أعلن السوري محمد عفيف نايفة، المعروف بلقب “حفار القبور“، عن هويته الحقيقية خلال مشاركته في المؤتمر العربي بجامعة هارفارد الأمريكية في 13 نيسان 2025، وكان نايفة يعمل موظفاً إدارياً في بلدية دمشق، لكنه أُجبر بين عامي 2011 و2018 على التعاون مع أجهزة الأمن السورية، حيث تولى مهمة دفن جثث ضحايا التعذيب والإعدامات الجماعية في مقابر سرية وأعادت شهادته تسليط الضوء على جرائم الأسد والعقوبات الأمريكية لاسيما فيما بتعلق بتطبيق ” قانون قيصر”.
ولعب نايفة دوراً محورياً في كشف انتهاكات النظام السوري، حيث قدم شهادات أمام الكونغرس الأمريكي مشيراً إلى الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها النظام بحق المعتقلين. كما ساهمت شهادته، إلى جانب الصور التي سربها المصور السوري “قيصر“، في تعزيز الجهود الدولية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
تكامل الأدلة بين “حفار القبور” و”قيصر“
يُعرف “قيصر” باسمه الحقيقي فريد المذهان، وهو مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية، قام بتسريب آلاف الصورالتي توثق جثث معتقلين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام. وقد ظهرت أكثر من 55 ألف صورة في عام 2014، مما أدى إلى صدمة عالمية، وأسفر عن ذلك فرض عقوبات دولية على النظام السوري عُرفت باسم “قانون قيصر“.
وهو ترشيع أمريكي صادرعام 2019، فرض عقوبات على النظام السوري بسبب جرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين ، يستهدف القانون قطاعات حيوية مثل الطاقة والبناء والمصارف ، ويمنع أي جهة دولية من التعامل مع النظام دون التعرض لعقوبات . استخدمت الولايات المتحدة هذا القانون كأداة للضغط السياسي والاقتصادي على النظام السوري، بهدف دفعه نحو حل سياسي شامل .
تكمن أهمية التعاون بين نايفة و”قيصر” في توثيقهما المتكامل لجرائم النظام؛ حيث قدم “قيصر” أدلة بصرية على التعذيب، بينما كشف نايفة عن تفاصيل دفن الضحايا في المقابر السرية ومنها مواقع المقابر الجماعية وأنماط الدفن وأعداد الضحايا . وقد شكل هذا التوثيق المشترك أساساً حاسماً في بناء ملفات قانونية دولية ضد النظام السوري واستخدمت هذه الشهادات كأدلة في المحاكم الدولية مما زاد من عزلة النظام المخلوع .
ردود فعل حقوقية
أثار كشف نايفة عن هويته ردود فعل واسعة من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، التي أشادت بشجاعته واعتبرت خطوته “مهمة لتحقيق العدالة للضحايا”. كما دعت جهات دولية إلى دعم الجهود الرامية لمحاكمة مرتكبي الانتهاكات أمام المحاكم الدولية.
وشهد الشارع السوري تبايناً في الرأي؛ حيث رأى بعض السوريين في كشف نايفة و”قيصر” عملاً بطولياً لفضح الجرائم، بينما اعتبره آخرون سبباً في العقوبات الأمريكية التي أضرت بالشعب دون النظام.
ومع ذلك تُعد الشهادات والصور التي قدمها الرجلان من أبرز الأدلة التي اعتمدتها المنظمات الدولية لتوثيق جرائم نظام الأسد، مما فتح الباب أمام تحركات قانونية وسياسية لمحاسبة المتورطين إذ تستخدم شهادتهما كأساس في قضايا مرفوعة أمام محاكم أوربية ضد مسؤوليين سابقين في النظام السابق، كما أنها تشكل دليلاً حياً على تحقيق العدالة الانتقالية
بقلم نور عويس