أجمع العديد من الشخصيات السورية المعارضة للنظام السوري ورأس هرمه “بشار الأسد”, على وضع العديد من إشارات الاستفهام حول أداء المبعوث الأممي إلى سوريا “ستيفان دي مستورا”, واعبّروا في العديد من المقالات الصحفية واللقاءات على شاشات الإعلام العربية والدولية عن عدم رضاهم ورضا الشارع السوري عن أداء ديمستورا في إيجاد الحلول العادلة للخروج من مأزق الحرب الدائرة في سورية منذ ما يقارب خمس السنوات وحتى الآن.
وظل السوريون الثائرون في الداخل ولفترات طويلة لا يعيرون أي اهتمام لأي جهود يقوم بها المبعوث الأممي إلى سوريا “ديمستورا”, انطلاقاً من مبدأ فشل جهود المبعوثين السابقين “كوفي عنان” و”الأخضر الإبراهيمي”, وإيماناً منهم بحتمية عدم التزام النظام السوري بأخلاقيات التجاوب والتفاوض معهم ومع أي وسيط آخر كالمبعوث الدولي أو الموفد الأممي وقيامه بالالتفاف على جميع الدعوات والمساعي الدولية للجلوس إلى طاولة المفاوضات لإجراء عملية الانتقال السياسي الكامل للسلطة في سورية, بل إمعان النظام في استخدام أساليب الكذب والخداع والمماطلة ساهم إلى حد بعيد في تمييع قضية ودور المبعوث الأممي في نظرهم “الثوار”, خصوصا أن هذا المبعوث لا يمتلك أي وسيلة من وسائل الضغط التي من شأنها إجبار النظام للنزول عند رغبته التي من المفترض أن تكون معبرة عن رغبة المجتمع الدولي ومجلس الأمن وجمعية الأمم المتحدة في إيجاد حل عادل وشامل للصراع الدائر في سورية.
ولكن المشهد الجديد اليوم الذي يثير مخاوف السوريين ويزيد من توجساتهم حول دور المبعوث الأممي إلى سوريا, هو دعوة “ستيفان دي مستورا” ما يسميه بالمسلحين الخروج من حلب الشرقية “المحررة”, مخاطباً بذلك مقاتلي “جبهة فتح الشام”, التي يقول السوريون إن أعدادهم لا تزيد عن بضع مئات داخل حلب الشرقية من أصل أكثر من ثمانية آلاف مقاتل ينتمون إلى مختلف الفصائل العسكرية لقوى الثورة في المدينة, نزولاً عند رغبة النظام السوري وروسيا بإخراج جميع المسلحين من حلب وتسليمها لقوات النظام ومليشياته بما يشبه إعلان الاستسلام في المدينة, والحجة جاهزة دوماً: “الإرهاب”!
واليوم يعرض “ديمستورا” على وزير خارجية النظام “وليد المعلم” حلاً يقضي بانسحاب المقاتلين المعارضين إلى خارج مدينة حلب الشرقية وبقاء الإدارة المدنية الذاتية على حالها داخل تلك الأحياء في استجداء واضح منه لرضا النظام بالقبول بهذا المطلب, بعيداً عن أي اعتبار لرأي الثوار أنفسهم داخل المدينة بل وحتى لرموز المعارضة السياسية بالكامل.
ولأن النظام يشعر بالقوة اليوم نتيجة الغياب التام للموقف الدولي الرادع لجرائمه داخل حلب, والدعم الكبير له من روسيا وإيران, يرفض هذا المطلب ويصر على إسقاط الثورة تماماً داخل المدينة, ولكن السؤال يبقى:
لماذا يكيل “ديمستورا” بمكيالين؟!
وهو يعلم تماماً بوجود تلك المليشيات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب قوات النظام في حلب وتشاركه حصار المدنيين داخل المدينة, وبالتالي يشرّع ديمستورا وجودهم على الأرض السورية بينما ينكر وجود الثوار الحقيقيين أصحاب الأرض والوطن.
هل فعلاً يعبّر ديمستورا عن وجهة النظر الخفية للمجتمع الدولي كاملاً بالانحياز الواضح إلى النظام السوري والعمل على إبقاء الثورة السورية يتيمة كما ولدت؟
ربما تكون المسألة كذلك! وهذا ما يبرر توجس السوريين من دور “ديمستورا”!
المركز الصحفي السوري-فادي أبو الجود