كذب أكثر، وتخدير أعمق، وإشاعات أوسع، ودجل ونفاق أرقى، تلك هي سياسة الأمريكان في سورية .
فالأمريكان بالمعية الصهيونية يحققون مكاسب كبيرة، لم يكونوا يتوقعونها سهّلها لهم الأخرق الغبي الصبي بشارون الأسد.
الإسرائيليون حققوا مرادهم بالوصول إلى العمق العربي، ووصلوا إلى النيل سابقا من خلال تحالفهم مع إثيوبيا ودعمهم لها بكل أشكال الدعم الاقتصادي من خلال إشادة سد النهضة، وإقامة المشاريع الزراعية على ضفافه، وتحديث النظام الاقتصاد الأثيوبي المصرفي، وتحجيم مصر، وتحديد كمية المياه الواصلة لها بينما السودان يرزح تحت مطرقة المحكمة الدولية المفروضة على رئيسه التي تحد من حركته كثيرا رغم السماح له بالتجول في بعض البلدان.
ولو وجدت إسرائيل أن البشير يمانع من وصولها للنيل لفرضت على الدول المستقبلة له تسليمه فورا للمحكمة الجنائية لكنها بهذه الطريقة يتم الضغط عليه للقبول وبالتالي نرى أنها حققت جزءاً من شعارها وهدفها العام “حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل”.
ويبقى الجزء الآخر فكيف سيتم تحقيقه، عملت أمريكا ومن خلقها إسرائيل على إنشاء ودعم وتقوية تنظيم الدولة بمختلف الأساليب واستفادت من وجود مقاومة عراقية حقيقية فغذّت وزرعت عناصر لها استخباراتية، لديهم من الإمكانات الشيء الكثير فكانت حركة تنظيم الدولة ومعظم معاركها تتم في المنطقة الشرقية لسورية المحيطة بالفرات وهو الجزء الثاني من الحلم الإسرائيلي وهي المنطقة الهشة القريبة من الامتداد العراقي، فعملت على مد التنظيم بكل أسباب الحياة وتركته يعمل بهدوء على أساس أنه دولة إسلامية تطبّق الشرع الإسلامي وتعيد الحقوق لأصحابها داخل تلك المنطقة حتى يكسب محبة الأهالي وودهم، باعتباره دولة الخلافة وأنه لا حقوق ضائعة مهدورة ولا خلافات حاصلة بوجود الدولة الإسلامية فهي جاهزة لإيقاف كل التجاوزات .
فعندما يستتب لتنظيم الدولة الأمن وتمتلك المنطقة، وتحارب فصائل الجيش الحر وتزيلها من الوجود، يبدأ الفصل الآخر من وصول إسرائيل للمنطقة فيعمدون لاستخدام كل الأوراق التي بأيديهم بدءا من الورقة الكردية وانتهاء بورقة الحرب على الإرهاب ألا وهي تنظيم الدولة/صنيعتهم فيقومون بالحشد الكبير لما يسمى تحرير الرقة بحيث يكون هناك طوق كبير مصطنع على التنظيم من كل الجهات ما عدا الجهة الشرقية الواصلة للحدود العراقية كي ينسحب في ذاك الاتجاه.
الآن بمن سيتم التعويض عن التنظيم لحظة خروجه؟ هناك احتمالات متعددة واتفاقات من تحت الطاولة؛ إرضاء لكل الأطراف الدولية والإقليمية.
فإمداد “أحمد الجربا” بوسائل القوة وإعلانه عن تشكيل تجمّع سياسي له ذراع عسكري والسماح له بالعبور لسورية عن طريق تركية يوضح لنا لماذا اتخذ الجربا المواقف السابقة التي أعلنها ويبرهن لنا بمزيد من اليقين عن الدور الذي سيلعبه الجربا مستقبلا، كذلك الزيارات المتعددة لمسؤولين أمريكان على مستوى عال للقسم الشرقي من سوريا ولقائهم بصالح مسلم وإعلان إشاعة تحرير الرقة من داخل معقل الكرد له دلالاته الكثيرة.
كذلك من ضمن نقاط الاتفاق المتوقعة إبعاد الكرد عن الجنوب التركي مقابل مساحة تعطى لهم قريبة من الرقة تعتبر ظهر خلفي لحماية المصالح الإسرائيلية التي بالأصل لديها –إسرائيل- عناصرها الاستخباراتية والعملياتية داخل التنظيمات الكردية، وتدير كل معارك هذه الميليشيات.
خلاصة القول إن ما يشاع أنه معركة تحرير الرقة من تنظيم الدولة ومحاربة الإرهاب ما هو إلا تحقيق الجزء الثاني من الحلم الإسرائيلي بالوصول إلى الفرات.
حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل.. والدم السوري قربانا لتحقيق هذا الحلم.
المركز الصحفي السوري– حسام نجار