ظهر تنظيم “الدولة” في مدينة “التل” بريف دمشق بشكل رسمي، ليعتبر هذا الإعلان الأول من نوعه ضمن المناطق التي عقدت اتفاقيات هدنة أو مصالحات مع النظام السوري في عموم المدن السورية، حيث نجح التنظيم في الإعلان عن ولادة جسم عسكري جديد تابع له في ريف دمشق تترأسه قيادات انشقت مؤخرا عن جبهة النصرة والمعارضة السورية المسلحة.
الناشط الميداني في مدينة التل “ياسر أبو الهدى” قال لـ “عربي21” خلال اتصال خاص معه: “بدأ تنظيم الدولة في الظهور بمدينة “التل” منذ أشهر بأعداد قليلة بشكل خفي وغير معلن، إلى حين انشقاق قيادات عن جبهة “النصرة” قبل فترة وجيزة، لتنجح تلك القيادات المنشقة باستقطاب مجموعات مسلحة تابعة للمعارضة السورية وتبايع التنظيم، ومن ثم جاءت موافقة وعملية القبول من قيادة التنظيم في مدينة “الرقة”، ليبدأ التنظيم بالنمو في المدينة تدريجيا”.
واستطرد “أبو الهدى” قائلا: “عقب عملية الموافقة على انضمام هذه المجموعات للتنظيم، أقدمت قيادته في الرقة على تقديم الدعم المادي والعسكري لهم بشكل جيد، الأمر الذي جعلهم يستقرون ماديا وعسكريا على خلاف بقية التشكيلات المسلحة العاملة في المدينة، وكان عامل الاستقرار وغيره من العوامل المتتالية سببا في انضمام مدنيين وعسكريين تابعين للمعارضة من قرى وبلدات وادي بردى أيضا للتنظيم”.
فرع تنظيم الدولة المنبثق مؤخرا في مدينة التل، اتخذ وبحسب المصدر الميداني من منطقة “وادي موسى” في المدينة، مقرا له، إضافة إلى مناطق غربي المدينة وفي منطقة البانوراما، ويتولى قيادة التنظيم حاليا “أبو عبادة هلال”، في حين تسلم القيادة العسكرية “أبو بكر الأردني”، كما تسلم قيادة التنظيم في مناطق القلمون ووادي بردى “أبو مصعب الخير”، وللقيادات السابقة الدور الأبرز في تشكيل خاصرة جديدة للتنظيم في ريف دمشق، ضمن المناطق الموقعة على هدنة أو اتفاقيات مصالحة مع النظام السوري.
وأضاف “أبو الهدى”: “مع ظهور التنظيم في المدينة، بدأت أعمال الاغتيال في التنامي مستهدفة عناصره، حيث اغتال مجهولون ثلاثة من عناصره، كما اغتال مسلحون مجهولون قياديين في جبهة النصرة”، ونوه الناشط الميداني إلى وجود عدة سيناريوهات لأعمال الاغتيال، منها اغتيالات داخلية بين النصرة والتنظيم بسبب الخلاف الفكري، والاحتمال الثاني هو ما يرجح بحسب المصدر، وهو قيام النظام السوري باغتيال شخصيات وقيادات من الجانبين بغية إشعال الحرب بينهما، مستغلة ذلك الخلاف الفكري بينهم، وكذلك تغلغل استخباراته داخل المدينة.
علاقة تنظيم الدولة الفتي في المدينة بالمعارضة السورية المسلحة ليست جيدة، في حين تربطه علاقة جيدة مع لواء “الغرباء” الذي يعد من أهم التشكيلات العاملة في المدينة منذ بداية عسكرة الثورة السورية، وهو تشكيل معروف للأهالي، ولعب هذا اللواء دورا هاما في فض النزاعات السابقة بين التنظيم وبقية التشكيلات عقب ولادة التنظيم.
وأوضح المصدر: “انزعاج يسود بين الأهالي بسبب تجوال مقاتلي تنظيم “الدولة” في الشوارع بالجعب العسكرية، إذ إن المدينة في حالة هدنة مع النظام السوري، وأن هذه الأعمال، إضافة إلى تواجد التنظيم أصلاً في المدينة سيكون حجة من قبل النظام لإغلاق المدينة، وتزايد أعمال الاعتقال، وتشديد الحصار عليها”.
ونوه “أبو الهدى” إلى علاقة غير جيدة بين التنظيم والمدنيين في المدينة، كما أن التنظيم لم يتدخل في مجريات الحياة اليومية، وأن المؤسسات المدنية في المدينة هي المسؤولة عن تسيير أمور الأهالي وتلبية احتياجاتهم.
ومدينة “التل” تحوي ما يزيد عن مليون مدني سوري، وتعد آخر المدن الخارجة عن سيطرة النظام السوري بالقلمون الغربي، وكانت قد وقعت على اتفاق تهدئة مع الأسد مطلع عام 2013، ودخول تنظيم الدولة إليها بشكل رسمي، يعد تطورا ميدانيا بالغ الأهمية بسبب دخوله أجواء الهدنة والمصالحات التي انتشرت في الآونة الأخيرة في الأرياف الدمشقية ومدن سورية أخرى، مما ينذر بمرحلة جديدة من التطورات الميدانية، والتي ستتضح أشكالها في القادم من الأيام.
عربي 21