حوالي ثلاثة أسابيع مرّت على معارك ريف حلب الجنوبي العنيفة و التي تخوضها كتائب الثوار من جهة و جيش النظام المدعوم بالميليشيات الإيرانية و عناصر من حزب الله من جهة أخرى في قرى خان طومان و الحاضر و العيس و تل مامو جنوب محافظة حلب.
استطاع النظام في هذه الاشتباكات العنيفة و المعارك الشرسة التقدم على الأرض بتغطية جوية روسية كثيفةً، فقام بالسيطرة على قرى الحاضر و الحويز و العيس و تلة العيس الاستراتيجية و عدة قرى أخرى بعد تكثيف الغارات الجوية عليها و القصف العنيف الذي تتعرض له تلك القرى من المدفعية الثقيلة الموجودة في جبل عزان الواقع تحت سيطرة قوات النظام.
إلا أن الكتائب الثورية المختلفة و جيش الفتح، قامت بإرسال عدة مؤازرات و عناصر مقاتلة عديدة مع آليات ثقيلة متنوعة من دبابات و عربات BMB و البيكابات المحملة بالرشاشات الثقيلة إلى مناطق الاشتباك، في محاولة منهم لاسترجاع قرية العيس و التي كان النظام قد سيطر عليها في وقت سابق.
تلتفت أنظار جيش النظام بعد سيطرتهم على تلة العيس الواقعة قرب قرية العيس المتاخمة لبلدة الحاضر في الريف الجنوبي و التي تبعد عن مدينة سراقب في ريف ادلب الشرقي حوالي 25 كيلو متر إلى السيطرة على الإيكاردا و الزربة الاستراتيجيتين، محاولةً منه ببسط سيطرته على المنطقة و من ثم الاتجاه نحوى قرى الريف الادلبي.
إذ أفادنا أبو حسن أحد المقاتلين التابعين لجيش الفتح بأن نية قوات النظام هي السيطرة على مدينتي سراقب و تفتناز في ريف ادلب ليفتحوا طريقاً إلى بلدتي كفريا و الفوعة المواليتين للنظام المحاصرتين منذ أكثر من ثمانية أشهر، حيث تم أسر عدة عناصر تقاتل في صفوف النظام تبيّن فيما بعد أنهم من جنسية لبنانية و عراقية أكّدوا بأن الهدف من العملية هو تحرير كفريا و الفوعة و فك الحصار عنهم، كما أفادوا بأن الغالبية العظمى التي تقاتل في صف قوات النظام هي من جنسية إيرانية و عراقية و أفغانية و من حزب الله إلا ما ندر وجوده من القوات السورية.
خالد من سكّان قرية كرّيتين في ريف سراقب و القريبة من قرية العيس حدثنا : ” تعتبر تلة العيس استراتيجية بفضل موقعها المرتفع و المطل على قرى كثيرة، فيمكن للنظام إذا وضع مدفعياته و راجماته عليها، بأن يقوم بقصف الريف الحلبي و الادلبي بفضل مدفعياته التي تصل مدى قذائفها لعشرات الكيلو مترات، فيستطيع من ذلك قصف سراقب و ريفها أيضاً”.
الأجواء لا تخلو من الطيران الحربي التابع لقوات النظام و الطيران الحربي الروسي و طيران الإستطلاع، كما يستهدف نوع جديد من الأسلحة تجمعات الثوار و القرى التابعة لسيطرتهم و هي الصواريخ الباليستية التي تملك قدرة تدميرية عالية، فعمل عناصر الفصائل الثورية على إقامة المتاريس و الخنادق و الحفر الفردية علّها تقيهم من شدة القصف، فعشرات الغارات يومياً و في كل الأوقات تستهدف تلك المناطق.
و في مرورنا على إحدى النقاط الطبية أفادنا العاملون في تلك النقطة أن الإصابات الواردة شبه محدوجة و ما هي إلا جروح بسيطة، كما يأتي عناصر الثوار لأخذ حبوب للصداع أو الرشح أو كهذه الأمراض البسيطة.
خلت قرى الريف الحلبي الجنوبي من السكان نتيجة القصف الشديد و الاشتباكات العنيفة ليذهبوا إلى أماكن أكثر أماناً مبتعدين عن بيوتهم و قراهم، بادئين برحلة نزوح جديدة هم و عائلاتهم.
همم عالية و معنويات مرتفعة، يبرزها عناصر جيش الفتح و الكتائب الثورية المرابطة على النقاط الأولى للاشتباك، متوعدين قوات النظام باسترجاع النقاط التي تقدموا إليها و دحرهم بعيداً، ليكونوا بذلك على بعد عدة كيلو مترات من تحرير المناطق التي تخضع لسيطرة قوات النظام في حلب.
محمد تاج
المركز الصحفي السوري