جاءت الدعوة للمعارضة أو للمعارضات السورية كما للنظام السوري، للمشاركة في لقاء يتم في جنيف، بهدف الوصول إلى توافق محتمل حول الأزمة العظمى المستشرية في سوريا، وللعلم، فإن ذلك يتم بعد انقضاء أربعة أعوام وثلث العام.
–
–
وللحقيقة، فإن تطاول الأزمة إنما هو تعبير عن عدم الرغبة الجادة في تقديم اقتراحات واقعية وبناءة حقاً وفعلاً ومفتوحة دونما تلكؤ، والمثير القائم على تفاقم مزيد من المشكلات والإشكالات ووضعها في وجه الحلول الواقعية المحتملة، أن دعوة إلى تحقيق هدنة أو أخرى لم تجد أبداً أفقاً قابلاً للحل، سواء تحدّر هذا المطلب من أطراف محايدة أو أخرى. وظل الثمن حتى الآن مفتوحاً على التصاعد والتعقيد والتصعيد، بحيث أصبح الباحث والمراقب الإعلامي عاجزين عن اكتشاف مَلْمس أو آخر يوحي ويشي بنهاية لِما اعتبره سياسيون ومستشرقون وباحثون حدثاً فاجعاً ووحشياً في سوريا، لم يشهد التاريخ له مثيلاً، أو ما يقترب منه في خصوصيته: احتراب وحْشي حتى الثمالة بين أطراف داخلية، وعلى مرأى من جموع أخرى يقهقهون سعادة لما يرونه من إحراق للبلد بكل الوسائل المتاحة والمحرّمة دولياً، وعلى رأسها استخدام غاز الكلور والسارين وما يدخل في الحرب الكيماوية.
لم تكن المسألة حين نشأت في سوريا عام 2011 أكثر من إشارات إلى المخزون الوطني السوري من الأمنيات والرغبات في إحداث نشاط تحديثي في البلد، يلبي حاجات الشعب في حقول متعددة، من الاقتصاد وتطوير حقول العمل عبر إصلاحها بإقصاء المفسدين والفاسدين، وباستئصال مظاهر الاستئثار بالثروة وبالسلطة وبالإعلام وبالحراك المجتمعي، بعد أن أصبح النشاط على أساس المجتمع المدني موضع تهمة واستهجان ومدعاة للتشكيك في انتمائه للوطن.
لقد دفعت سوريا ثمناً باهظاً هائلاً وربما غير مسبوق، بسبب تنكر السلطة لأهمية التحديث ولضرورته ضرورة وجودية، جاء “المؤتمر التشاوري” في مرحلة الأحداث الأولى الباكرة، ليعلن أن الثوب الذي ارتدته سوريا على مدى أكثر من نصف قرن، قد أتت عليه الأيام، وأنه لم يعد مهترئاً اهتراءً كالحاً فحسب، بل أصبح مُعيقاً للتغيير الوطني الديمقراطي، ناهيك عن أنه صار دريئة حرب ضد القوى المجتمعية الناهضة. وكانت المطالب التي طرحتها هذه القوى قد تمثلت في ضرورة تأسيس مؤتمر وطني يجري فيه تداول شؤون البلد بلغة العلوم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكذلك بمشاركة ديمقراطية، من قبل الجميع. وخرج الناس إلى الشارع في تظاهرات سلمية، عمل النظام على إلحاق السلاح بها، كي يعلن أنه إذ يلاحق تلك التظاهرات، فإنه يفعل ذلك دفاعاً عن النفس.
أما المؤتمر الوطني الذي طولب بالدعوة لإقامته، فقد كان عليه أن يجيب عن مسائل البلد الكبرى: التأسيس لنظام جمهوري ديمقراطي، وإخراج السجناء السياسيين عبر محاكم وطنية، والبدء بالانخراط في التأسيس لمجتمع مدني، مع نظام حكم يقوم على ثلاث سلطات مستقلة، وقد كان ذلك مشروطاً بإسقاط “قانون الطوارئ” ذي السمعة السيئة.
لم يتحقق شيء من ذلك. وبعد ستة أشهر من التظاهرات السلمية، جاء الرد عليها عاصفاً كاسحاً! لمَ ذلك؟ إن الدعوة لمؤتمر جنيف جديد إنما هي عار على السوريين، إذ يحيلون كارثتهم العظمى إلى الآخرين، كي يحلوا لهم حيثياتها المشؤومة البشعة، ألم يكن من دواعي الأسى والعار أن يحيلوا كارثتهم هذه لأولئك، بدلاً من أن يتنادوا إلى كلمة سواء فيما بينهم!
لا ندري ما إذا كانت الدعوة إلى جنيف طريقاً لإذابة الثلوج، أم ستكون تكريساً لها؟ ويبقى الأمر منوطاً بالإصرار على عقد مثل ذلك المؤتمر الوطني بين السوريين، مع تحويل الدعوة إلى جنيف إلى أداة جامعة لكل السوريين، مع إبعاد الطريق التي تؤدي إلى الموت عبر النوايا الحسنة.
لم تكن المسألة حين نشأت في سوريا عام 2011 أكثر من إشارات إلى المخزون الوطني السوري من الأمنيات والرغبات في إحداث نشاط تحديثي في البلد، يلبي حاجات الشعب في حقول متعددة، من الاقتصاد وتطوير حقول العمل عبر إصلاحها بإقصاء المفسدين والفاسدين، وباستئصال مظاهر الاستئثار بالثروة وبالسلطة وبالإعلام وبالحراك المجتمعي، بعد أن أصبح النشاط على أساس المجتمع المدني موضع تهمة واستهجان ومدعاة للتشكيك في انتمائه للوطن.
لقد دفعت سوريا ثمناً باهظاً هائلاً وربما غير مسبوق، بسبب تنكر السلطة لأهمية التحديث ولضرورته ضرورة وجودية، جاء “المؤتمر التشاوري” في مرحلة الأحداث الأولى الباكرة، ليعلن أن الثوب الذي ارتدته سوريا على مدى أكثر من نصف قرن، قد أتت عليه الأيام، وأنه لم يعد مهترئاً اهتراءً كالحاً فحسب، بل أصبح مُعيقاً للتغيير الوطني الديمقراطي، ناهيك عن أنه صار دريئة حرب ضد القوى المجتمعية الناهضة. وكانت المطالب التي طرحتها هذه القوى قد تمثلت في ضرورة تأسيس مؤتمر وطني يجري فيه تداول شؤون البلد بلغة العلوم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكذلك بمشاركة ديمقراطية، من قبل الجميع. وخرج الناس إلى الشارع في تظاهرات سلمية، عمل النظام على إلحاق السلاح بها، كي يعلن أنه إذ يلاحق تلك التظاهرات، فإنه يفعل ذلك دفاعاً عن النفس.
أما المؤتمر الوطني الذي طولب بالدعوة لإقامته، فقد كان عليه أن يجيب عن مسائل البلد الكبرى: التأسيس لنظام جمهوري ديمقراطي، وإخراج السجناء السياسيين عبر محاكم وطنية، والبدء بالانخراط في التأسيس لمجتمع مدني، مع نظام حكم يقوم على ثلاث سلطات مستقلة، وقد كان ذلك مشروطاً بإسقاط “قانون الطوارئ” ذي السمعة السيئة.
لم يتحقق شيء من ذلك. وبعد ستة أشهر من التظاهرات السلمية، جاء الرد عليها عاصفاً كاسحاً! لمَ ذلك؟ إن الدعوة لمؤتمر جنيف جديد إنما هي عار على السوريين، إذ يحيلون كارثتهم العظمى إلى الآخرين، كي يحلوا لهم حيثياتها المشؤومة البشعة، ألم يكن من دواعي الأسى والعار أن يحيلوا كارثتهم هذه لأولئك، بدلاً من أن يتنادوا إلى كلمة سواء فيما بينهم!
لا ندري ما إذا كانت الدعوة إلى جنيف طريقاً لإذابة الثلوج، أم ستكون تكريساً لها؟ ويبقى الأمر منوطاً بالإصرار على عقد مثل ذلك المؤتمر الوطني بين السوريين، مع تحويل الدعوة إلى جنيف إلى أداة جامعة لكل السوريين، مع إبعاد الطريق التي تؤدي إلى الموت عبر النوايا الحسنة.