نجح بالون الاختبار الذي أطلقه وزير الدفاع الأميركي “اشتون كارتر” في خلط أوراق النزاع السوري و فتح باباً واسعاً للتأويلات فيما يتعلق بتدخل كبير وشيك في “جنوب سوريا” بموازاة المعركة المشتعلة في “حلب” و الأنباء عن تقدم تحرزه قوات النظام السوري هناك.
بالون الاختبار تلاه تحذير أميركي واضح على لسان وزير الخارجية الأميركي “جون كيري” للروس بأن لا تكون الممرات الآمنة في “حلب” خدعة لما سيشكله ذلك من خطر على الاتفاقات الروسية – الأميركية.
“كيري” أعلن أيضاً أنه تحادث مع الروس هاتفياً مرتين خلال أربع و عشرين ساعة، و هذا كله مرتبط بحقيقة أن التواصل الأميركي الروسي بخصوص “سوريا” لا يمر بأحسن أوقاته بل يتخلله توتر كبير جدا بالولايات المتحدة للتلويح بجبهة “جنوب سوريا” بالتزامن مع التحضير لمفاوضات “جنيف” التي ستنطلق نهاية الشهر الحالي.
رغم حقيقة أن المعارضة السورية مفككة و ضعيفة، فإنها باتت جزءا من “سوريا الجديدة” و النظام السوري بمجرد قبوله العودة للجلوس مع المعارضة من جديد للتفاوض و بدون شروط مسبقة، يكون قد قدم اعترافاً علنياً بالمعارضة و حصتها من سوريا المقسمة مهما كانت نتيجة ما يجري في “حلب”.
لنتذكر أيضاً أن قوات سوريا الديمقراطية الكردية باتت تسيطر على ٧٠٪ من “منبج” في حلب و لا بد أن الطريق سيُفتح أمامها بعد ذلك لمكاسب جديدة و هذا معناه أنه إذا افترضنا جدلاً أن المعارضة السورية ستخرج خالية الوفاض من “حلب”، و هذا لن يحدث حسب قراءتي للأحداث، فإن “استعادة حلب” التي يتحدث عنها اعلام النظام السوري ليلاً ونهاراً هي جزء من الخيال العلمي الذي عرج عليه مؤخراً “بريت ماكغورك” مبعوث الرئيس الأميركي للتحالف ضد “داعش” عندما قال بأن “رغبة الرئيس السوري في استعادة السيطرة على البلاد هي نوع من الخيال العلمي”.
بالطبع، النظام السوري استفاد من تقلبات الأحداث على مدى خمس سنوات لكن ذلك لا يعني أن العجلة ستعود إلى الوراء.
تطورات الجبهة الجنوبية منوطة بسير مفاوضات “جنيف” و استجابة الروس و النظام السوري لمخرجات الاتفاقات الأميركية الروسية.
المعطيات الحالية لا توحي بأن الجبهة الجنوبية مقبلة على الاشتعال لأن النظام السوري و الروس فهموا الرسالة الأميركية جيداً و ظهر ذلك جلياً من خلال تأكيد حضور النظام السوري لمفاوضات “جنيف”، و الروس أولاً و آخراً رغم محاولاتهم المتكررة للمناكفة لتحصيل مكاسب أكبر لن يصل بهم الأمر لاختلاق أزمة مع “واشنطن” قد تكلفهم ثمناً قد لا يستطيعون تحمله، فلا شك أنهم يمثلون ألم الرقبة بالنسبة لعلاقتهم مع “واشنطن” لكنهم في النهاية يعرفون حدودهم و حجمهم.
الرأي الأردنية