أشارت مجلة «نيويوركر» الأميركية إلى مقال لروجر كوهين نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية الأسبوع الماضي تحت عنوان «الإسلام والغرب في حالة حرب» يسخر من الادعاء بأن الغرب ليس في حرب مع الإسلام. وتساءل كوهين في مقاله: كيف تكون هذه حرباً ضد العالم الإسلامي في حين أنها قاصرة على 5 بلدان يسكنهم أقلية من إجمالي المسلمين بالعالم، وغالبية المسلمين في تلك الدول الخمسة ليسوا هم العدو؟
وأضافت المجلة: في نفس اليوم نشرت مجلة «أتلانتيك» الأميركية مقالا للكاتب جرايم وود يرد فيه على موقف الرئيس باراك أوباما ويقول: إن تنظيم الدولة الإسلامية إسلامي؛ بل وإسلامي للغاية. وظهر المقال مباشرة بعد استضافة الرئيس أوباما مؤتمر التطرف العنيف، والذي رفض فيه مرة أُخرى تسمية التنظيم أو أي متطرفين آخرين بالإسلاميين.
تشير المجلة إلى أنه في حين أن هناك العديد من الأسباب الوجيهة تجعل من أي رئيس حكيم لا يرغب في تسمية التنظيم بالإسلاميين، توجد أيضاً أسباب عِدة تجعل العديد من علماء الدين ينظرون للقضية بشكلٍ مختلف. على مر العصور مرت كل الديانات بتغيرات كثيرة، وأنبتت العديد من الفِرَق. وبناءً على تاريخها جميعاً، نستخلص قاعدة مشتركة بينها، وهي: إذا كانوا يدعون أنهم مسلمون أو مسيحيون أو بوذيون، وفي نفس الوقت لا يرفضون المبادئ الأساسية لديانتهم، إذا هم صدقاً ما يدعون! وبهذا المنطق، الأم تريزا وديفيد كوريش كلاهما مسيحيان. لِذا، فتسمية تنظيم «الدولة الإسلامية» بالإسلامية ليس جديداً بما يكفي ليصنع خبراً.
وتشير المجلة إلى أن الأصوات الأعلى دائما هي تلك التي تصور الإسلام نفسه على أنه بشكل أو بآخر هو المشكلة، وهكذا سوف تجد أنه من الأسهل الاستشهاد بمقالات مجلة «أتلانتيك» الليبرالية، وإذا هم بصدد التمادي ووصفها بأنها حرب بين الغرب والإسلام نفسه، بإمكانهم أن يستشهدوا بما تقوله النيويورك تايمز الليبرالية أيضاً.
إن هؤلاء المُصرين على ربط الإرهاب بالإسلام يزعمون أنهم يصرحون بهذا الربط لأن من خلاله فقط يمكنهم رؤية حقيقة المشكلة «على ما هي عليه».
عندما يقول المجندون في التنظيمات الإرهابية: إن الغرب يشن حرباً على الإسلام، فهم يستشهدون بسياسات الولايات المتحدة كالغارات الجوية ضد «الدول الإسلامية» أو سجن المسلمين في معتقل جوانتانمو، أو الحروب في العراق وأفغانستان، أو الدعم الأميركي لإسرائيل.من الواضح أنه لا ينبغي لنا أن نتخلى عن أي سياسة لمجرد أن أعداءنا ينتقدونها. ولكن، عندما تساعد سياساتنا أعداءنا في التجييش ضدنا، فعلى الأقل يتوجب علينا إضافة ذلك لحسابات التكلفة والمنفعة.
من الطبيعي أن تكون هناك العديد من العوامل الأخرى التي تغذي قنوات التجنيد الجهادية: كالاختلال السياسي والاقتصادي في بعض الدول العربية، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمسلمين الأوروبيين… وهكذا. قد يكون نفوذنا في السيطرة على هذه العوامل وتغيرها أقل عند مقارنته بقدرتنا على استخدام الهجمات العسكرية، لكن تظل تلك العوامل جديرة بالفهم والعمل على تغييرها.
ولعل أكبر المشكلات مع آراء كوهين التي نقلها وود في مقاله، وخصوصاً تلك الآراء التي تتسرب إلى فوكس نيوز وغيرها من وكالات الأنباء أنه يتم تبسيطها لدرجة التشويه. عندما يفكر الناس بالتطرف على أنه تعبير أصلي عن الإسلام، حينها يبدو عداء المسلمين المتطرفين كأنه ذاتي تلقائي، تحركه قوة الدوافع الجوهرية للإسلام نفسه -كما لو أنه عداء الدافع فيه لا ينبع من زخم أية عوامل دنيوية سواء اجتماعية اقتصادية أو جغرافية سياسية.
وفقاً لتلك النظرة، يمكنك أن توقف مثل هذا العداء – إن لم يكن القضاء عليه بالكامل- لكن، فقط باستخدام القوة المادية المضادة؛ أو بعبارة أخرى: عن طريق قتل الكثير من الناس. وليس من قبيل الصدفة أن المعلقين في الإعلام الذين يرفضون محاولات فهم «الأسباب الجذرية» للتطرف، هم أنفسهم يميلون للتأكيد على الربط بين التطرف والإسلام، وغالباً، هم من يفضلون ردود الأفعال العنيفة لمواجهته.
ذكرت شبكة «سي بي إس» أنه للمرة الأولى يؤيد %57 من الأميركيين في استطلاع رأي عام إرسال قوات برية لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. إن حرب العراق هي السبب الأول في نشأة التنظيم الذي هو نِتاج عوامل التدخل العسكري الأجنبي، ولاسيما عوامل تاريخية وسياقية»، وأضاف أنه: «لا يوجد هناك شيء مُحدد سلفاً في الإسلام من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى ظهور مثل هذه التنظيمات».
يقول وود: إن الغالبية العظمى من المسلمين أنفسهم ينبذون التنظيمات المتطرفة بينما لم يَنفِ دور العوامل الاقتصادية الاجتماعية والسياسية في التطرف الديني.
تلك العملية برمتها تتغذى على بعضها. فكلما ازداد رعبنا، كلما تعاملت حكوماتنا بضراوة عمياء تؤدي بالأساس لنشأة تنظيمات متطرفة. وعلى الأرجح كلما اعتدى متطرفو الغرب على المساجد وتشويهها كلما ساعد ذلك التنظيمات المتطرفة في تجنيد مسلمين أكثر، وبالتالي يؤدي ذلك إلى ردود أفعال أفظع في الغرب أو حتى في الشرق الأوسط، وهكذا. فيبدو المشهد الكلي وكأنه أشبة بصدام الحضارات بين الغرب والإسلام.
العرب القطرية