شهد مجلس الأمن الدولي خلال اجتماعه الطارئ اليوم، لبحث تفاصيل مجزرة النظام السوري بخان شيخون مشادات ساخنة وتبادلا للاتهامات واحداثا ومواقف دراماتيكية.
ووجه كل من مندوبي باريس ولندن وواشنطن اتهامات مباشرة عن مسؤولية النظام السوري عن المجزرة التي اوقعت أكثر من 100 قتيل و450 مصابا بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، إلى جانب إشارات حادة ناقدة للموقف الروسي الداعم لنظام الأسد .
ودافع المندوب الروسي عن النظام السوري، محملا المعارضة السورية كامل المسؤولية عما حدث .
وكان لافتا عدم توجيه المندوب المصري في مجلس الأمن أصابع الاتهام لأي جهة، مكتفيا بالمطالبة بلجنة تحقيق لمعرفة الحقائق، ومطالبا الدول بعد الانجرار الى تسييس ما سماه “القرارات الدولية” .
كما دافع نائب المندوب السوري الذي حضر الجلسة عن موقف بلاده مدعيا إنها وقعت على معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية ، وانها بموجب التوقيع لم تعد لديها ترسانة كيميائية وهي ضد مبدأ استخدام هذه الأسلحة بالحرب .
وكان لافتا وقوف وحمل المندوبة الأمريكية وبصورة غير مسبوقة في الدبلوماسية الأمريكية صورا لضحايا المجزرة من الأطفال وعرضها واحدة تلو الأخرى على المندوبين أثناء إلقائها لكلمة بلادها .
ورفض المندوب الصيني في سابقة احتجاج من نوعها ما وصفها باتهامات بريطانيا وتلميحاتها أن الصين وروسيا هما من شجع نظام الأسد على ارتكاب المجازر بسبب مواقفهما داخل مجلس الأمن وامتناعهما او تصويتهما بالفيتو ضد القرارات الأممية التي تدين الجرائم في سوريا .
وحملت الجلسة اتهامات مباشرة من باريس ولندن وواشنطن لدمشق بقصف مدينة خان شيخون بالغازات السامة في تحد مباشر للإرادة الدولية .
وقال المندوب البريطاني أن كل الدلائل تشير لارتكاب قوات الأسد الجوية المجزرة، مفندا الرواية الروسية التي قالت غن ما جرى هو تفجير لمستودعات أسلحة كيماوية تمتلكها المعارضة .
وتايع المندوب البريطاني بالقول إن الرواية الروسية متهافتة ولا تستند للمنطق مشيرا أن الهجوم الذي وقع جاء بفعل طائرات النظام كما اكد المندوب الأممي الخاص بالاسلحة الكيمائية بكلمته بداية الجلسة .
وأكد مندوب بريطانيا ان الوحيد الذي يمتلك سلاحا كيماويا في سوريا هو النظام السوري، نافيا حصول او اقتناء المعارضة السورية وحتى “المنظمات الإرهابية” ذلك السلاح .
وفي السياق تقاربت وجهة النظر الايرانية مع الروسية بتحميل المعارضة المسؤولية عما جرى، بالتوافق مع الرواية الروسية التي قالت إن ما جرى هو عبارة عن قيام الطيران الحربي السوري بقصف “مستودع للارهابيين” يحتوي “موادا سامة” .
إلى ذلك دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى فرض “عقوبات” على النظام السوري، في الوقت الذي اعتبرت فيه الرئاسة التركية ما جرى بانه ” جريمة حرب ” .
ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء الرئيس السوري بشار الاسد بأنه “قاتل” محملا إياه مسؤولية الهجوم.
واعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن “النظام السوري هو المسؤول الرئيسي عن الفظاعات (…) ومن يدعمونه يتقاسمون المسؤولية”.
ومشروع القرار يدين الهجوم الذي يعد ثاني أكبر اعتداء بـ”مواد كيميائية” تشهده سوريا منذ بدء النزاع الذي دخل عامه السابع. ويطالب أيضا منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بإجراء تحقيق في أسرع وقت ممكن.
ويطلب المشروع من دمشق أن يستلم المحققون خطط الطيران وكل المعلومات المتعلقة بالعمليات العسكرية التي كان يقوم بها حينها. كما يهدد مشروع القرار بفرض عقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون “اعتقد أنه لا يمكن لأحد أن يعارض منطقيا قرارا مماثلا بوعيه الكامل”.
إلا أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا اعتبرت أن “النص المطروح غير مقبول على الإطلاق”، مضيفة أنه “يستبق نتائج التحقيق ويشير بشكل مباشر إلى المذنبين”.
وتحدثت منظمة الصحة العالمية الأربعاء في جنيف عن “مؤشرات تتناسب مع التعرض لمواد عضوية فوسفورية، وهي فئة من المواد الكيميائية تشمل غازات أعصاب سامة”.
بدورها، أكدت منظمة أطباء بلا حدود الأربعاء ان أعراض بعض ضحايا “تظهر التعرض لعنصر سام من نوع غاز السارين” على غرار “حريق في العيون وتشنج في العضلات وتقيؤ”.
واشارت إلى أن فريقها “تمكن أيضا من الوصول إلى مستشفيات أخرى تولت أمر الضحايا ولاحظ أن رائحة كلور قوية تتصاعد منهم ما يوحي أنهم تعرضوا لهذا العنصر السام”.
وأعلنت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في سوريا الثلاثاء انها “تحقق” في الهجوم.
وفي أحد مستشفيات خان شيخون، ارتمى المصابون وبينهم أطفال على الأسرة وهم يتنفسون بواسطة أجهزة أوكسيجين.
وشاهد مراسل فرانس برس مسعفين يحاولان إنقاذ طفلة من دون جدوى قبل أن يغلق احدهما عينيها، ليحملها والدها ويقبل جبينها ويخرج بها من المستشفى.
وقال أحد أفراد الطاقم الطبي أن عوارض المصابين تضمنت “حدقات دبوسية واختلاجات وخروج اللعاب من الفم وارتفاع في النبض”.
ووافقت الحكومة السورية في العام 2013 على تفكيك ترسانتها الكيميائية، بعد اتفاق روسي اميركي أعقب تعرض منطقة الغوطة الشرقية، أبرز معاقل المعارضة قرب دمشق، لهجوم بغاز السارين في 21 آب/اغسطس 2013 وتسبب بمقتل المئات.
وتم التوصل إلى الاتفاق بعد تهديد واشنطن بشن ضربات على دمشق.
ووصف البيت الابيض الثلاثاء “العمل المروع من جانب نظام بشار الاسد” في خان شيخون بـ”المشين”.
وقال المتحدث باسم البيت الابيض شون سبايسر أن “من مصلحة” السوريين عدم بقاء الأسد.
وبدا أن واشنطن اتخذت موقفاً أكثر حزماً من الأسد الثلاثاء بعد أيام من تصريحات أميركية اعتبرت أن رحيله لم يعد أولوية لواشنطن التي ستركز على مكافحة تنظيم الدولة.
إلا أن نائب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اعتبر الأربعاء أن تلك التصريحات “تعطي فسحة للنظام لارتكاب مزيد من الجرائم”.
وقال عبد الحكيم بشار خلال مؤتمر صحافي في أنقرة “حتى الآن هذه الإدارة لم تفعل شيئا بل بقيت متفرجة”.
واعتبرت المعارضة السورية أن الهجوم في خان شيخون الذي اتهمت قوات النظام بتنفيذه يضع مفاوضات السلام في “مهب الريح”.
وقال القيادي في جيش الاسلام، أبرز الفصائل المعارضة في ريف دمشق، محمد علوش أن “الحل الحقيقي في سوريا هو وضع بشار الأسد الكيماوي في المحكمة وليس على طاولة المفاوضات”.
ووجه رئيس الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة مذكرة الى 26 دولة ومنظمة دولية، اعتبر فيها أنه بات لدى النظام السوري “الجرأة لتكرار استخدام هذه الأسلحة، بسبب عدم وجود أي تحرك دولي ضده وغياب المحاسبة أيضاً”.
ترامب يعلق
ومن ناحيته، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الأربعاء إن هجوما بالغاز في سوريا “فظيع” و”لا يوصف” ويمثل “إهانة رهيبة للإنسانية”.
وبسؤاله خلال اجتماع مع العاهل الأردني الملك عبد الله في المكتب البيضاوي عما إذا كان يعمل على صياغة سياسة جديدة بشأن سوريا قال ترامب للصحفيين “سوف ترون”.
عربي 21