قالت الكاتبة جاني ديفيز في تقرير نشره موقع ليرنينغ مايند الأميركي إن معظم البشرية تتمتّع بحرية التعبير، ولكن ماذا عن حرية الفكر؟ بالتأكيد نحن نتحكّم بأفكارنا ولا شيء يمكن أن يؤثر عليها ولا يمكن لأحد أن يتعمق في أذهاننا لمعرفة ما نفكر فيه، غير أننا نتعرّض للتأثير، فكيف يحدث ذلك وماذا يمكننا أن نفعل حياله؟
أهميّة حرية الفكر
لا شك في أن نظرية العقل هي التي تميزنا عن باقي الحيوانات الأخرى وتمثّل القدرة على التفكير ومعالجة الأفكار، مما يجعلنا بشرا، لكن ما الذي تعنيه الأفكار؟
في الواقع يتيح لنا التفكير فهم العالم من حولنا، وما الأفكار سوى إحدى نتائج هذا التفكير التي قد تتمثّل في تعاملنا مع العواطف وتخطيطنا للمستقبل أو أحلام اليقظة.
وتؤثّر في هذا الشأن الكثير من الأشياء على أفكارنا، مثل حواسنا وتجاربنا السابقة وعائلتنا وأصدقائنا، أي كل شيء من حولنا.
وتعدّ الأفكار مهمة نظرا لأنها تؤدي إلى اتخاذ القرارات والإجراءات التي تؤثر علينا في حياتنا اليومية، مثل اختيار ما سنتناوله على الغداء والشخص الذي ستصوّت له في الانتخابات، لذلك تعدّ حرية الفكر ضرورية ولا نريد لأي شخص أو شيء أن يؤثر على طريقة تفكيرنا؛ إلا أن الأبحاث تظهر أن ذلك يحدث بالفعل.
وأشارت الكاتبة إلى أن العلماء حقّقوا تقدّما كبيرا في مجال علم النفس خلال العقود القليلة الماضية، وأصبح هناك 265 تشخيصا للاضطرابات النفسية الفعلية في القرن الحادي والعشرين، ويتوجّب علينا أن نعرف كيف يمكن المساس بحرية الفكر، لكن بدلا من ذلك يُستخدم هذا التقدم في فهم العقل البشري من أجل تقييده.
وعلاوة على ذلك، تختلف الطريقة التي تعمل بها التكنولوجيا اليوم مقارنة بما كان عليه الحال قبل عقد من الزمن، بينما تتلاعب هذه الابتكارات التكنولوجية بأفكارنا على الرغم من أننا نعتقد أننا نحظى فعلا بحرية الفكر.
التفهّم النفسي
يعدّ فهم الطريقة التي نفكّر بها أمرا بالغ الأهمية في حال رغب أي طرف في التلاعب بهاو، إذ يعلم خبراء علم النفس في الوقت الراهن كل ما يتعلّق بهذه التحيزات العقلية وكيفية اتخاذ القرارات وما الذي يؤثر على سلوكنا. وتستخدم كل خدعة نفسية ممكنة في زيادة نسبة مبيعات الشركات، بدفع زبائنها للشراء بشكل متكرّر.
وأوضحت الكاتبة أن كل من يعرف هذه الطرق يمكن أن يستخدمها لصالحه، على غرار السياسيين ومواقع التواصل الاجتماعي والعلامات التجارية الكبرى، وتستغل في هذا الشأن العلامات التجارية الكبرى التوجّه الفكري للعميل من خلال شعاراتها ورموزها.
تلاعب مواقع التواصل
وأوضحت الكاتبة أن مؤسس فيسبوك واجه الكثير من المتاعب عام 2014 خلال حديثه عن مواقع التواصل الاجتماعي، واعترف بإجراء “تجربة مزاج” على مستخدميه، ووجد أنه من خلال نشر معلومات معينة على صفحات الأشخاص فإنه يستطيع جعلهم يشعرون بمزيد من الإيجابية أو السلبية.
وعلى الرغم من أننا عادة ما نفترض أن الفيسبوك لا يتعمد التحكم في شعورنا، فإن ذلك مجرد غيض من فيض.
وبيّنت الكاتبة أن فيسبوك ضمّ مؤخرا شركة “قراءة للذهن” تعمل على صنع سوار بإمكانه فك شيفرة الإشارات الإلكترونية من الدماغ، تهدف إلى التحكم بالحاسوب الخاص بكل شخص عن طريق عقله.
في المقابل لا تعد فيسبوك الشركة الوحيدة التي تستخدم تكنولوجيا قراءة الأفكار، فهناك شركات كبرى أخرى لتكنولوجيا الحاسب على غرار مايكروسوفت التي تعمل كذلك على تجميع أفكارنا وتقييد حريتنا في هذه العملية.
وأكّدت الكاتبة أننا نتأثر بمواقع التواصل الاجتماعي وأن الكثير منا يحصلون على الأخبار من مصادر على الإنترنت عوضا عن الإصدارات الورقية، وهو ما يجعلنا عرضة للتلاعب.
التفكير السريع
وفسّرت الكاتبة أننا عادة ما نتفاعل بشكل غريزي وبسرعة بسبب جزء في دماغنا يقوم بعمليات عقلية سريعة لحماية حياتنا، وساعد ذلك أسلافنا على اتخاذ القرارات بسرعة لإنقاذ الأرواح، غير أننا لا نحتاج في المقابل إلى هذا التفكير في الوقت الراهن لأنه يعتمد على الصور النمطية القديمة.
وأضافت الكاتبة أننا يمكننا إيقاف هذه التحيزات من خلال أخذ قدر معقول من الوقت للتفكير ثم اتخاذ القرار، وبهذه الطريقة نقيم جميع الأدلة ومن ثم نتخذ خيارا صحيحا. وفضلا عن ذلك يمكننا اكتشاف المتلاعبين بسهولة إذا كان لدينا فهم أوضح لكيفية عمل عقولنا.
وتقول إن من الصعب ألا تشعر بالرضا على الفور عندما يتوافق شخص ما معك، ومن الصعب للغاية التوقف وتحليل طريقة تفكيرك، في حين أن من الضروري أن نضمن حريتنا في تطوير أفكار أصلية وشخصية، حتى نعلم ما إذا كانت الخيارات والقرارات التي نتخذها نابعة من ذواتنا الحقيقية.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية