حراكٌ ثوري انطلق من عزيمة شعب أبى إلا أن يرفض الذل، إرادة كسرت حاجز الصمت دفعت بالشباب للانطلاق بهذا الحراك السلمي لينفضوا عنهم غبار عقود من القمع و الذل.
شبابٌ رفضوا الوقوف ساكتين أمام ما يواجهه الشعب السوري بعد بدء قوات النظام بحملات الدهم و الاعتقال و القتل الممنهج و إطلاق الرصاص الحي على المظاهرات السلمية، فعمدوا إلى جمع بعضهم و تشكيل ما يسمى ” تنسيقيات الثورة “.
كانت الفكرة الرئيسية من تشكيل تلك التنسيقيات، هو توجيه رسالة السوريين لمن هم خارج سوريا و نقل فضائح النظام و جرائمه تجاه الشعب السوري و توثيقها بأسماء و أدلة ملموسة من أرض الواقع.
أكرم شاب من مدينة درعا في الجنوب السوري و التي تعدّ من أوائل المدن المنتفضة في سوريا قال: ” دفعتنا جرائم النظام السوري و مواجهته لمظاهراتنا السلمية بإطلاق الرصاص الحي باتجاهنا و وقوع شهداء و جرحى إلى العمل على نقل الواقع الذي يحصل في ظل التعتيم الإعلامي الذي تقوم به وسائل إعلام النظام، فقمنا أنا و البعض من أصدقائي الشباب بتشكيل مجموعة صغيرة لنقل ما يحصل في مدينتنا عبر الإنترنت بعد تصوير الوقائع بأجهزة الموبايل الخاصة بنا رغم ضعف إمكانياتها و رفعها على مواقع التواصل الاجتماعي، أطلقنا على تلك المجموعة اسم ” تنسيقية الثورة السورية في مدينا درعا “.
في الأول من حزيران/يونيو سنة 2011، تم تأسيس اتحاد تنسيقيات الثورة السورية و إصدار بيانه التأسيسي من العاصمة دمشق و الذي كان آنذاك يضم أكثر من 216 تنسيقية و مجلس و تجمع، و الذي كان هدفه كمنظمة إنهاء نظام الحكم الاستبدادي في سوريا متمثلاً برئيسه بشار الأسد، ليكون بذلك أول خطوة من أجل بناء سوريا كدولة تقوم على احترام حقوق الإنسان و الأقليات و الحقوق المدنية و الديمقراطية.
آمنت تنسيقيات الثورة السورية بعد فشل سلمية الثورة، بشرعية النضال المسلح في وجه قوات النظام بعد أن أصبح شهداء سوريا و جرحاها بالآلاف، لتعمل على حض العسكريين على الانشقاق و اعترافهم بشرعية الجيش السوري الحر كي يحموا المدنيين عوضاً عن قمعهم و قتلهم.
كانت بداية التنسيقيات الثورية ضعيفة جداً، فكان الناشطون يقومون بنقل الأخبار و مجريات الأحداث عبر كاميرات هواتفهم المحمولة و أدوات أخرى بسيطة، كما كانت تواجه الناشطين صعوبات كبيرة، حيث عمل النظام في معظم الأحيان على قطع الانترنت و شبكات الهواتف لمنعهم من التواصل مع العالم الخارجي و نقل ما يحدث على الأرض، فكان شباب التنسيقيات يعرضون أنفسهم و أرواحهم للمخاطرة و الخروج إلى مكان تتوافر فيها التغطية لنقل الخبر شكل سريع.
إلا أنه و بعد وصول الحراك الثوري إلى مرحلة اللارجوع، قام بعض الميسورين من الثوار باستيراد كاميرات رقمية و أجهزة حواسيب محمولة لنقل الأخبار بشكل أفضل، كما قامت بعض الجهات بالعمل على نشر شبكات انترنت فضائية و توفير أجهزة بث مباشر لتوفير أقصى ما يمكن لنقل ما يعيشه السوريون في الداخل.
لم تسلم تنسيقيات الثورة من حملات التبليغ و القرصنة من قبل من أطلقوا على أنفسهم ” الجيش السوري الالكتروني ” و الذي يتألف من شبان يعرفون تأييدهم للنظام السوري، فعملوا بشتى الطرق على إغلاق تلك الصفحات و تهكيرها أو نشر أخبار كاذبة باسمها.
اشتهرت في سوريا صفحات عديدة على مواقع التواصل الإجتماعي المناهضة لحكم الأسد، كصفحة الثورة الصينية ضد طاغية الصين و يوميات سوري عالحاجز و غيرها ممن كانت تنقل الأحداث من على الأرض، إلا أن تلك الصفحات كانت تختفي فجأة نتيجة حملات الإبلاغ التي تتعرض لها أو لأنها كانت تنشر صوراً دموية واقعية لما يحصل في المدن السورية، فكانت مواقع التواصل الإجتماعي تعتبر تلك المنشورات عدوانية و غير مناسبة للنشر فتعمل على إغلاق تلك الصفحات.
صفحات و تنسيقيات و تجمعات شباية، تنقل مجريات الأمور و تطوراته و ما يواجهه الشعب السوري من قتل و تدمير و تهجير، واجهها مؤيدو النظام و مواقع التواصل الإجتماعي بإغلاق و إيقاف، ناسبين ذلك إلى أن محتواها لا يمكن نشره لفظاعة ما يحتويه ناسين بأن هذه هي حقيقة ما يعيشه الشعب السوري منذ أكثر من أربع سنوات من الصراع الدائر.
المركز الصحفي السوري
محمد تاج