أصبحت منطقتي الساحل وجبال اللاذقية من أهم المناطق الاقتصادية لأنها محطّ انظار تجار الحروب ومطامع الدول الأجنبية وخاصة روسيا وإيران بالإضافة الى مركز عصابات التشبيح ومافيا المخدرات من آل الأسد ومخلوف وأشياعهم والتي تؤمن لها الأحراج والسواحل البيئة المناسبة لعملها من حيث تأمين الحماية الطبيعية من خلال التضاريس الجبلية وكثافة الأحراج، وكذلك قربها من البحر الذي يمكنها من استيراد وتصدير المخدرات والسلاح وغيرها من النشاطات التجارية غير القانونية.
الجميع يعلم أن أغلب الأحراج في الساحل والجبل من تلكخ و وادي النصارى على الحدود اللبنانية إلى كسب شمالا على الحدود التركية, مرورا في مناطق مصياف والغاب و القرداحة وجبلة و صافيتا وبانياس و صلنفه واللاذقية , تحوّلت إلى معسكرات تدريب ومستودعات لسلاح الميليشيات الطائفية وشبيحة الأسد، كما أن أغلب أصحاب رؤوس الأموال المؤيدين للنظام من حلب وحماة ودمشق و غيرها من المناطق استقرّوا في المناطق الساحلية والجبلية, منذ بداية الثورة ونقلوا تجاراتهم ومعاملهم وأموالهم إليها، فمن الطبيعي أن تتغيّر الجغرافية لتستوعب التغيير الاقتصادي و الاجتماعي فكانت الحراج هي الضحية؟
كما أن الاستثمارات السياحية الروسية الممنوحة لهم من قبل بشار الأسد بموجب العقود الموقعة بينه وبين الشركات الروسية تسببت بتسارع السباق بين الروس والإيرانيين للاستيلاء على المنطقة, لاسيما وأن الانتشار الواسع للإيرانيين في المنطقة يهدف لتغيير عقائد ما تبقى من أهلها, من خلال عمليات التشييع بالإضافة الى بناء مراكز قوة قريبة من البحر لتكون نقاط متقدمة لتنفيذ أي عمليات في المنطقة لخدمة المصالح الإيرانية على غرار ميليشيات حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق.
هذه المقدمات أصبحت من المسلمات كونها أمر واقع لا يخفى على أحد تقودنا الى الاستنتاج الوحيد أنه كلما احتدم الصراع على هذه المنطقة بين الأقطاب المذكورة آنفاً يلجأ الخائفون منهم من الإقصاء إلى تغيير قواعد اللعبة الى قاعدة ” الشراكة وإلا عليّ وعلى اعدائي ” وإشعال الحرائق إحدى وسائل إرسال الرسائل بين الأطراف المتصارعة, والتي يغلب عليها فكر العصابات الإجرامية التي لا تأبه لا لحياة البشر ولا لقيمة الأرض والشجر فمصالحها فوق كل اعتبار.
أما طريقة توزيع الشراكات بين هؤلاء ستكون بـــ”القانون ” المعمول به عند سلطات النظام حيث أن هذا القانون أعطى لوزير الزراعة صلاحيات واسعة للتصرف بأراضي الحراج وأراضي أملاك الدولة في المنطقة، حيث يملك صلاحية التأجير وإبرام عقود الاستثمار ومنح التراخيص بالبناء والأشغال بمعنى آخر فهو الأمر الناهي بالتصرف في هذه الأملاك والتي تشمل بطبيعة الحال الشواطئ.
يمكن ولمعرفة من قام بحرائق الحراج في الساحل البحث في سجلات وزارة الزراعة ومعرفة عدد وأصحاب طلبات الاستثمار والإيجار وطلبات المبادلة وترقين إشارات “الحريق ” الموضوعة على الأراضي، الموجهة الى وزير الزراعة صاحب الصلاحيات التالية بموجب القانون 6 لعام 2018 ” قانون الاحراج “:
1- يمكنه نقل ملكية أراضي حراج الدولة التي تتعرض للحريق إلى ملكية الإدارات المحلية المادة ” 14/د ”
2- تحديد شروط أعمال التفحيم وإشعال النيران في الأراضي الحراجية المادة ” 15 “.
3- منح الأذن بإقامة الابنية السكنية على الأراضي الحراجية الخاصة المجاورة لحراج الدولة المادة “17 ”
4- منح إجازات استثمار الأراضي الحراجية بالتعاون مع وزير السياحة ووزير الإدارة المحلية المواد ” 22- 23-24- ”
5- ترقين إشارة ” حريق ” المانعة من التصرف عن الأراضي الحراجية الخاصة المادة “25/ ب “.
6- إجراء المبادلة بين الحراج الخاصة أو الأملاك الخاصة وبين حراج الدولة أو أملاك الدولة المادة ” 47 ” .
إن كل هذه الصلاحيات الممنوحة لوزير الزراعة كافية للإطاحة بأملاك الدولة كلها وليس الأراضي الحراجية فقط , كونه عاجز عن رفض طلب من هذه الطلب لأصغر شبّيح في البلاد, فما بالنا برفض طلبات عُتاة الاجرام والتشبيح في ظل فوضى عارمة ودولة فاشلة تسيطر عليها عصابات من الشبيحة التي لا يهمها شيء سوى السلب والنهب والتدمير وتتحكم فيها القوى الأجنبية كروسيا وإيران.
/12/10/2020/
المحامي عبد الناصر حوشان