثورة لجأ النظام لقنص المتظاهرين في الشوارع والجوامع، ثم انتقلوا لاعتلاء أسطح المباني خاصة في المناطق الساخنة التي تفصل بين المعارضة والنظام داخل المدن والبلدات السورية لتتحول الحياة فيها إلى حكاية رعب وكابوس مقيم لدى سكان الكثير من المناطق.
الكثير من أهالي حلب تعرضوا للقتل على أيدي قناصي “معبر الموت” المنطقة التي تقسم بين طرفي النزاع لشطرين، حيث يعرض المواطنين حياتهم للخطر للحصول على المواد الغذائية من حي بستان القصر، وفي بعض الأحيان رصاصة القناص تضع نهاية حزينة لها ويبدو المشهد وكأنه من يوم القيامة، أناس تتراكض ذهابا وإيابا وآخرون سقطوا بين قتيل أو مصاب، في حين يشعر القناص بالسعادة باصطياد فريسته.
يروي أحمد قصة القناص في حي الإذاعة: ” القناص الذي يعتلي الإذاعة إيراني ويقول أحد عناصر الجيش الحر إن القناصة التي يستخدمها تعمل على إيجاد الفريسة من خلال النبض، وبالفعل فقد قتل هنا بالإضافة إلى العشرات من المواطنين الكثير من القطط “.
لم يحتج القناص لوقت طويل كي يفكر كم استغرقت الأمهات في تربية أولئك الرجال أو النساء أو الأطفال الذين يقعون تحت رحمة رصاصه.
في مطلع الأسبوع الفائت ارتكب القناص في “زبدين” بالغوطة الغربية مجزرة بحق عائلة، حيث خرجت امرأة وأطفالها الخمسة في محاولة منها لتنجو من براثن الحصار والجوع لتجد نفسها في عين الجحيم وهي ترى أطفالها يتساقطون من حولها واحدا تلو الآخر، كلما ألقت بنفسها على صرخة مكتومة ودم ، سقط بقربها ولد آخر حتى تكوم الجميع جثثا بلا حراك، ” أحمد ورنا وفرح وهبة وشام وأمهم إيمان” قضوا جميعهم برصاص قناص لم يفكر للحظة بإنسانية وتفاصيل حياة هؤلاء الأطفال.
المئات من المواطنين في مناطق متفرقة من أحياء حلب ودمشق وحمص ودير الزور وباقي المدن السورية يعيشون بإعاقة سببها القناص، فالبعض أصيب بيده والآخر برجله أو في رأسه، حتى أن الأمر وصل لتصويب القناصين على الأجنة في بطون أمهاتهم في حي جوبر الدمشقي مقابل رهان علبة سجائر لمن يصوب على الجنين الهدف.
يلجأ سكان المناطق القريبة من أماكن تواجد القناصين لوضع سواتر من قماش سميك تمنع القناص من رصدهم وتفاديا لرصاصه هذا في الأزقة والحارات أما في الشوارع الرئيسية فتبدو وكأنها خاوية على عروشها كون القناص يقف لمن يمر بالمرصاد، لقد أصبح القناص جزءا من حياتهم اليومية، ويأخذ حيزا واسعا من تفكيرهم خاصة إذا لم يستطيعوا سحب الضحية من المناطق المكشوفة على القناص.
لم يكن القنص السبب الوحيد في موت السوريين، فقد أصبح بينهم وبين الموت حكاية حزينة في أزقة الدمار ترويها وسائل الإعلام بشكل عابر وكأنها أصبحت أمرا عاديا، ليذهب شقاء السنين التي أمضاها السوريون في تكوين بيت وأسرة في مهب الريح، ينهار في أقل من ثانية برصاصة قناص.
المركز الصحفي السوري ـ سلوى عبد الرحمن