ويُبيّن الشهيلي أن السياسيين والأحزاب أدركوا تلك الأهمية، وهو ما جعلهم يتوجهون إلى إعلاميين وصحافيين لكسبهم إلى جانبهم، والاعتماد على بعضهم في إدارة مواقعهم وصفحاتهم الشخصية.
ووفقاً لما يؤكده الشهيلي، الذي عمل لفترة في مؤسسة إعلامية يدعمها سياسي معروف، فإن “السياسيين تعلموا الدرس جيداً، وعَلِموا أهمية مواقع التواصل الاجتماعي، ولأجل ذلك بعض السياسيين أدخلوا أشخاصاً من أتباعهم في دورات خاصة بعضها خارج البلاد؛ بهدف تعلم طريقة إدارة الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي”.
ويشدّد الصحافي الشهيلي على أن تسمية “حرب” لتأسيس هذه الصفحات وإدارتها “حقيقة حية؛ فهؤلاء عملهم يتنوع بين نشر فضائل السياسي أو الحزب، بطرق وأساليب احترافية لا سيما في حال تعرض لانتقادات شديدة أو فتح ضده ملف فساد، وهم يعتبرونها حرباً وقد سمعتها مراراً من قبل مدراء حملات انتخابية”.
ويضيف: “يتخذ هؤلاء الموظفون المدربون مواقعهم ويبدأون بحملات تشمل تشويه سمعة شخصية أو جهة سياسية، وإظهار مشاكل في أداء جهات حكومية، والتلويح بملفات فساد” لافتاً النظر إلى أن “الجهة المقابلة تعلم جيداً أنها مستهدفة ووفقاً لذلك يجري تسوية الأمر بطريقة ما، غالباً تكون مادية، أو تبادل مصالح”.
ومن جهة أخرى أكد الشهيلي، أنه “ومن خلال حملة موسعة يقودها عدة أشخاص يعملون لشخصية أو جهة سياسية، يتنكرون بعدد كبير من الأسماء الوهمية، يُحدثون ضجة حول قضية ما أو عدد من القضايا، يُشغلون بها الناس عن القضية الأهم التي تتعلق بالشخصية أو الجهة التي توظفهم في حال تعرضت إلى حملة تسقيط أو تشويه سمعة وما إلى ذلك”.
تهديد بالخطف
بعد نشرها مقطعاً مصوراً على صفحتها الشخصية في “فيسبوك” يُظهر إساءات يرتكبها عناصر من مليشيا “عصائب أهل الحق” التابعة لـ”الحشد الشعبي” وصل نورا علي تهديد بالخطف، ثم تعرضت صفحتها لعملية قرصنة “تهكير”. تقول وهي تتحدث لـ”العربي الجديد” إنها اضطرت إلى إنشاء صفحة جديدة.
وتضيف نورا، وهي موظفة في وزارة التربية: “في صفحتي الجديدة في “فيسبوك”، لم أضف سوى أقاربي وبعض صديقاتي المقربات. لقد أخافني التهديد، وأكثر من ذلك تهكير صفحتي”.
نورا لا تعتقد أنها مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي “حتى أن عدد أصدقائي لا يتجاوز 400 شخص. إنه أمر محيّر هل أنا مؤثرة لهذه الدرجة أم أنهم يريدون إرهاب من يتناول الحقيقة؟”.
وتضيف: “إن كان الأمر متعلق بإخافة الآخرين ومنعهم من نشر كثير من الحقائق التي تكشف إساءاتهم فقد نجحوا بذلك؛ فقد قررت عدم الخوض في مثل هذه التفاصيل. إنها بالتأكيد مرعبة بالنسبة لي”.
وتنتشر على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” صفحات لمجاميع تحمل تسميات تشير إلى أنها لمحبي هذا السياسي أو لأنصار حزب من الأحزاب، فيما تنشط صفحات تؤكد هويتها الطائفية من خلال اعتماد شعارات أو صور معينة توضع في محل الصورة الشخصية.
تلك الصفحات التي غالباً ما تحمل اسماً وهمياً تستهدف في أحيان ناشطين بعينهم، ومحاولة استفزازهم، بحسب الخبير في “السوشيال ميديا” هارون العابد.
ويؤكد العابد في حديثه لـ”العربي الجديد” أن “الصفحات الوهمية مكشوفة؛ إنها تُعرف من خلال الاسم التعريفي أو الصورة الشخصية، وغالباً هم يفضحون أنفسهم”.
ويستطرد: “بمجرد قراءة بعض التعليقات التي ترد على مقالات لناشطين تكتشف أن أصحابها مزيفون، ويعملون لصالح جهة معينة، فعند الدخول إلى صفحاتهم نجدها تعمل في سياق واحد هو إما نشر ما يمجد جهة ما، أو يسيئ إلى جهة ما، دون أن نجد منشوراً نافعاً”. ويضيف: “يوماً بعد آخر صارت مواقع التواصل الاجتماعي تمثل لدى كثيرين الجبهة التي من خلالها يحاولون فرض انتصاراتهم، لا شك أن بعضهم يعتبرها حرباً وعليه تحقيق النصر في ساحات مواقع التواصل الاجتماعي”.
ويُبيّن أن “فرقاً مخصصة لهذا العمل، بعضهم يعتمد على صناعة فيديوهات صغيرة وعمل دوبلاج للصوت في مقاطع فيديو، وعمل مونتاج لأحاديث سياسيين بجعلها ساخرة لأجل تسقيط آخرين”، مؤكداً أن “ما يثبت أن هذه الصفحة مزورة وتعمل لصالح جهة معينة عدم حصولها على متابعين أو تجد الأصدقاء شخصاً أو عدداً لا يتجاوز العشرة”.
العربي الجديد