باتت حياة الاستقرار في سوريا حلماً صعب المنال بعد أن أجبرت الحرب ملايين السوريين على حياة التنقل والنزوح بشكل مستمر من مكان لآخر هرباً من براميل الموت وقصف طيران النظام العشوائي الذي يطال جميع المدن الخارجة عن سيطرته.
تعددت وجهات السوريين في رحلة النزوح بحثا عن مكان آمن، فلجأ البعض للعيش في المخيمات الحدودية والبعض الآخر اختار طلب اللجوء إلى إحدى الدول الأوروبية، ومنهم من فضل البقاء في سوريا والعيش في المناطق شبه الآمنة.
قصص وحكايا يرويها السوريون في نزوحهم، منها مايوجع القلب ومنها ما كان رمزا للأمل والتفاؤل، حيث أثبتوا أنهم قادرون على التأقلم مع أي ظرف جديد والاندماج مع العادات والتقاليد في المجتمع الذي ينزحون إليه سواء داخل سوريا أو خارجها.
وكان الزواج بين المحافظات السورية نتيجة حتمية لحياة النزوح بعد أن كانت معظم العائلات سابقاً ترفض تزويج بناتها لغير محافظة لاعتبارها “غربة” على حد قولهم، وجاءت الثورة لتقلب الموازين ليصبح السوري مغترباً وهو في بلده.
هلا فتاة من ريف حلب تقول:” أجبرنا على ترك منزلنا هرباً من البراميل المتفجرة، فنزحت وعائلتي إلى قلعة المضيق في ريف حماه، استقبلنا أهلها بحفاوة وعاملونا بطيبة، تقدم لخطبتي شاب من القلعة، ترددت كثيراً في الموافقة على طلبه وذلك لاختلاف عاداتنا عنهم في المعيشة واللباس والطعام وغيرها، إلا أنني وبفترة قصيرة اعتدت على نمط حياتهم تأقلمت معهم وتم النصيب بيننا”.
وتضيف هلا:” ومع ذلك تعرضت القلعة لقصف عنيف أجبرت على معاودة رحلة النزوح مع زوجي فأين سينتهي بنا المطاف؟ لا أعلم!”.
وقد كشفت مصادر قضائية لصحيفة الوطن الموالية للنظام أن عدد حالات الزواج في سوريا بلغت نحو 150 ألف حالة تم تثبيتها في المحاكم الشرعية، وأن أكثر من 30 ألف حالة تثبيت زواج عرفي.
لم يختلف الوضع كثيراً في مخيمات اللجوء سواء في المناطق الحدودية أو في دول الجوار، فتجد فيها سوريين من مختلف المحافظات رغم معاناتهم، إلا أن الحياة لم تتوقف عندهم ونظراً لحياتهم اليومية المشتركة كان لابد من تمازج الثقافات والبيئات السورية عن طريق الزواج، لكن معظم تلك الحالات كانت لقاصرات لا يتجاوزن 15 عاماً وذلك بسبب امتناعهن عن الذهاب للمدرسة.
وكان لمواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في قضية الزواج وبالأخص للاجئين في الدول الأوروبية، حيث يتم التعارف والإجراءات المتبعة لإتمام أمور الزواج عن طريقها ليتم بعدها لم الشمل.
“فاتن” مهندسة معلوماتية من مدينة ادلب تحدثنا عن تجربتها:” طلبني شاب من ريف حمص عن طريق معارف لأسرتي، و تعارفنا عن طريق النت لأنه لاجئ في فرنسا، تزوجنا بعد فترة قصيرة من التعارف، وبعد وصولي فرنسا لم أستطع التأقلم مع طباعه وعاداته فبيئته تختلف تماما عن البيئة التي عشت فيها وكان ذلك سببا في الطلاق وفشل زواجي”.
غيرت الحرب في سوريا عادات وتقاليد عدة فبعد أن كان الزواج مؤسسة للاستقرار أصبح أمراً عادياً وروتينياً يخلو من الفرحة والبهجة، ورغم حياة النزوح والمعاناة إلا أنها خلفت وراءها حالات من التمازج والتماهي في مختلف أنحاء سوريا وخارجها منها حالات ناجحة بسبب اعتياد السوريين في التأقلم مع أي وضع ليواصلوا حياتهم ويجتازوا الصعاب.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد