قال الكاتب الأميركي تشارلز كروثمر: إنه في الوقت الذي أثار فيه مسعى إيران إنتاج قنبلة نووية معركة كبيرة بين الرئيس أوباما والكونجرس، تم تجاهل سعي طهران نحو الهيمنة التقليدية على العالم العربي بشكل كبير، وهو ما لاحظته دول عربية حليفة لأميركا وتشعر بقلق كبير حيال هذا التغاضي.
ولفت الكاتب في مقال له بصحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى سيطرة جماعة الحوثي على الحكومة اليمنية الحليفة لأميركا واستيلائهم على دار الرئاسة وإجبار الرئيس على الاستقالة، بعدما اجتاحوا صنعاء قبل أربعة أشهر.
وأشار الكاتب أنه على الرغم من شكوى الحوثيين بشأن مظالم دينية يتعرضون لها كونهم شيعة وسط أغلبية سنية، إلا أن ذلك لا يمنعك كونهم عملاء لإيران التي تسلحهم وتدربهم وتقدم لهم المشورة، وأنهم يدينون لها بولاء كبير، لدرجة أن شعارهم «الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل» كان يمكن أن يكتب بالفارسية.
وتساءل الكاتب: لماذا يجب على أميركا أن تراقب عن كثب انقلاب الحوثيين؟ مشيراً إلى أن الحكومة الأميركية تعتمد على نظيرتها اليمنية في دعم حرب الطائرات دون طيار ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وأضاف أنه من غير الواضح الآن ما إذا كانت أميركا تستطيع أن تبقى على سفارتها في اليمن، ناهيك عن العمليات التي تنفذها ضد القاعدة.
أما السبب الرئيسي الذي ينبغي أن تهتم لأمره الحكومة الأميركية بشأن سيطرة الحوثيين على مقاليد الأمر في اليمن هو أن تزايد الهيمنة الإيرانية بمثابة تهديد قاتل لحلفاء الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط بأكمله.
وانتقل الكاتب شمالا حيث سوريا، ولفت إلى أن النفوذ الإيراني هناك في تصاعد مشابه لما يحدث عند مدخل مضيق باب المندب، فقد أنقذ ملالي طهران نظام الأسد المتداعي من خلال تزويد بالسلاح والمال وقوات الحرس الثوري، وأيضا من خلال توجيه وكيلها اللبناني حزب الله للقتال إلى جانب الأسد.
وأضاف أن جهود إيران لاقت نجاحا، فمتمردو سوريا المعتدلون باتوا مشتتين، حتى وسط تعايش نظام الأسد بحكم الأمر الواقع مع تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على أجزاء واسعة من دولته.
وللتدليل على هيمنة إيران على الشأن السوري، أشار الكاتب إلى «الحادثة الغريبة» التي وقعت الأسبوع الماضي في مرتفعات الجولان السورية، عندما هاجمت طائرة إسرائيلية قافلة اتضح أن من بها ليسوا جنودا سوريين، بل مقاتلين من حزب الله اللبناني ومسؤولين إيرانيين من ضمنهم ضباط برتبة عميد.
ورأى الكاتب أن إيران على يبدو تستخدم هيمنتها على سوريا وحزب الله لإنشاء جبهتها الخاصة ضد إسرائيل، مستشهدا بتبرير السلطات الإيرانية وجود قواتها على الجولان السوري أنها كانت تقدم «مشورة حاسمة»، وما صرح به حسن نصرالله قبل ثلاثة أيام على الحادث أن قوات مقاتلي حزبه ستصل الجليل.
وقال الكاتب: إن إسرائيل يمكنها التصدي لأي هجوم تقليدي يشن عليها في إشارة إلى إيران، لكن دول الخليج لا تستطيع ذلك، خاصة أن إيران تحيك «هلالا شيعيا» تابعا لها يمتد إلى البحر المتوسط مرورا بالعراق سوريا ولبنان، في الشمال، بينما تمكن وكلاؤها في اليمن جنوبا من حيازة السلطة في تلك الدولة، وهو ما يجعل من الدول المناهضة لإيران واقعة بين فكي الكماشة.
ولفت الكاتب إلى أن تغاضي الولايات المتحدة عن نفوذ إيران المتزايدة في المنطقة دفع بدول الخليج إلى استخدام أفضل سلاح لها لتركيع إيران، وهو النفط، حيث يؤدي خفض أسعار النفط إلى ضغوط اقتصادية هائلة على ميزانية إيران التي ستخسر سنويا حوالي 136 مليار دولار.
وقال الكاتب: إن إدارة أوباما مستعدة على ما يبدو للرضوخ للواقع الجديد الذي تهمين فيه إيران على سوريا، وأن البيت الأبيض بدأ يتخلى عن هدفه القديم بالإطاحة ببشار الأسد.
ولفت الكاتب إلى أن فقدان اليمن ولبنان وسوريا والعراق في يد إيران هو بمثابة كابوس في حد ذاته للدول العربية المجاورة، وأن هذا الكابوس يمكن أن يتضاعف إذا حصلت إيران على السلاح النووي، مشيراً إلى أن شعور بعض دول الخليج بالدهشة جراء عقد الإدارة الأميركية محادثات سرية مع إيران دون علمها، وأن الأمر يمكن أن ينتهي بإضفاء شرعية على تحول إيران لدولة نووية.
وما يزيد الوضع إبهاما هو معارضة أوباما الشديدة لتشديد العقوبات على إيران إذا لم توافق على التخلي عن برنامجها النووي.
وختم الكاتب بالقول: إن حلفاء أميركا في الخليج ومصر والأردن وإسرائيل يشعرون بقلق بالغ، وإن إيران تسير بوضوح نحو السلاح النووي فيما أميركا الحليف الاستراتيجي تقدم التنازلات.
العرب القطرية