كل شيء ينذر باقتراب المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في بلدة تلعفر، أرتال القوات العسكرية تتوافد إلى ضواحيها وغارات جوية مكثفة تمهيدا للهجوم، وعند الضواحي الجنوبية للمدينة يتواجد قادة من قوات جهاز مكافحة الإرهاب إلى معسكر اللواء 92 تلعفر التابع للجيش العراقي، وفي خضم هذه الأجواء العسكرية تجري تسويات سياسية سريّة من أجل معركة لن تكون سهلة.
ينتشر جنود اللواء 92 تلعفر منذ أسابيع في المنطقة لمراقبة تحركات مقاتلي تنظيم داعش وإطباق الحصار عليهم بانتظار المعركة الحاسمة. ويشير تقرير لموقع نقاش إلى أن الضباط الكبار في جهاز مكافحة الإرهاب والقادمين من الموصل بعد معركة شاقة وطويلة استمرت تسعة أشهر ناقشوا مع قادة اللواء العسكري استعدادات المعركة المقبلة واستطلاع جغرافية المنطقة واختيار موقع الهجوم.
ويقول موقع نقاش إن المعركة باتت قريبة جدا رغم أن قادة الجيش لم يعلنوا موعد انطلاقها تحديدا، وينقل الموقع المعني برصد تطورات الداخل العراقي عن النقيب محمد الساعدي أن “الاستعدادات للمعركة اكتملت، وبدأت أفواج كثيرة تتوافد إلى ضواحي المدينة، الجيش، الشرطة الاتحادية، الرد السريع، الحشد الشعبي، إضافة إلى قوات جهاز مكافحة الإرهاب”.
ورغم أن المعركة تبدو سهلة حسب قادة كبار في الجيش العراقي إلا أن تحديات كثيرة تجعل المتحدث باسم قوات التحالف الدولي العقيد ريان ديلون يقول إن استعادة تلعفر مهمة صعبة.
ولموقع تلعفر أهمية استراتيجية بالغة وتبعد المدينة عن الموصل (70 كلم) وعن جنوب الحدود التركية (50 كلم) وعن الحدود السورية (60 كلم) ويجعل هذا الموقع المنطقة أحد محاور الصراع الإقليمي لقربها من تركيا شمالا وسوريا غربا، وتتبع قضاء تلعفر ثلاث بلدات صغيرة هي ربيعة والعياضية ويسيطر عليها تنظيم داعش أيضا وزمار التي تسيطر عليها قوات البيشمركة.
وتعتبر مساحة تلعفر الشاسعة من أبرز التحديات التي ستواجه قوات الأمن العراقية، إذ تبلغ مساحتها 3206 كلم مربع، وهي ضعف مساحة مدينة الموصل.
كما أن أحياء تلعفر تشبه إلى حدّ كبير أحياء الجانب الغربي من الموصل، فهي متداخلة ومنازلها قديمة تعود إلى غالبية سكانها محدودي الدخل، وهو ما قد يكرّر سيناريو معركة غرب الموصل، وفقا لكمال عجملي أحد شيوخ عشائر تلعفر.
ويقول عجلمي إن “داعش استعد طويلا لهذه المعركة، وتلعفر هي آخر معاقله شمالي العراق ولهذا قد يلجأ إلى القتال حتى النهاية، كان على الحكومة أن تبدأ بالعملية العسكرية بالتزامن مع معركة الموصل للقضاء على التنظيم بشكل نهائي، ولكنّ أعدادا كبيرة من المتطرفين هربوا من الموصل نحو تلعفر مع عائلاتهم”.
وعلى الرغم من أن الحصار أحد نقاط الضعف التي ستواجه تنظيم داعش لكن في الجانب الآخر قد تنتج معركة طويلة، فالمتطرفون عندما تتم محاصرتهم بلا طريق للهروب يقاتلون بشراسة وحتى اللحظة الأخيرة، كما حصل في معركة غرب الموصل التي أسفرت عن دمار كبير.
كما أن قوات الأمن العراقية تعرضت للإنهاك وتكبدت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات العسكرية خلال تسعة أشهر من القتال في الموصل، وهي أطول معركة تخوضها قوات الأمن العراقية ضد تنظيم الدولة الإسلامية وشارك فيها مئة ألف مقاتل، ومثلا فإن معركة الفلوجة استغرقت ثلاثة أسابيع فقط، ومعركة تكريت استمرّت شهرا واحدا.
والحصة الأكبر من هذه الخسائر كانت في قوات جهاز مكافحة الإرهاب التي تعتبر رأس الحربة في غالبية المعارك وهي التي تقوم بالمهمة الرئيسية في اختراق الخطوط الدفاعية للمتطرفين.
ويرجح محلّلون أن الإنهاك الذي تعرّضت له قوات الأمن العراقية في معركة الموصل قد يؤدي إلى إضعاف قدرتها الهجومية، خصوصا وأن الحكومة قررت مشاركة القطعات العسكرية نفسها التي شاركت في معركة الموصل.
صحيفة العرب