لم تَعُد تخفي جرائمها، بل أصبحت ترتكبها على العلن، متحديةً العالم أجمع. إنها غارقة في الجرائم والأخطاء. توجد عدة تقارير ووثائق وصور تشير إلى أفعالها الشنيعة وتثبت حقيقتها، ذلك فضلاً عن الاعترافات الصادرة عنها. إنها ترتكب الجرائم بحق الإنسانية، وتمارس نشاطات تلزم إجلاسها على كرسي المتّهم أمام محكمة جرائم الحرب الدولية.
إن ملف أمريكا الجنائي ممتلئ بالجرائم الإنسانية إلى أبعد الحدود. لم تكتف بما قامت مسبقاً، بل وتستمر في ارتكاب الجرائم إلى الوقت الراهن. تقوم بذلك بتهوّر ودون ملل زاعمةً أنها تحاول إضفاء النظام والتنظيم إلى العالم.
يمكننا رؤية ما فعلته أمريكا في سوريا. إذ إنها اتخذت المنظمات الإرهابية مثل بي كي كي ووحدات الحماية الشعبية حلفاءً لها في إطار مواجهة داعش. نحن نقول ونكرر لها: “لا يمكن القضاء على الإرهاب بالإرهاب”، وندعوها للتوقف عن العمل مع هذه المنظمات. إضافةً إلى أننا لا نعكف إلى ذكر جرائم الحرب التي ترتكبها أمريكا.
لنفرض أن وحدات الحماية الشعبية ليست منظمة إرهابية، وأن ليس لها أي علاقة بـ بي كي كي، وأن هدفها الوحيد هو تطهير المنطقة من تنظيم داعش. حتى وإن كان الأمر كذلك فإنه لا يتستر ذلك على الجرائم التي ترتكبها أمريكا، كما أنها لا تغفر لواشنطن أفعالها. لأن كادر وحدات الحماية الشعبية يعجّ بالمقاتلين الأطفال، الذين أعمارهم تحت سن الـ 18.
إن استخدام المقاتلين الأطفال في الحروب يعدّ أحد الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية. الأمم المتحدة تنظر إلى استخدام الأطفال في الحروب على أنه الانتهاك الأكبر لحقوق الإنسان. بينما تقوم تقارير منظمة مراقبة حقوق الإنسان في كل فرصة بتذكير أن استخدام الأطفال في جبهات الحروب يعدّ جريمة حرب.
هل تبدي الولايات المتحدة الأمريكية أي اهتمام لهذا الأمر؟ لا.. بل إنها تقوم بدعم وتسليح هذا التنظيم الذي يستخدم الأطفال في معاركه.
حتى إن مركز القيادة الأمريكية قام بمشاركة صور هؤلاء الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائلاً: “إنهم مستعدون للقتال”. جاءت بعدها ردود الأفعال ولكن بنسب ضئيلة، إذ تمثلت في عبارة “الحكومة الأمريكية تغض النظر عن استخدام المقاتلين الأطفال في الحروب”، بالإضافة إلى عبارات أخرى مشابهة لها.
في حين دافعت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” عن حكومتها من خلال هذا التصريح: “لم يكن هناك شرط يتعلق بوجود حد معين ضمن الشروط التي تم وضعها في سوريا حيال تقديم الدعم للجهات المقاتلة”. ولم تكتف بذلك، إذ قال أحد المسؤولين في البنتاغون خلال تصريحه: “بالطبع لا يمكن تقبّل تسليح المقاتلين الذي لا تبلغ أعمارهم الـ 18 وإرسالهم إلى ساحات المعركة، لكن عند النظر إلى أوضاع المنطقة والبيئة الثقافية فإن الأمر لا يثير الغرابة”.
إذ إنهم قاموا بالستّر على الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية في سوريا بهذه الحجج والأعذار.
بطبيعة الحال، إن هذه الأعذار لا تحمل أي قيمة، لأن التصريحات التي صدرت عن البينتاغون لن يلغي وجود الجرائم المرتكبة، كما أنه لا يلغي الاتفاقيات التي توصلت إليها أمريكا في إطار العلاقات الدولية. من هذه الاتفاقيات: “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، اتفاقية جنيف 1949، الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1950، الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان 1969، اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأطفال 1989، اتفاقية كيب تاون 1997، القرار الأمريكي حيال الأطفال وحل النزاع المسلّح 2000، مبادئ بارس 2007 والكثير من الاتفاقيات التي شاركت فيها أمريكا، جميعها تَعدُّ نشاطات أمريكا على أنها انتهاكاً لحقوق الإنسان وجرائم حرب.
إننا نتحدث عن دولة قامت بتجهيز التقارير واتهام قائدها بانتهاك الاتفاقيات فيما مضى. واشنطن، تنظر إلى أشياء كثيرة على أنها حقها الطبيعي، لكنها لا تسمح للآخرين بفعلها. إنهم لا يملكون أي مبادئ أو قيم.
“العدالة، حقوق الإنسان، الديمقراطية والحضارة”، ليست سوى مفاهيم تستخدمها أمريكا لإخفاء مطامعها الإمبريالية. إنهم يتحركون وفقاً لمصالحهم الشخصية، وليس استناداً إلى القوانين والقيم. يقومون بإلغاء الاتفاقيات الدولية التي لا تخدم مصالحهم الشخصية، ولا يترددون في ارتكاب الجرائم بحق الإنسانية. ونحن على دراية تامة بهذه الأمور.
ترك برس