” هون في توزيع معونات، حتى هيك زحم ة كتير”، لا يا عمو هون طلاب القامشلي عم يحجزوا بالطيران ليرجعوا عند أهلن”، هكذا هو حال الطلاب الجامعيين في اللاذقية والقامشلي أثناء محاولتهم العثور على بطاقة طيران للسفر، بعد أن بات النظام السوري لا يفرق بسلب مال شعبه بين طالب أو فقير أو غني الجميع في بوتقة استغلاله.
يلجأ النظام السوري للضغط على الفرد مادياً من خلال كل ما يلزمه في الحياة لأنه يدرك أنه مضطر لفعلها تحت أي ثمن كان ولو كانت رداءتها تفوق قيمتها، وقد كثرت الطوابير في سوريا منها أمام أبواب الأفران، وغيرها للحصول على المحروقات، ومثلها لتعبئة المياه، وآخرها ليس أخيرها طابور التكديس لطلاب القامشلي المسافرين من القامشلي إلى اللاذقية وبالعكس.
صورة نشرتها صفحة الفيس بوك الخاصة بمؤسسة الطيران تظهر السخرية من وزير النقل بسوريا ” غزوان خير بيك ” كتب عليها ( إذا كانت الدول تمتلك طائرات بدون طيار، فأنا امتلك طيارين من دون طائرات ) لأن مؤسسة الطيران السورية الحكومية العامة الآن تسيير رحلاتها الداخلية على متن طائرة واحدة فقط وبأسعار خيالية تزيد من هموم السوريين المجبورين على السفر خلالها لانخفاض أسعار بطاقاتها نسبياً أمام شركات الطيران الخاصة الموجودة بسوريا ( أجنحة الشام، فلاي دماس الحديثة العمل )، البالغ سعر بطاقتها من 22 ألف وما فوق.
أصبح الذهاب لجامعة تشرين بالنسبة لطلاب القامشلي وما حولها أمر صعب للغاية وكثير منهم تخلى عن دراسته بسبب حالتهم المادية المتدنية في ظل الحرب السورية بعد أن ارتفعت منذ سنتين إلى الآن أسعار بطاقات السفر بمؤسسة الطيران من 8 آلاف ذهاباً وإياباً إلى قرابة 30 ألف، حتى رحل دمشق اللاذقية ارتفعت إلى 31500ألف ل.س.
سماح من رأس العين في الحسكة تقول:” يقدمون لنا بالطائرة عصير وكيك، ويسلبون منا المال بالآلاف، متناسين أجارات سيارات الأجرة التي نستقلها من بلداتنا إلى القامشلي، ومن المطار بجبلة إلى اللاذقية، لتصبح رحلتنا تكلف أكثر من 35 ألف ل.س فقط لأننا نطلب العلم”.
وتعاني طائرات الخطوط السورية من انتهاء العمر الافتراضي لمحركاتها ولم يبق سوى واحدة قيد الخدمة وينتظر أن ينتهي اعمار محركات طائرة ثانية في غضون ثلاثة أشهر، لذلك أغلقت المؤسسة مكتبها مؤخراً للصيانة، إلا أن الأمر المخزي والمسير للسخرية أن أقل تأخير عن إقلاع رحلاتها النظامية 5 ساعات.
من الساعة 9 صباحاً إلى 5 مساءً، يبقى الطلاب يتوافدون لمكتب المؤسسة للحجز ويعود أكثرهم من دون فائدة لذهابهم بعد انتظارهم لساعات هناك، فضلاً عن نوم كثير من الطلاب في المطار لليلة أو اثنتين عندما تتأجل رحلاتهم النظامية.
هوزان من مدينة القامشلي تقول:” في أحد الرحلات بقيت الطائرة نصف ساعة في سماء اللاذقية بسبب سوء الأحوال الجوية ثم هبطت بمطار دمشق وغفينا ليلة كاملة داخله حتى أقلعت طائرتنا من جديد لتعود بنا للاذقية، فضلا عن قدومنا مراراً وتكراراً خلال فحصنا الجامعي لمكتب الحجز لنستطيع التكلم مع الموظفين”.
الرشوة والمحسوبية رمز لكل الدوائر أو المؤسسات الحكومية في سوريا، وظهرت بشكل كبير في الأونة الأخيرة بين طلاب القامشلي، فكثير ما يكذب الموظفون على الطلاب بقولهم تعالوا غداً يوجد رحلة وفي اليوم التالي يحجزون أماكن لقسم يهمهم أمره ويطردون البقية، ناهيك عن حجز لراكب بمجرد أن يدفع مبلغا أكبر أو أن يحجز له شخص مسؤول في نظام الأسد، وبينما يحاول أحد الطلاب تصوير ما يجري حصلت مشكلة كبيرة بينه وبين مدير مكتب اللاذقية لأنه أحضر قناة الدنيا والأخير منعهم من التصوير.
محمد من مدينة عامودا التابعة للحسكة يقول:” إنهم يقصون ذهباً من رحلات الطيران، ورغم ذلك يضيقون علينا الخناق خاصة نحن الشباب، فبعد أن قسم مطار جبلة بيننا وبين جنود وطياري روسيا عقب بناء القاعدة الروسية فيه، أصبحنا نشعر بعدم الراحة النفسية، طالما أن النظر منا إليهم جعلهم يغضبون ويطلبون منا السير في طريقنا دون النظر إليهم، تلى ذلك قرار الكثير من الطلاب بعدم الرجوع للاذقية”.
ورحلات المؤسسة السورية من شهر إلى الآن أصبح أقل تأخير على رحلاتها النظامية ( ٤ ساعات ) و سعر أي بطاقة على أية رحلة نظامية تعادل ضعفي بطاقة العمرة، وأصبح شعارنا ” السورية متعة الانتظار” هذا ما ذكرته إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعية المعنية بمؤسسة الطيران، وهو خير دليل على الصورة المخجلة التي رسمتها تلك المؤسسة بحق الطلاب.
” يزيدوا هم غربتنا عن أهلنا، غير مدركين أن الطالب يدبر أموره وسط موجة الغلاء هذه بآخر الأنفاس” هكذا تردد فداء دائماً، فصحيح أن المؤسسة تفتتح رحلا إضافية لطلاب القامشلي بعد انتهاء الامتحان إلا أن ذلك يصب في خزينتها المالية لأنها ترفع أحياناً الأجور مما يدفع الكثير منهم بالملل من الدراسة أو المكوث بجامعتهم حتى تنتهي دراستهم، وكل ما ذكر أعلاه لا يصيب بالدهشة كثيراً أمام نظام دمر أكثر من 70 % من البنية التحتية في سوريا، وقتل من أفراد شعبه ما يفوق 300 ألف مدني سوري، مع بيعه مناطق وخيرات سوريا لإيران وروسيا.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن