برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
اتخذت تركيا خطوة حساسة من خلال التدخل المباشر في الحرب الأهلية في سوريا، وذلك بعد بدء عملية درع الفرات، والتي تشارك فيها الدبابات التركية مع وحدات القوات الخاصة، ودخلت منطقة جرابلس وساهمت في نقل السيطرة على المنطقة ليد الجيش السوري الحر.
وبذلك تكون تركيا قد قامت فعليا بخطوة حقيقية على طريق تأسيس المنطقة الآمنة التي طالبت دوما بتأسيسها على الحدود السورية التركية، وقدمت تركيا دعم لا محدود لقوات المعارضة السورية. وقد زار نائب الرئيس الأمريكي بايدن أنقرة وطلب من حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الانسحاب إلى شرق الفرات.
لكننا فهمنا خلال فترة قصيرة بأنّ وحدات حماية الشعب لن تنسحب من منبج بسهولة، وقد كشفوا لنا بأنهم جاهزين للمواجهة وذلك بعد استهداف الدبابات التركية بصواريخ كورنيت روسية الصنع.
ونحن نعلم أنّ أكثر نقطة سلبية قامت بها تركيا، هي الانتظار طول هذه المدة دون التدخل بصورة مباشرة في الحرب الأهلية في سوريا رغم أنّ أنقرة أكثر المتضررين منها. وهذا تسبب بعدة مشاكل لنا.
تعرضت تركيا لتهديدات حزب العمال الكردستاني وداعش، ولم يكن من السهل أبدا على تركيا إدارة العلاقات مع قوتين عالميتين مثل روسيا وأمريكا، ونعلم انزعاج أردوغان من قرار أوباما بعدم مشاركة الجيش الأمريكي في سوريا. بينما انقطعت العلاقات التركية الروسية مدة 8-9 أشهر بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية. والسؤال المطروح هنا، لماذا الآن تتدخل تركيا؟ وهي التي امتنعت في السابق تجنبا لزيادة التوتر في العلاقات مع أمريكا؟
دعونا نحاول الإجابة عن هذا السؤال على شكل نقاط:
1- اتخذت أنقرة هذه الخطوة بعد مشاركة جميع الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية (روسيا، أمريكا، إيران) بصورة مباشرة في سوريا، وبهذا كانت تركيا هي آخر دولة تشارك بقواتها الخاصة وتدخلت في سوريا.
2- بذلك تكون تركيا جنبت نفسها الدخول في سوريا تحت حمل ثقيل يتمثل بالإطاحة بالأسد والقضاء على داعش، بل فضلت الانتظار حتى آخر لحظة من أجل حماية حدودها وأمنها القومي، ودخلت في الوقت الذي تريد.
3- هناك منظمتان إرهابيتان فاعلتان في شمال سوريا، هما داعش، ووحدات حماية الشعب. داعش سقطت سريعا، وانهارت قواها بسرعة، بينما لا تزال قوة حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب في ذروتها بشكل يُزعج أعدائها. بينما رد فعل النظام السوري الضعيف جدا على تدخل تركيا المباشر، يشير الى تعقيدات في المشهد.
4- إذا كان أكثر ضرر جراء تأخر التدخل التركي كان يكمن في توسّع كنتونات حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، فإنها لا تزال غير موحدة، وبالإمكان حتى الآن الحيلولة دون توحيدها.
5- النقطة الأهم هنا، هو محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت ليلة 15 تموز/ يوليو، والتي لحقها سيطرة كاملة من المستوى المدني على الجيش، ودعم شعبي لا محدود.
ولهذه الأسباب فإنّ نسبة نجاح عملية درع الفرات وتسليم مناطق جرابلس ومنبج للجيش السوري الحر، نسبة نجاح العملية اليوم أعلى من نسبة نجاحها لو حدثت في الماضي.
ولن تكون الأيام القادمة سهلة لعملية درع الفرات، حيث لن يكون من السهل تطهير منطقة الباب من داعش، لأنّ ذلك يتطلب إعادة تشكيل الجيش السوري الحر وتدريبه وتجهيزه لخوض المعارك.
ومع أنّ أمريكا سعيدة من تدخل جيش مُحترف لأول مرة بريا ضد داعش، إلا أنها لا ترغب بأنْ تقود تركيا عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب، وهذا أعرب عنه البنتاغون من خلال قوله بأنه لا يمكن القبول بالتصادم بين تركيا ووحدات حماية الشعب.
كما أنّ وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي لن تسلّم بسهولة بفشل قدرتها على توحيد الكنتونات، وهذا الموضوع سيكون سببا في زيادة التوتر في العلاقات التركية الأمريكية، لأنّ بدء تركيا في مواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، سيغير المعادلات على الأرض السورية.