ستحتاج خريطة توزيع الكائنات الحية في العالم إلى إعادة رسم من جديد، وسيضطر العلماء إلى تحديث الكتب الدراسية، بعد أن اكتشف الباحثون وجود أنواع جديدة من الكائنات الحية في جزيرة كريسماس.
تقع جزيرة كريسماس في المحيط الهندي شمال غرب مدينة بيرث في أستراليا الغربية، وجنوب مدينة جاكرتا الإندونيسية، وتثير هذه الجزيرة الصغيرة اهتمام العلماء لكثرة الأحياء النباتية والحيوانية التي تعيش هناك في عزلة دون تدخل من البشر.
درس العلماء البيانات الجيولوجية والجيوفيزيائية المرتبطة بتوقيت إعادة ظهور جزيرة الكريسماس وأهميتها من ناحية الجغرافيا الحيوية، وتم نشر بحثهم الأخير في المجلة البيولوجية لجمعية كارولوس لينيوس الصادرة عن جامعة أكسفورد في 10 مارس/آذار الحالي.
تفسيرات بيوجغرافية
البيانات التي رصدها الباحثون مهمة جدا للتفسيرات البيوجغرافية للكائنات الحية الموجودة في هذه الجزيرة. يقول البروفيسور جوناثان أيتشيسون، الأستاذ بجامعة كوينزلاند -لموقع أخبار الجامعة- “إن النتيجة تنقح الفهم الطويل الأمد لموقع أحد أهم الحواجز في علم الأحياء والجغرافيا، خط والاس”.
وأضاف أن “خط والاس -الذي سمي على اسم مكتشفه ألفريد راسل والاس- يرسم التقسيم البيولوجي الرئيسي الذي يفصل بين الأنواع ذات الأصول الآسيوية، عن تلك ذات الأصول الأسترالية”.
ويفصل خط والاس بين المناطق البيئية في آسيا وأستراليا، ويوجد في غرب الخط الكائنات الحية المرتبطة بالأنواع الآسيوية، أما إلى الشرق فيوجد مزيج من الأنواع من أصل آسيوي وأسترالي.
يمتد الخط عبر إندونيسيا، وعبر مضيق لومبوك، ويمكن مراقبة توزيعات العديد من الطيور وبعض الخفافيش على جانبيه، لكن الثدييات الأرضية الأكبر تقتصر عموما على جانب واحد من الخط، وتشمل الاستثناءات قرود المكاك والخنازير.
ولا تتبع النباتات خط والاس بنفس القدر مثل الحيوانات، وتُظهر مجموعات أخرى من النباتات والحيوانات أنماطا مختلفة، لكن النمط الكلي مذهل ومتسق إلى حد معقول.
عمل البروفيسور أيتشيسون وزميله الدكتور جيسون علي من جامعة هونغ كونغ والبروفيسور شاي ميري من جامعة تل أبيب، على بعد ألف كيلومتر غرب خط والاس التقليدي في جزيرة الكريسماس، على ملاحظة أنواع حيوانية جديدة ذات أصول أسترالية.
قال الدكتور علي: “بشكل غير متوقع، فإن نصف أنواع الثدييات والزواحف البرية في جزيرة الكريسماس -نوعان من الفئران، ونوعان من السقنقور، ونوع واحد من الوزغة (أبو بريص أو البرص)- لها تراث جيني في الجانب الأسترالي من خط والاس”، وأضاف “لقد كان اكتشافا مدهشا للغاية”.
وقال البروفيسور أيتشيسون إن رحلة الأنواع يجب أن تكون قد حدثت خلال الخمسة ملايين سنة الماضية، حيث ظهرت جزيرة الكريسماس لتشكل كتلة أرضية جديدة.
وأضاف “كانت جزيرة الكريسماس موجودة كجزيرة مرجانية منذ حوالي 40 إلى 17 مليون سنة.. واستجابة لظاهرة تكتونية وصفها داروين في الأصل، انحسرت تحت سطح المحيط واختفت”.
وأوضح البروفيسور أيتشيسون أن جزيرة الكريسماس عادت إلى السطح قبل خمسة ملايين سنة فقط بفضل بعض الصفائح التكتونية المرنة -على بعد 300 إلى 350 كيلومترا إلى الجنوب حيث تقع الآن- منذ ذلك الحين بدأت النباتات البرية والحيوانات في إنشاء تجمعات جديدة.
إعادة رسم خط والاس
واستنادا إلى مسح شامل للأدبيات العلمية، حدد الباحثون مصادر أنواع الفقاريات الأرضية في جزيرة الكريسماس، ونتيجة لذلك اقترح الباحثون إعادة رسم خط والاس بحيث يتم وضع الكتلة الأرضية على الجانب الأسترالي كحد لهذه الحدود البيولوجية الجغرافية الأساسية.
وأكد أيتشيسون على أن “جزيرة الكريسماس مكان غريب وفريد، ليس فقط بسبب تاريخها الجيولوجي، ولكن أيضا لتاريخها البيولوجي”.
وأنهى حديثة لموقع أخبار جامعة كوينزلاند، بقوله “نحن متحمسون لرؤية الاكتشافات الغريبة والرائعة الأخرى التي تنتظرنا”.
نقلا عن الجزيرة