بعيداً عن الأم الحنون التي حرموا دفء حضنها، وبعيداً عن الوطن الذي مزقت جسده وأفسدته العقول الراكدة و دمرت بنيانه النفوس الطامعة وبعيداً عن حلبات السياسة وتصفياتها و الخلافات القبلية و العرقية، وفي قلب أمة نابض بالمحبة اجتمعت القلوب موحدة دقات نبضها وبعزيمة واثقة تنفر تشرذم الصفوف لقرون عابرة على أرض زكية طيبة امتزجت دماء المسلمين الطاهرة فيها من عرب و عجم لإعلاء كلمة الحق والكرامة وبعيداً عن سوريا الدامعة الجريحة، وعلى أرض تركيا الجامعة نهضت إلى فضاءات النور جمعية ركيزتها في العلم حقيقة علمية وحروف غاياتها النهضة فكانت الولادة الطبيعية لجمعية النهضة العلمية التي كبرت ونمت بأفكارها الجميلة وأهدافها النبيلة على دروب العلم والحضارة.
ونبغت فكرة جمعية النهضة العلمية منذ تأسيسها على تحقيق التفاهم الإنساني والتواصل مع الآخرين بهدف نقل التجارب العملية والخبرات والمعارف، وتحاول العمل جاهدة على نبذ العادات المتخلفة وترميم ما وَهَى بين الشعوب العربية التركية من علاقات وترابط، وأواصر حميمية مع العمل على تنقية التاريخ من الأفكار الخاطئة التي زرعت كي تفرق الأخوة و تخلق العداء و البغضاء .
وفي مجالات أعمالها وسعيـّها الدائم نحو تحقيق رؤيتها العلمية، تعتبر جمعية النهضة العلمية من أهم وأقدر الجمعيات العلمية في تركيا وغير المهتمة بالإغاثة المادية والعينية بل كان جل اهتمامها بالإغاثة الفكرية والمعرفية البحتة والتي تعنى بالبحث العلمي والثقافي وتقدم خدمات الدعم عبر التأهيل والتدريب لمختلف شرائح المجتمع وتعد مرشداً للمعارف في حقول العلم والتكنولوجيا.
وبهذا فالجمعية تمثل مصدراً متميزاً للعلوم والفنون ومتنوعاً في رحاب المهارة والخبرة، حيث أن أعضاء فريق جمعية النهضة العلمية يعملون بشكل تطوعي يقصدون من خلاله رفد أجيال الشباب والأطفال والفتيات بعلوم العصر وتقنياته ومواكبة التقدم الحضاري للأمم.
فدأبت الجمعية خلال مسيرتها النهضوية العلمية على بناء جيل واع يرفد الأمة ويساهم في إعلاء شأنها وإحياء قيم العدل والكرامة الإنسانية والارتقاء بالعلم لأعلى المستويات من التقدم والتكنولوجيا، بعيداً عن مظاهر التخلف الذي استعبدت و فرقت شمل العباد و التطرف الذي هدم و خرب وطغى على البلاد.
ومنذ أن أبصرت جمعية النهضة العلمية النور وبداية رحلتها العلمية على مدار 6 أشهر من العمل الميداني الدؤوب والمستمر استطاعت بجهود ومتابعة إدارتها وأعضائها أن تحجز لها مكاناً لائقاً بين المنظمات المنتشرة في العالم عامة و تركيا خاصة ، فكان لها شرف الدخول السلس إلى البيوت المغلقة وتلج بكل يسر إلى العقول المتحجرة التي يصعب فتحها أو اختراقها
وترتكز جمعية النهضة العلمية في عملها على قواعد عدة وأسس قوامها التعليم و العلاقات العربية التركية الهادفة إلى: 1-دعم التعليم بالدرجة الأولى والذي سيؤدي بالنتيجة إلى النهضة العلمية المنشودة بعد حالة التردي التي سادت، من خلال إلقاء محاضرات علمية تثقيفية خاصة للجالية السورية في تركيا والتواصل مع الهيئات الحقوقية والتعليمية السورية والتركية للاستفادة منها في عملية التطوير والازدهار.
2- العمل على إنشاء مراكز تعليمية لإنتاج جيل ثقافي علمي قادر على القيام بالنهضة التي ندعو إليها، وكذلك إقامة الأنشطة العلمية والثقافية والاستفادة من التجارب التربوية الناجحة مع الاهتمام بالتوثيق الإعلامي للندوات العلمية والبحوث والمحاضرات والمؤتمرات باعتبار ذلك إرثًا حضاريًا وثقافيًا للأجيال القادمة.
3- محاولة الاستفادة من التطور التكنولوجي في العمل التربوي والسعي لإيصال المعلومة وفق البرامج الحديثة المتاحة.
4-العمل على إزالة الآثار السلبية ( السلوكية والنفسية ) التي تخلفها الأحداث من خلال برامج تربوية وتوعوية وإنشاء مركز ترجمة يغذي اللغتين العربية والتركية بالمعرفة والأدب.
وتقسم الجمعية إلى قسمين رئيسيين هما:
أولاً: التعليم: ويتخلل هذا القسم الهام مجموعة من البنود وهي : احترام القوانين والأنظمة والقرارات التي تحكم النظام التعليمي في مختلف مراحله ومرافقه والحرص على سير المعاملات التربوية والإدارية آخذين بعين الاعتبار الظروف والأحداث الطارئة التي تؤثر على النشاط التربوي وذلك بالسعي للعمل الصحيح بما يصب بالمصلحة العامة ، دون الضرر بالأهداف الأساسية التي قامت عليها الجمعية العلمية وإقامة الأنشطة العلمية والثقافية والاستفادة من التجارب التربوية الناجحة مع الاهتمام بالتوثيق الإعلامي للندوات العلمية والبحوث والمحاضرات والمؤتمرات.
والاستفادة من التطور التكنولوجي في العمل التربوي والسعي لإيصال المعلومة وفق البرامج الحديثة المتاحة وكذلك العمل على إزالة الآثار السلبية ( السلوكية والنفسية ) التي تخلفها الأحداث من خلال برامج تربوية وتوعوية .
ثانيا: العلاقات العربية التركية: ولقسم العلاقات العربية التركية أهمية كبيرة كونه يختص بوضع الخطط وتنظيم الأنشطة وإعداد وتنفيذ البرامج والفعاليات، والتنسيق مع الجهات ذات الصلة بشأن الزيارات والاجتماعات سواء عبر اللقاءات والمحاضرات والندوات والمؤتمرات، بهدف تقوية أواصرالعلاقات واقتراح سياسات التحفيز وتعزيز الانتماء الإنساني.
ويحرص قسم العلاقات على طرح مـوضوعات ذات صلة بمستقبل العلاقات العربية التركية، لتحقيق جملـة من الأهـداف أهمها تعـزيز التـواصل مع الشعوب العربية والتركية ورصـد أهم المشكلات ذات الصلـة ومعـرفة اتجاهات الرأي العام وتحليلها للتوصل إلى أهداف مشتركة مفيدة للجميع.
ولم يقتصر دور الجمعية عند هذا الحد بل وسعت أفق نظرتها ورؤيتها فشرعت أبوابها لدورات اللغة التركية والأجنبية وتعليم المهارات في الكمبيوتر ودورات تحفيظ القرآن التي شهدت إقبالاً كبيراً وحظيت باهتمام المجتمع السوري والتركي على السواء.
وقد حفل نشاط الجمعية خلال مسيرة عملها وحتى اليوم بسلسلة من الأنشطة التثقيفية والفنية والرياضية والعلمية والفعاليات المتنوعة والتي أغنت المهارات لدى الأطفال والشباب والنساء، حيث ساهمت بنقل الأطفال إلى مستوى علمي متطور وعملت على صقل مواهبهم وقدراتهم العلمية والفكرية ودورة تعليم اللغة التركية تومر، ودورة زهرات الإيمان التي تخص توعية المرأة وتنمية دورها في المجتمع إضافة إلى العديد من الندوات والمحاضرات العلمية والفكرية والمعرفية والمسرحيات والفعاليات الثقافية وحملات التوعية في المناسبات وتقديم الهدايا الرمزية.
والجدير بالذكر أن جمعية النهضة العلمية تقوم بالتجهيزات اللازمة والتحضيرات لانعقاد مؤتمرها العلمي الدولي الثاني في جامعة اسطنبول بعد النجاح الكبير والسمعة العلمية الحسنة التي حظي بها المؤتمر في عامه الأول سنة 2015.
هذا ويعقد المؤتمر العلمي الدولي الثاني جلساته واجتماعاته بالتعاون مع جامعة اسطنبول وجامعات أخرى ومركز المنح التركية YTP وبمشاركة عدة مؤسسات أخرى وذلك في شهر أبريل نيسان القادم، ومن المتوقع أن يصل عدد المشاركين فيه إلى 500 باحث من حوالي 30 دولة حول العالم.
صهيب مفوض الابراهيم – المركز الصحفي السوري