كتب ديفيد بلير في صحيفة تليغراف البريطانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليسصاب رؤية استراتيجية، وأن خطته في سوريا شابتها الفوضى والعشوائية، معتبراً أن سيد الكرملين بات اليوم خادماً للأسد، لا العكس.
روسيا استثمرت الكثير من أجل إنقاذ بشار الأسد، إلى حد أن بوتين قد يصير ألعوبة في يد المخادع في دمشق.
الطيارون الروس الذين بدأوا العودة الى وطنهم سيحظون باستقبال الابطال. قائدهم الأعلى فلاديمير بوتين ينال كثيراً من التملق، حتى في وسائل الإعلام الغربية المفترض أن تكون مناهضة له. ومرة جديدة ، يوصف بوتين بأنه استراتيجي عبقري بارع في مفاجأة أمريكا وأوروبا.
حقائق
ومع ذلك، يتجاهل الرئيس المعتدّ بنفسه حقائق خطرة. ويشرح بلير أن بوتين لم يتخذ قراراً هادئاً وحكيماً عند تدخله في سوريا، وإنما كان مضطراً لنشر قواته من أجل إنقاذ حليف ضعيف. ولم تحقق حملته أياً من أهدافها المعلنة. والأسوأ أن روسيا استثمرت الكثير لإنقاذ بشار الأسد، إلى حد أن بوتين قد يصير ألعوبة في يد المخادع في دمشق.
بالنسبة الى قرار استخدام القوة النارية الروسية في سوريا بدءاً من 30 سبتمبر( أيلول) من العام الماضي، تقول الصحيفة إن أحداً لا يستطيع أن ينفي حقيقة أنه من دون التدخل الروسي المفاجئ، لكان الأسد صار خارج السلطة الان.
تهديد
وتذكر الصحيفة بأنه خلال الصيف الماضي تمكن تحالف جديد لقوات المعارضة من السيطرة على كامل أراضي محافظة إدلب، في شمال غرب سوريا، مما هدد مباشرة معقل الأسد وطائفته حول اللاذقية، على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وبحلول يوليو وأغسطس( تموز وآب)، أُجبر الأسد على سحب قواته المنهكة من مناطق واسعة في وسط سوريا. وفي حديث صريح يُعتقد أنه كان بمثابة نداء استغاثة الى الروس، اعترف الأسد بأن جيشه يعاني من “إرهاق”، وقال “نحن مضطرون في بعض الظروف إلى التخلي عن مناطق لنقل قواتنا إلى مناطق نريد المحافظة عليها”.
خيار
وفي رأي بلير، ترك هذا الاعتراف الرئيس الروسي أمام خيارين، فإما التدخل في سوريا، أو المجازفة بسقوط الأسد. ولا شك في أن ذهابه بالخيار الأول ليس ناتجاً عن نجاح، لا بل عن فشل جميع محاولاته السابقة في مساعدة الأسد على الاحتفاظ بالسلطة.
منذ بداية الحملة، حدد الكرملين أهدافها، وأولها محاربة إرهابيي داعش في العراق وسوريا. لكن معظم الغارات الروسية استهدفت كل القوات المعارضة باستثناء داعش. في الواقع، لم تكن محاربة داعش أولوية للأسد ولا للروس أيضاَ.
وباختصار قصفت الطائرات الروسية أعداء الأسد وداعش معاً، وخصوصاً حول حلب. واستغل مقاتلو داعش الفرصة لكي يتقدموا. وفي بعض المناطق، ساهمت الحملة الروسية في تحقيق مكاسب للتنظيم الارهابي.
الحملة نجحت؟
وتلفت الصحيفة إلى أن المدافعين عن بوتين قد يقولون أن هدفه الأولي لم يكن محاربة داعش، وإنما إنقاذ الأسد. ومن هذا المنطلق يمكن القول إن حملته العسكرية نجحت. لكن المشكلة تكمن في أن بوتين نفسه نفى دوماً سعيه إلى إنقاذ الرئيس السوري.
كرر الرئيس الروسي دائماً أن هدفه خلق عملية سياسية تؤدي إلى تحقيق السلام في سوريا. على هذا الأساس، سعت موسكو الى العمل على تليين موقف الاسد حيال عملية سلام قابلة للاستمرار.ولكن على رغم تجدد محادثات السلام في جنيف الأسبوع الماضي، كان ممثلو الأسد وبحلول الجمعة(اليوم الخامس للمحادثات) لا يزالون يرفضون لقاء معارضيهم.
وجهة نظر
ومن وجهة نظر الديكتاتور، يقول بلير، هذا الوضع منطقي جدا. “فبعدما ضمنت القوة النارية الروسية بقاء النظام في دمشق، لماذا سيكون على الأسد التعامل مع خصومه؟.بدل الانضمام الى عملية سلام تفضي الى رحيله، يفضل الأسد تخريب تلك الجهود، وهو على يقين بأن روسيا سوف تبقيه في السلطة مهما فعل.
ميديا24