واصل الطيران السوري لليوم الثالث غاراته على حلب ما أسفر عن مقتل وجرح عشرات بالتزامن مع موافقة وفد حكومي على «تنازلات جغرافية» شملت التخلي عن مناطق سيطر عليها أكراد في القامشلي في شمال شرقي سورية، في وقت أكد الرئيس باراك أوباما أن من «الخطأ» التدخل برياً للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، إضافة إلى دعوته التمسك بالهدنة مقابل تجديده رفض إقامة منطقة آمنة قرب تركيا.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن عشرات المدنيين قتلوا وجرحوا بقصف الأحياء الشرقية في مدينة حلب بينهم «خمسة قتلى جراء غارة جوية استهدفت سوقاً للخضار في حي الصاخور ومدنيان آخران في قصف جوي على حي الشعار وثالث في حي الأتارب»، لافتاً إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب سقوط إصابات كثيرة بينها حالات خطيرة. وأفاد «المرصد» بمقتل «ستة مدنيين بينهم طفلتان، جراء قذائف استهدفت أحياء منيان وحلب الجديدة والموكامبو» الواقعة تحت سيطرة النظام.
وأعلنت «غرفة عمليات فتح حلب»، التي تنضوي في إطارها عشرات الفصائل المقاتلة وأهمها «جيش الإسلام» و»أحرار الشام» و»فيلق الشام»، في بيان: «نمهل المجتمع المدني مدة 24 ساعة للضغط على النظام وحلفائه نحو وقف هذه الهجمات الغاشمة ضد المدنيين، وإلا فإننا (…) سنكون في حل كامل من اتفاق الهدنة».
جاء ذلك في وقت دعا أوباما إلى «إعادة إرساء» وقف إطلاق النار، موضحاً أنه تشاور أخيراً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الملف السوري. وقال أوباما في مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل: «تحادثت مع الرئيس بوتين مطلع الأسبوع، في محاولة للتأكيد أننا سنكون قادرين على إعادة إرساء وقف إطلاق النار».
وتابع: «لا يتعلق الأمر الخاص بإقامة منطقة آمنة في أراض سورية باعتراض أيديولوجي من جهتي… لا علاقة للأمر بعدم رغبتي في تقديم المساعدة وحماية عدد كبير من الأشخاص، الأمر يتعلق بظروف عملية في شأن كيفية تحقيق ذلك»، في حين قالت مركل أنها لا تؤيد إقامة «منطقة آمنة» تقليدية في سورية، لكن مفاوضات جنيف قد تمهد الطريق لإنشاء منطقة إغاثة إنسانية للاجئين.
وكان أوباما قال لـ «بي بي سي» أنه «من الخطأ إرسال قوات برية وقلب نظام الأسد… لكني أعتقد حقاً أن بوسعنا ممارسة ضغوط على المستوى الدولي على كل الأطراف الموجودة (في الساحة السورية) لكي تجلس حول الطاولة وتعمل على التفاوض من أجل مرحلة انتقالية».
إلى ذلك، بعد اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والأكراد منتصف الأسبوع الماضي، تم التوصل ليل السبت – الأحد إلى اتفاق يعيد الهدوء إلى مدينة القامشلي. وتضمن الاتفاق نقاطاً عدة بينها أن يحتفظ «الأكراد بالمناطق التي سيطروا عليها خلال الاشتباكات مثل سجن علايا وشوارع ونقاط أخرى تابعة للقوات النظامية وقوات الدفاع الوطني الموالية»، ما يعتبر إقراراً من دمشق بالنفوذ الكردي على الأرض، حيث كان «الاتحاد الكردي الديموقراطي» أعلن قيام «فيديرالية» بين أقاليم كردية وعربية.
الحياة