” على رواحنا ما نسلمهن لحبل المشنقة…. لأن اليوم إذا سلمناهن بكرا رح يكون دورنا ” بهذه العبارة بدأ خالد حديثة عن استعصاء سجن حماة، في الثاني من الشهر الخامس من العام الجاري، الذي تناقلته وسائل الإعلام على شاشاتها، بعد تمكن أحد المعتقلين من تصوير الاستعصاء بعدسة جواله الذي دفع مبلغ من المال لجلبه من خارج السجن لينشر صوت المعتقلين من خلف القضبان .
قام معتقلو سجن حماة المركزي بتاريخ 2/5/ 2016 باستعصاء هو الأقوى في السجون السورية, احتجاجاً على نقل خمسة من زملائهم إلى سجن صيدنايا لتنفيذ حكم الإعدام بحقهم.
ويعقَب المعتقل سليمان الذي تم الأفراج عنة في وقت سابق على كلام زميله خالد قائلا: “طلبت إدارة السجن خمسة أشخاص لأخذهم إلى سجن صيدنايا وبعد رفض المعتقلين داخل السجن تسليم المعتقلين الخمس الذين صدر بحقهم حكم الإعدام، وبناءً على ذلك تحدث رئيس جمعية رعاية المساجين المحامي “وائل البكري” إلى المعتقلين مستخدماً اللين تارة والقوة تارة أخرى وأنه سوف يستخدم القوة العسكرية في أخذ المحكومين الخمسة، وسرعان ما تجمع المعتقلون داخل السجن وبدأوا بالهتاف عاليا وتم أسر 8 عناصر من الشرطة ورئيس المفرزة”.
النظام والمعتقلون توصلوا إلى صيغة تفاهم
قال المعتقل المفرج عنه سليمان الشامي: “بعد ساعات من بدء الاستعصاء الذي تناقلته فضائيات محلية وعربية و أخرى أجنبية، لم يستطع النظام خلال هذه الفترة اقتحام السجن؛ لأنه يعرف جيداً أنه سوف يُقتل العديد من المعتقلين ومن قواته المقتحمة, ولا تستطيع قواته استخدام السلاح داخل الزنزانات، فاكتفت قوات الأمن بإطلاق الأعيرة النارية في السماء لإرهاب المعتقلين، كما استخدمت القنابل المسيلة للدموع”.
وبدوره حدثنا “أبو محمد الحموي” عن الطريقة التي تمت للتوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين قائلا: ” حاولت قوات النظام إيقاف البث الإعلامي من داخل السجن والتخفيف من حدة الموقف التي وقعت فيه، فجاء مدير إدارة السجون برفقة المحامي العام في حماة والنائب العام للتفاوض وطمأنة المعتقلين أن حكم الإعدام قد ألغي، فتحدث معهم أحد الأشخاص وهو الأسير أبو أنس (إعلامي السجن الذي نشر معظم مقاطع الفيديو التي خرجت من داخل السجن)وقال لهم: “مطلبنا ليس فقط إيقاف حكم الإعدام، بل أن نخرج جميعنا لأننا أبرياء”، فضرب حسابات النظام بإيقاف الاستعصاء وطلبوا دخول لجنة تفاوض إلى قاعة خاصة داخل السجن، فتم اختيار أحد المعتقلين رئيسا للتفاوض، وكان يدعى أبو غالب ومعه عدة أعضاء، وفعلا وافق النظام على طلب المعتقلين مقابل إيقاف البث الإعلامي وعودة الحياة المعتادة إلى السجن.
المعتقلين رفضوا تسليم السجن خوفا على حياتهم وسبعة أيام بدون أي مقومات للحياة
أكد خالد لنا أنهم رفضوا تسليم الزنزانات ووضعوا هذا شرطا أثناء الاتفاق، وقالوا للوفود المفاوضة من قبل النظام، هذا الشرط للحفاظ على حياتنا وعدم الغدر بنا، فرد النظام على هذا المطلب باستخدام سياسة التجويع، فمنع إدخال الطعام وقطع الكهرباء والماء على الزنزانات لمدة سبعة أيام وبقينا خلال هذه الفترة بدون طعام ولا مياه, فقمنا بتقاسم كمية المياه القليلة المتبقية لدينا، فالطاعن بالسن له مخصصات أكبر من مخصصات الشباب؛ لأنه لا يقوى على التحمل.
النظام يرفع من مستوى المفاوضين لإنهاء الاستعصاء
انتقلت المفاوضات من أيدي ضباط بقيادة شرطة حماة وإدارة السجون في دمشق إلى أيدي تجار حماة والعديد من وجهاء سوريا وأبرزهم الشيخ طراد الملحم؛ لإيجاد حل ينهي الاستعصاء الذي سبب حرجاً للنظام من قبل المجتمع الدولي المتعاطف مع قضية المعتقلين، بعد ذلك حضر كل من وزير الداخلية محمد الشعار ووزير العدل نجم الأحمد ووزير المصالحة الوطنية علي حيدر إلى سجن حماة المركزي للوقوف على آخر التطورات وتوقيع الاتفاق النهائي مع المعتقلين ووعدهم بتنفيذ مطلبهم وإخراجهم من السجن على شكل دفعات بعد دراسة أوضاعهم.
وتم تسليم البوابة الرئيسية لقوات النظام وبقية الزنازين تحت سيطرة المعتقلين، وتم إطلاق سراح عدة معتقلين ولكن العدد لم يصل إلى المتفق عليه بين كلا الطرفين.
وكان حدث استعصاء مماثل منذ قرابة العشرين يوم، بسبب استفزاز رئيس محكمة الإرهاب للمعتقلين، إثر مجيئه إلى سجن حماة لدراسة أضابير المعتقلين, وطلب منهم حضور المحاكم في محكمة الإرهاب بدمشق كشرط لأخلاء سبيلهم، كما طلب مبالغ مالية كبيرة لأصحاب الأضابير الصعبة لإطلاق سراحهم، وهذه الطلبات أجبرت المعتقلين على إعلان الاستعصاء الثاني وتم أسر قائد شرطة حماة اللواء أشرف طه وعميد سجن حماه وعدة عناصر كما تم إطلاق سراحهم بعد 3 أيام، وتوصلوا لصيغة اتفاق جديدة فخرج حتى اليوم 320 معتقلا وبقي في السجن 510 معتقل.
المركز الصحفي السوري _مخلص الأحمد