قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن عملية وقف الصراع في سوريا أمر تنتظره بلاده، مؤكدا أن الأهم هو التطبيق، مشيراً أن وقف روسيا للغارات الجوية في سوريا بعد تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية سيكون “ضمانا للاتفاق”.
وأشار جاويش أوغلو، خلال استضافته اليوم الخميس في اجتماع التحرير الصباحي بالمقر الرئيسي لوكالة الأناضول بأنقرة، إلى عدم التزام النظام السوري وروسيا بالقرارت المتخذة سابقًا، وإلى أن توقف المفاوضات الخاصة بسوريا في جنيف(مطلع الشهر الجاري) كان بسبب الغارات الروسية.
وأضاف وزير الخارجية، أن تركيا “تنظر بإيجابية إلى التطورات الحالية في الأزمة السورية وتدعمها، إلا أنها تتعامل معها بحذر، لأن المهم هو التطبيق على الأرض”، مشيرا أن بلاده دعمت منذ البداية الحل السياسي في سوريا.
وأكد جاويش أوغلو أن “العملية الانتقالية في سوريا مطلب للجميع، وليس من الوارد أن تكون المعارضة السورية طرفًا خاسرًا فيها، حيث أنها (المعارضة) ترغب في تحقيق تحول سياسي في سوريا، وليس في سيطرة منظمات مثل داعش و “ب. ي. د.”(الامتداد السوري لمنظمة بي كا كا الإرهابية) وجناحها العسكري “ي. ب. ك.” على مناطق في البلاد”.
وأضاف جاويش أوغلو “نحن في المجموعة الدولية لدعم سوريا، ليس هدفنا منح الأراضي السورية لجهة ما، وإنما تحقيق وحدتها من خلال إنجاز التحول فيها”.
وفيما يتعلق بالموقف الأمريكي، قال جاويش أوغلو إن الولايات المتحدة تتعامل بحذر، مع التطورات في سوريا، بناء على تجاربها السابقة، وتقبل بأنه كان لروسيا دور سلبي في وصول الأوضاع للوضع الحالي، مضيفا أن “الأمريكيين عملوا بحسن نية على جذب الروس لطاولة المفاوضات، وكان حسن نيتهم في بعض الأحيان أكثر من اللازم”.
واعتبر الوزير أن هناك تناقضا في موقف الولايات المتحدة من “ي ب ك”، حيث تنظر لها على أنها قوة برية تحارب تنظيم “داعش”، مضيفا أن “اعتماد الولايات المتحدة على منظمة إرهابية من أجل محاربة منظمة إرهابية أخرى أمر في غاية الخطورة”.
وأشار جاويش أوغلو لوجه آخر من أوجه التناقض في تعامل الولايات المتحدة مع منظمة “ي ب ك”، قائلا إن المنظمة التي تدعمها روسيا والولايات المتحدة، تهاجم المعارضة السورية المعتدلة التي تحارب داعش، ومتسائلا عن الكيفية التي يمكن بها توضيح ذلك”.
وقال جاويش أوغلو “إن “ب. ي. د” تخلت حتى عن الولايات المتحدة الأمريكية، وقامت بفتح مكتب لها في موسكو، وعلّقت فيه صورة (عبد الله) أوجلان (زعيم منظمة بي كا كا الإرهابية)، وخريطة تظهر رغبتها في تقسيم سوريا”.
وأكد جاويش أوغلو أن هدف “ب. ي. د.” و”ي. ب. ك.” واضح، وهو “تقسيم سوريا وإنشاء منطقة حكم خاصة بهم”، مؤكدا أنه لا فرق بينهما وبين منظمة “بي كا كا” الإرهابية الانفصالية.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك تحفظات قانونية على إعلان واشنطن “ي. ب. ك.”، منظمة إرهابية، أعرب جاويش أوغلو عن اعتقاده أن الولايات المتحدة لن تواجه أية مشكلة فيما يتعلق بقوانينها الداخلية بهذا الخصوص.
واعتبر وزير الخارجية أن على الولايات المتحدة، بدلا من التعاون مع منظمات مثل “ي. ب. ك.” لمحاربة داعش، أن تبحث مع دول التحالف، ما يمكن فعله بجانب الغارات الجوية.
وقال جاويش أوغلو إن تركيا قالت منذ البداية إن الغارات الجوية “لن تطهّر سوريا من داعش”، وأكدت على أهمية دعم العناصر الموجودة في المنطقة، مثل العرب السنة، والتركمان، والأكراد، وعلى أهمية تنفيذ عمليات برية، وجميع أنواع الاستراتيجيات، بجانب الغارات الجوية.
وأكد على أن التحالف الدولي “بحاجة إلى استراتيجية واضحة، وكفاح شامل يركز على النتائج، لمحاربة داعش”.
وأشار جاويش أوغلو أن تركيا قامت في إطار عملها على وقف المقاتلين الأجانب، بحظر دخول 37 ألف شخص إلى تركيا، وترحيل 3100 شخص لخارج تركيا، ومنع دخول أكثر من 1700 شخص إلى تركيا، بفضل عمل قوات الأمن التركية في المطارات ومحطات الحافلات.
وفيما يتعلق بالتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب بزعامة المملكة العربية السعودية، قال جاويش أوغلو إنه “لن يتم تشكيل قوة عسكرية في إطار التحالف، وإنه سيقوم بدور في العمل الاستخباراتي، وتبادل المعلومات، ووضع الاستراتيجيات، ومكافحة الإسلاموفوبيا”.
وأفاد جاويش أوغلو بوصول طواقم عسكرية ومعدات من السعودية والإمارات إلى تركيا، قائلا إنه من المنتظر وصول الطائرات خلال فترة وجيزة (في إطار مكافحة داعش).
وفيما يتعلق بالعراق قال جاويش أوغلو “إن الولايات المتحدة سلمت العراق إلى إيران عن طريق المالكي(رئيس الوزراء العراقي السابق)، ونحن حذرنا من أن سياساته الطائفية (المالكي) ستؤدي إلى تقسيم البلاد”.
وأكد جاويش أوغلو أن أمن الشعب العراقي يجب أن لا تحققه الولايات المتحدة، وإنما الحكومة العراقية، قائلا إن احتلال منظمة داعش الإرهابية لـ 30% من أراضي العراق، وتأخر عملية تحرير الموصل إلى عام 2017، هو بسبب عدم وجود قوة أمنية كافية في العراق حاليا.
وفيما يتعلق بالأوضاع في مصر، قال الوزير “نلتقي المسؤولين المصريين في الكثير من المنتديات الدولية، وحضور مصر اجتماع منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول(أبريل/ نيسان المقبل) يجب فهمه على أنه مشاركة في اجتماع دولي، وليس مباحثات ثنائية، لكن لا مانع لدينا من إجراء مثل هذه المباحثات”.
وأضاف جاويش أوغلو “نريد مصر قوية، لكن بسبب أوضاعها الداخلية حاليًّا لا تتمكن من تقديم الدعم المنتظر منها، والدور المصري مهم للمنطقة بأسرها”.
وحول العلاقات مع روسيا، كشف جاويش أوغلو أنه اقترح على وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، خلال اللقاء الذي جمع بينهما في بلغراد، على هامش اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، يوم 4 ديسمبر/ كانون أول الماضي، تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين البلدين، تضم 4 أشخاص من كل دولة، لبحث الخطوات الواجب اتخاذها بعد إسقاط تركيا، طائرة حربية روسية، انتهكت مجالها الجوي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وكان رد لافروف أنه سيعرض المقترح على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن الاقتراح لم يلق ردا حتى الآن.
وقال جاويش أوغلو، إنه محتفظ بتفاؤله بشأن عودة العلاقات التركية الروسية إلى طبيعتها.
وبخصوص الإجراءات التي سيتخذها حلف شمال الأطلسي (الناتو) لمكافحة الهجرة غير الشرعية في بحر إيجه، قال جاويش أوغلو إنه تم التوصل لاتفاق بهذا الخصوص مساء أمس الأربعاء، وإن ذلك الاتفاق لا يزعج اليونان أو تركيا.
وأوضح أنه وفقا للاتفاق، ستجري سفن الناتو عمليات استطلاع ومراقبة في بحر إيجه، وفي حال كانت في المياه الإقليمية اليونانية ستتبادل المعلومات مع خفر السواحل اليوناني الذي سيقوم بما يلزم، وفي حال كانت في المياه الإقليمية التركية ستنقل المعلومات إلى خفر السواحل التركي.
الأناضول