الزواج أكبر حدث اجتماعي في حياة الإنسان، يحمل فكرة سامية في تكوين أسرة متآلفة، لكن تقاليد المجتمع جعلته عبارة عن أمر شكلي تجردت منه القيمة المعنوية.
و مع بدء الثورة السورية سقطت معظم هذه المفاهيم و تم التساهل معها، صعوبات عديدة تلاشت في ظل الظروف الأمنية و الاقتصادية المترافقة مع الغلاء الفاحش، و قلة مصادر العمل و الدخل لدى الشاب السوري.
“أحمد” شاب من مدينة إدلب تزوج بعد تحريرها يقول : “لم يكن من الممكن أن يتم زواجي بهذه السرعة بسبب خدمة العلم، الأمر الذي كان يؤرقني دائماً، و لكن بتحرير إدلب تخلصت من هذه المشكلة، بالإضافة إلى تساهل أهل زوجتي بتكاليف الزواج”.
عوائق كثيرة كانت تحكم الزواج و تقف في وجه كل شاب راغب بالارتباط، غالبها مادي يتعلق بالمهور الغالية، و مراسم حفل الزفاف و تكاليفه، وبعضها يخص إنهاء الدراسة أو الخدمة العسكرية الإلزامية.
حين كانت ظروف الحياة رغيدة قبل الثورة كان الشباب و الفتيات يطمحون لتكوين حياة متكاملة و بعدها يقررون الارتباط و الزواج، بينما اليوم نرى أن شباب الثورة باتوا يرفضون تقاليد الزواج القديمة و مظاهره الاستعراضية، وهم على يقين أن ذلك لا يجلب سعادة للحياة الزوجية.
هذا ما أكدته “رنا” في قولها : “لم أكن أتوقع أن يكون حفل زفافي أشبه بسهرة عادية، دون وجود حفلة كبيرة كما كنت أخطط لها من قبل، بوجود أهلي و أهل زوجي فقط”.
و تكمل رنا : ” أنا سعيدة جداً في حياتي مع شريك حياتي، فأصبحت على قناعة تامة أن الفستان الأبيض و حفل الزفاف لا يحققون سعادة، و من تجربتي الشخصية أنصح كل فتاة أن لا تتوقف عند تلك الأمور”.
و لابد من الإشارة إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في تسهيل موضوع الزواج خلال الآونة الأخيرة، إذ يخفف الشاب على أهله عناء البحث عن فتاة تناسبه، كما أن ذلك يساعد على التوافق بينهما بعد التفاهم على أمور حياتهما بعد الزواج.
و مع كل هذا فإن للشباب نظرة إيجابية، تؤكد أن عوائق الزواج أصبحت أقل نسبياً، و أن الزواج لم يعد مشكلة كما كان في السابق، بسبب الوعي الاجتماعي الذي ظهر بعد الثورة بين الناس، و هكذا نجد أن شباب و فتيات الثورة قاموا بثورة حقيقية، ثورة على المجتمع الذي كان يقيد الزواج بطقوس و عادات مكلفة فيها استعراض للمظاهر، مع غياب الهدف الجوهري للزواج.
ظلال سالم
المركز الصحفي السوري