التعليم هو اللبنة الأساسية في بناء أي مجتمع، وبه وحده ترقى الأمم وتتطور وتبلغ المراتب الرفيعة. وخلال سبع سنوات عجاف مررن على سوريا ولازلن؛ تضرر كل شيء فيها من بشر وحجر وشجر وجرى على التعليم ماجرى على غيره..
وخلال هذه السنين انقطع عدد كبير من الطلاب عن تعليمهم خاصة العالي أو الجامعي نتيجة ظروف الحرب والنزوح والملاحقات الأمنية والاعتقالات التعسفية للطلبة الذين حاولوا جعل جامعاتهم منابر سلمية لدعم ثورة الشعب.
وأصبح العمل في مهنة أو صنعة أو الانضمام لفصيل يحارب على الأرض هو الأمر الواقع لمعظم شباب المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أما الفتيات فلجأ أهلهن إلى أبسط حل، وهو الزواج منذ الرابعة عشر.
وبقي حال المناطق المحررة كذلك إلى حين افتتاح جامعة ادلب الحرة، والتي حلت محل جامعة حلب (فرع ادلب ) التي كانت تتبع للنظام قبل تحرير ادلب في ربيع عام 2015.
وبالرغم من كل الظروف الصعبة والخلافات تم الإعلان عن افتتاح الجامعة وبدأ القبول فيها بداية بشكل غير مشروط لاستدراك الخلل الذي ادى اليه انقطاع الطلاب خلال الفترات السابقة.
ولايخفى على أحد ضعف الدعم المادي المقدم لهذه الجامعة فهي تعتمد أساسا في تسيير أعمالها على ماتجنيه من أقساط الطلاب كرسم تسجيل والتحاق فيها. كما أن الجميع يعلم بان الاعتراف بشهادتها لم يتحقق إلى الآن؛ ومع ذلك فتبقى فرصة لكل شاب وشابة لإكمال التعليم دون شبح الاعتقال على أمل حدوث الاعتراف بها لاحقا.
وقد مرت السنة الماضية بكل قساوتها وطيرانها ومجازرها وخوفها وتكهناتها لكن الجامعة لم تغلق بابها يوميا، واستمرت العملية التدريسية فيها على أكمل وجه. أما هذا العام وتحديدا النصف الثاني منه كان بالفعل عسيرا عليها عكس ماتوقعه الكثيرون- بأن الهدنة القائمة ستنشط العملية التعليمية وتمنحها المناخ الآمن اللازم لنجاحها -فبدأ سيل من العراقيل يواجه عملها بدأ بقصة التأخر بسداد ودفع رواتب الكادر التدريسي العامل فيها، والذي استمر لأربعة أشهر ومن ثم جاءت قصة التأجيل المتكرر لامتحانات دورتها الفصلية الثانية بداية بذريعة موجة الحر، ثم بالعملية الأمنية التي قامت بها هيئة تحرير الشام ضد خلايا من تنظيم الدولة، والآن بحجة التناحر والتقاتل الداخلي، هذا الأمر أدى إلى انعدام الروح المعنوية لدى الطلاب الذين أجلت مواد بعضهم لمرتين متتاليتن، فأصبحوا يشعرون بانعدام الدافع نحو التحضير والدراسة وعلى قولة أحدهم “خلصت الصيفية وماتهنينا بيوم”، وعلى الطرف الآخر تتبرم زوجة أستاذ جماعي وتخاطب زوجها “صحيح بيخلص الفحص ونشرب قهوة جنب هالمروحة عرواق ؟”فيجيبها ساخرا” أكيد رح نشربها بس جنب الصوبا!!”
وربما تكون المشكلة الأبرز التي عانتها الجامعة بهذه الفترة والتي تردد صداها كثيرا في المجتمع ووسائل الإعلام هي عملية طرد طالبة من الامتحان بسبب عدم سدادها للرسوم الواجبة، علما أنه تم تنبيه جميع الطلاب بضرورة السداد قبل الفترة الامتحانية بقرار واضح صادر عن رئاسة الجامعة، ومع ذلك فقد تخلف عدد لابأس به عن السداد وكان الحل بطردهم من وجهة نظر الجامعة الأمر الذي استدعى كما ذكرنا استهجان الشارع فاضطرت الهيئة لدفع الأموال وسداد الأقساط عن الطلاب المتخلفين، وذلك لامتصاص غضب الشارع وعلى أمل ان يمر هذا العام الدراسي على خير!
ومع كل ماذكرناه فالجامعة الآن في موقف لاتحسد عليه لذلك عليها إعادة ترتيب أوراقها وتنظيم بيتها الداخلي لتبقى صامدة في واجه المصاعب التي تعترضها.
ومن ناحية ثانية علينا أن لانقس بأحكامنا عليها لأنها حاليا ملاذ أبنائنا الوحيد ليحصلوا على قدر مهما كان بسيطا من التعليم ..
فهل سيتساعد الجميع لإتمام هذا العام الدراسي بشكل ملائم، أم أن أمورا جديدة ستحصل وتزيد الطين بلة؟؟؟
شاديا الراعي -المركز الصحفي السوري.