“الجندي المجهول” لقب يناسب بكل معانيه الكوادر الطبية الملازمة للثورة من بدايتها والمشحونة بأحلام تسعى من خلالها لزرع الراحة النفسية والسلامة الجسدية لمرضى الحرب الدامية التي أجبرت الاطباء لإنشاء العديد من المشافي الميدانية وعلى مختلف أراضي المدن السورية.
جاءت هذه المشافي كحاجة ملحة في ظل غياب ثلث المشافي الحكومية عن الخدمة بحسب منظمة أطباء بلا حدود، بعد أن دمر بعضها، واستحالة دخول بعض المواطنين إليها نتيجة موقفهم المعارض للنظام، والخوف من اعتقالهم أو تصفيتهم ولو كانوا جرحى، ولفصل وحصار المناطق المحررة عن المناطق الخاضعة للنظام.
أقيمت هذه المشافي في شقق سكنية صغيرة وأقبية أبنية قديمة بل وحتى بالخيم أو السيارات المعدة كنقاط طبية متجولة ضمن المعارك، فهي تفتقر إلى الأجهزة الطبية الحديثة بشكل كبير، والكوادر الطبية المختصة ولا تتكون إلا من بعض الأطباء والمسعفين وأكثرهم متطوعين غير مباليين بحياتهم طالما أنهم شاهدوا وسمعوا مصابين يلفظون أنفاسهم الأخيرة أمام أعينهم وهم غير قادرين على إنقاذ حياتهم.
رغم معاناتهم النفسية نتيجة الضغط المستمر أصروا على التحدي وعمدوا لاستخدام أدوات وأساليب بدائية استطاعوا بها أن

يعالجوا أصابات خطيرة، فقصة ابو محمد ذاك ابن مدينة مدينة الكسوة بريف دمشق، الذي جاء محملا باليأس مع تقريره الطبي إلى إحدى النقاط الطبية واضعا خيار البتر لساقيه أمام عينيه لأنها تعرضت لتهشمات كبيرة في العضم والعضلات والشرايين ولعدم وجود أطباء متخصصين بهذا المجال، وخرج بانطباع مفعم بالسعادة بعد فترة من الوقت عندما سمع من الأطباء بأنه تعدى مرحلة البتر لساقيه بعد أن عملوا على معالجة ساقيه بطرق بدائية في النقطة الطبية الوحيدة في مدينة الكسوة والتي تعرضت للقصف عدة مرات.
حيث أنه من الجدير بالذكر أن مئات المشافي الميدانية والنقاط الطبية مقامة من
ذ بداية الثورة إلى الأن، كانت الكتيبة الطبية في الرقة أولها، وكذلك سرية الشهيد الدكتور علي محاميد الطبية في حوران وهو أول طبيب شهيد في الثورة السورية، والاتحاد الطبي الحر بحلب عام 2012.
ولم تلق هذه المشافي إلى الأن الدعم المادي اللازم من قبل منظمات العالم، أحمد دكتور اختصاصه الجراحة يروي معاناة النقاط الطبية فيقول: إن هجرة 150طبيب إلى أوربا، وفقدان الأدوية وانتهاء صلاحيتها إن وجدت، واستعمال خيوط منتهية الصلاحية أيضا، وقلة غرف العناية المشددة، كل هذه الأسباب تساعد في انخفاض العمل بالمشافي وفقدان حياة مرضى كثر قبل وصولهم للمشافي الحدودية، بالتالي ستتهاوى المنظومة الطبية إذا استمر الوضع على هذا الحال.
إلا أن هذه النقاط الطبية التي امتلكت القطن والشاش ذخيرة لمداواة مرضاها، قد نالت نصيبها من قصف طائرات النظام والتحالف والطائرات الروسية، فبرزت مشفى سلقين بإدلب، ومشفى بابا عمرو بحمص ضمن المشافي المدمرة.
لكن هل من الممكن لشعب أحيا ثورته من قلب الأحزان وقاوم كل المصاعب للوصول لنصر ثورته، أن يستسلم لنظام أسدي سلاحه يدمر كل مصدر يبث الحياة ويزرع التفاؤل في نفوس الناس خلال ثورة الحرية.
المركز الصحفي السوري – رماح الحوراني