أكثر من أربعة أعوام مضت على انطلاقة الحراك الثوري السوري، عائلات لاقت حتغها و عائلات تشرّدت و أخرى نزحت خارج حدود البلاد علّهم يجدون مأوى لهم بعيداً عن منازلهم و شوارعهم التي تدمرت بفعل الحرب.
أطفالٌ بلا مأوى و أقدام عراة تلامس الأرض، هو حال صغار السوريين في لبنان و الأردن و دول الجوار بعد أن أقدم أصحاب المحلات و الدكاكين في استغلال اللاجئين السوريين الذين قدموا إليهم للبحث عن فرص عمل تسد رمقهم و تقضي حاجات عائلاتهم.
في الأردن بلغ عدد اللاجئين السوريين ما يقارب الـ 629 ألف لاجئ يعيش 20% منهم في المخيمات، و في العراق 249 ألفاً رغم الوضع الأمني المزري التي تعيشه العراق في ظل الصراع الطائفي و اعتداءات تنظيم الدولة الذي دفع بالعراقيين أنفسهم للجوء، و في مصر بلغ عدد اللاجئين السوريين حوالي 132 ألف لاجئ حيث عرض الملياردير المصري نجيب ساويرس و الذي يعتبر من أغنى رجال الشرق الأوسط شراء جزيرة يونانية أو إيطالية ليطلق عليها اسم الأمل ليقطن فيها اللاجئين حسب ما أوردت أحد الصحف المصرية.
أكثر من مليون لاجئ سوري يقيمون في لبنان نصفهم من الأطفال حسب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بلغ عدد الأطفال الذين يبلغون سن الدراسة ما يقارب الـ 400 ألف طفل، مما يعني أن عددهم قد فاق عدد الأطفال اللبنانيين في المدارس اللبنانية العامة، إذ فتحت المداس اللبنانية لنحو 100 ألف لاجئ فقط لكن القدرة على الاستيعاب باتت محدودة للغاية.
تيم طفل سوري يبلغ من العمر 12 سنة، نزح مع عائلته من ريف دمشق لتصل فيهم رحلة النزوح إلى الأردن، وجد عملاً بعد جهدٍ شاق في أحد الأفران الأردنية الخاصة ليلاقي هناك التعب و المشقة، فحسب ما يروي أن صاحب الفرن يوكل إليه أكثر الأعمال جهداً و صعوبة، فضلاً عن الكلام الذي يوجهه إليه كونه لاجئ و نازح من بلاد أخرى، ليتقاضى بضعة دنانير في آخر كل أسبوع لا تكفيه لقضاء حاجاته أو لمساعدة أسرته.
أرضهم الرصيف و سقفهم السماء و أحياناً قطعة قماش بالية كبيرة تأويهم من أمطار الشتاء، هذا هو بيت الأطفال في مخيمات النزوح التي أقامتها حكومات الدول العربية المجاورة متناسين ما قدّمه السوريون في أزمات الشعوب العربية التي حلّت بها، فعندما لجأ اللبنانيون و الفلسطينيون إلى سوريا فتح لهم السوريون بيوتهم و أسكنوهم معهم معتبرين أن قضيتهم واحدة و هم شعب عربي واحد.
معاملةٌ قاسية و تشرد و معاناة في دول النزوح، فضلاً عن حرب إبادة جماعية يتعرضون لها في بلدهم الأم، كل ذلك أمورٌ أدّت لأمراض نفسية لدى السوريين و حالات ذعر بين الأطفال نتيجة ما يسمعونه و ما يلاقونه.
كما نُشر على مواقع التواصل الإجتماعي عدة مقاطع مرئية و فيديوهات لكيفية تخويف الأطفال السوريين و تعذيبهم و ترهيبهم بالسكاكين و الأسلحة البيضاء، مما أضفى عقداً نفسية كثيرة لدى الأطفال النازحين ليصبحوا خائفين من أي شيء يمكن أن يعترض يومهم.
أم محمد أم لأربعة أطفال نزحت مع عائلتها إلى أحد المدن في لبنان تقول: ” طفلي عمر الذي يبلغ السابعة من العمر، أصبح عندما يسمع أي صوت قوي أو صوت فرقعة يركض على الفور و يفتح خزانة الملابس ليختبئ بداخلها ظناً منه أن ذلك صوت لإطلاق رصاص أو قذيفة سوف تستقر في منزله كما حصل أمام أعينه عندما كان عائداً من المدرسة في مدينته حمص إلى منزله، ليسقط صاروخ على بيته قبل وصوله إليه بأمتار مما أدى إلى تدمير البيت بالكامل ”
هذا هو حال الأطفال السوريين الذين أجبرتهم ظروف الحرب على اللجوء ليلاقوا مصيراً أسود لا يقل قتامة عن حياتهم في سوريا، فهل ستبقى أخوة الدم بين العرب مجرد أخوة اسمية لا ترقى لمستوى معاناة السوريين
المركز الصحفي السوري – محمد تاج