نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا لمراسلها للشرق الأوسط راف سانتشز، ومراسلتها للشؤون السياسية لورا هيوز، قالا فيه إن أصابع الاتهام وجهت لمجموعة من اللوردات والقساوسة البريطانيين، “بالجلوس والحديث مع مرتكب مجازر جماعية”، بعد لقائهم رئيس النظام السوري بشار الأسد، في دمشق.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أن الوفد قام بمقابلة الأسد، مع أن قواته وحلفاءه الروس يفرضون حصارا على مناطق شرق حلب، التي يسيطر عليها الثوار، وتدعمهم الطائرات التي قتلت الآلاف من المدنيين.
ويذكر الكاتبان أن الوفد ضم كلا من مطران الكنيسة الإنجلكانية السابق لمدينة روتشستر القسيس مايكل نظير علي، ومعه عضوان من مجلس اللوردات، هما البارونة كارولين كوكس واللورد ريمونت هيلتون، بالإضافة إلى القسيس أندرو أشداون، وهو قسيس إنجلكاني، مشيرين إلى أن هدف الوفد قد يكون إبراز معاناة المسيحيين في سوريا، لكن المنتقدين يقولون إن المجموعة قامت بفعلها بإضفاء الشرعية لزعيم ارتكب جرائم حرب.
وتنقل الصحيفة عن عضو البرلمان العمالي ونائب رئيس المجموعة البرلمانية المهتمة في سوريا جون وودكوك، قوله: “من المشين أن نرى برلمانيين بريطانيين يعطون الأسد، المنبوذ دوليا، الفرصة لأخذ الصور معهم؛ لصرف الأنظار عن المذابح البشعة التي يقوم بها ضد العائلات السورية، ومهما كان للوفد من نوايا حسنة فإنها ستفشل؛ فوجودهم بجانب هذا الرجل سيقويه في وقت تستمر فيه حملته الإرهابية”.
ويورد التقرير نقلا عن البارونة حسين – إيجة، من حزب الديمقراطيين الأحرار، قولها إنه من المخزي أن يجلس أعضاء من مجلس اللوردات مع مرتكب مجازر ومجرم حرب، لافتا إلى أن بريطانيا قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري، عندما قامت قوات الأسد بارتكاب مجزرة ضد سكان منطقة الحولة في أيار/ مايو 2012، ذهب ضحيتها 108 مدنيين.
ويلفت الكاتبان إلى أن وزارة الخارجية البريطانية شددت على أن الزوار البريطانيين “لا يمثلون الحكومة البريطانية”، مضيفة أن “أي برلمانيين بريطانيين قاموا بزيارة سوريا، فإنهم فعلوا بذلك بشكل مستقل، وتنصح الحكومة البريطانية بعدم السفر إلى سوريا”.
وتفيد الصحيفة بأن المجموعة التقت بالأسد في دمشق يوم الأحد، والتقت ببطريرك الروم الأرثوذوكس السوري، الذي يعلن عن دعمه للنظام السوري، مشيرة إلى أن الأسد حاول منذ بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011، أن يطرح نفسه على أنه بطل الأقليات الدينية، بما في ذلك المسيحيون، وحاول أن يظهر الثوار السوريين كلهم بأنهم جهاديون سيعاملون المسيحيين بالوحشية ذاتها التي أبداها تنظيم الدولة في العراق والشام تجاه سجنائه المسيحيين.
وينوه التقرير إلى أن القسيس نظير علي قام بالاستقالة من منصبه، بصفته مطرانا لروتشستر عام 2009؛ ليتفرغ للعمل في قضية اضطهاد المسيحيين في الشرق الأوسط وغيره، أما البارونة كوكس فعرفت بمحاولتها دعوة عضو البرلمان الهولندي اليميني المتطرف غريت وايلدرز إلى البرلمان البريطاني، قبل أن تمنع الحكومة دخوله إلى بريطانيا، كما أنها رفعت صوتها بخصوص اضطهاد المسيحيين.
ويشير الكاتبان إلى أن المسيحيين شكلوا حوالي 10% من السكان في سوريا قبل الحرب، وكثير منهم انحاز للأسد؛ خوفا من أن يؤدي سقوط نظامه العلماني إلى استيلاء الإسلاميين على الحكم، مستدركين بأن آخرين انضموا للثورة ضد نظام الأسد، مثل جورج صبرا، الذي يرأس المجلس الوطني السوري المعارض، وهو مسيحي سوري.
وتنقل الصحيفة عن الزميل في معهد الخدمات الملكي المتحد الدكتور إتش إيه هيليير، قوله إن نظام الأسد سيستخدم الزيارة للدعاية في الداخل والخارج، ويضيف أنه “داخل سوريا يمكن للأسد القول: (لا يزال هناك أعضاء من المجتمع الغربي يجتمعون بي علنا.. فمع أن البعض يشككون في شرعيتي، فإن هناك آخرين من قلب الديمقراطية البريطانية يقبلون بأحقيتي في الحكم)، أما رسالته الساخرة للغرب فهي: (إن الخيار بيني وبين تنظيم الدولة، وليس الأمر فقط هو أن تنظيم الدولة شيطاني.. لكني سأحمي الأقلية المسيحية)”.
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من السياسة البريطانية تجاه الأسد، فإن عددا من السياسيين البريطانيين البارزين قاموا بزيارته، حيث زاره ديفيد ديفس، الذي كان عضو برلمان في المقاعد الخلفية وقت الزيارة في نيسان/ أبريل، كجزء من مهمة البحث عن حقائق، وهو الآن وزير ملف مغادرة الاتحاد الأوروبي.
ويبين الكاتبان أن أمريكا وروسيا فشلتا في التوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق للنار بين قوات النظام وقوات الثوار في سوريا، لافتين إلى أن بداية أي صفقة هو تجميد خطوط التماس، لكن استعادة قوات الأسد للراموسة جنوب حلب، أدت إلى إعادة فرض الحصار على شرق حلب.
وتختم “ديلي تلغراف” تقريرها بالإشارة إلى أن “هذا الأمر سيزيد من صعوبة توصل روسيا وأمريكا إلى اتفاق، وبالرغم من محادثات دامت 90 دقيقة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي باراك أوباما في مؤتمر العشرين الكبار في الصين، إلا أنها لم تكن كافية للتوصل إلى صفقة”.
عربي 21 – باسل درويش