لطالما أحب السوريون ثمار الجوز اللذيذة، وشاركتهم موائد السمر والأفراح وهدايا الأحبة وحرص الأغلبية منهم على تخزينها في بيوتهم؛ لما لها من فوائد كثيرة، حيث إنها تدخل في معظم الأكلات والحلويات السورية.
شجرة الجوز شجرة معمرة تعلو أكثر من خمسة عشر متراً، أغصانها مديدة، متفرعة وكثيفة، موطنها الأصلي آسيا الوسطى والغربية، كما تعتبر ثمارها أغنى المصادر النباتية بالبروتين وتحتوي على نسبة عالية من الألياف والمعادن والفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة..
لكن الأوضاع الاقتصادية المتردية، نتيجة حرب النظام في الوطن سوريا، أثر سلباً على إقبال الأهالي لشراء ثمرة الجوز. تقول “أم أحمد” من ريف إدلب” في كل صيف أعمد لتموين ثمار الجوز- البلدية خاصة – كي أستخدمها في صنع المكدوس تلك الأكلة التي يحبها صغاري بشكل كبير؛ كونها تدخل بشكل أساسي في موائد الإفطار الذي أحرص دائماً على أن يكون مغذياً لبنية أجسادهم الصغيرة، آه كم كنت أفتخر بمطاربين المكوس المصفوفة على رف الخزانة في المطبخ أمام جاراتي ولسان حالي يقول شوفوا شطارتي.. لكن في هذه الأيام القاسية وفقدان زوجي لم يعد بوسعي شراء حتى باذنجان المكدوس”.
كما يكشف “أبو محمود” من مدينة إدلب” أعمل منذ سنيين ببيع المواد الغذائية كافة، وخصوصاً ما يتعلق بالحبوب والمكسرات، لكن في الآونة الأخيرة مع ازدياد تردي الأوضاع والضائقة المادية التي أصابت أغلبية السكان في سوريا نتيجة الحرب، جعلتهم يقدمون على شراء المواد الأكثر ضرورة للعيش والاستغناء عن البعض الآخر كالجوز والفستق واللوز معتبرين هذه المكسرات أصبحت حلماً نتيجة ارتفاع أسعارها مقابل الدخل القليل الذي لا يكاد يسد رمق أغلبية الأسر والامتناع عن شرائها كونها أصبحت من الرفاهيات للمواطن السوري”.
طبعاً هناك عدة أسماء لثمار الجوز مثل “عين الجمل” و”الكعكاع” و أشهرها “الجوز” كما هو متعارف عليها في سوريا، ومهما كانت تسمية تلك الثمرة اللذيذة، إلا أن لها أنواعا متعددة من أبرزها الجوز الأسود، والجوز الإنجليزي والبلدي وإرشادات الغرس والرعاية الأساسية تبدو متشابهة في كل الأنواع، فهي شجرة تتكيف مع مناخات مختلفة وتقاوم الأمراض.
يكشف “أبو بلال” أحد المزارعين في ريف إدلب “أشجار الجوز قديمة، زرعتها أيدي أجدادي المباركة، وكونها مفترشة للمكان، يستظل بها من أشعة الشمس ويحلو تحتها السهر في ليالي الصيف القمرية، منظر ثمار الجوز الذي يسقط بعد نضجه مع نسمات الهواء العليل يثلج القلب، وكأن الشجرة تشعرك بكرمها المتأصل فيها الذي ورثته من الأجداد. آه.. بات الخوف من طيران النظام يمنعنا من التجمع خوفاً من الاستهداف، أفقدتنا الحرب التلذذ بالثمر والشجر وحتى في استنشاق الهواء العليل، لكن استمرار الحياة سيكون لمن بقي فيها كعطاء تلك الشجرة المباركة الذي لا ينتهي، لا يأسَ مع السوريين فهم كما يقول جدي رحمه الله” كن مع الله ولا تبالِ” فالأرض والشجر يعلو ويزدهر في كل ربيع معلناً استمرار الحياة رغم الآلام.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد.