يشعر ضباط مخابرات أمريكيون بالسخط من إدارة الرئيس باراك أوباما حيال سورية، لا سيما في يتعلق بمحاولاته المتكررة التقرب من روسيا الحليف الأساسي الداعم لنظام الأسد.
ويرى هؤلاء الضباط أن سخطهم يعود جزئياً إلى أن موسكو تعلم أن المعسكرين التابعين لفصيلين معارضين في واللذين تعرضا لقصف روسي الشهر الماضي، ومرة أخرى هذا الأسبوع بعيدان تماماً عن مناطق نفوذ تنظيم “الدولة الإسلامية”، ويضمان مقاتلي مجموعات تدعمها الولايات المتحدة أو أفراد عائلاتهم.
وقال مسؤول أمريكي الشهر الماضي إن روسيا “شنت غارة جوية ثانية على مقاتلين سوريين تدعمهم واشنطن يقاتلون الدولة الإسلامية حتى بعد أن استخدم الجيش الأمريكي قنوات مخصصة للطوارئ كي يطلب من موسكو وقف القصف بعد الغارة الأولى”.
وقال أربعة ضباط بالمخابرات الأمريكية إن الهجوم الآخر الذي وقع يوم الثلاثاء قتل 12 مسلحا على الأقل في قاعدة قريبة.
ويقول مسؤولون أمريكيون آخرون إنه من السذاجة الاعتقاد بأن تصريحات الروس بشأن سعيهم لوضع حد للحرب في سورية من خلال المفاوضات، تعني أن هدف موسكو يتوافق مع هدف الولايات المتحدة وحلفائها من العرب والأوروبيين.
وقال اللفتنانت جنرال في الجيش الأمريكي شون ماكفرلاند قائد قوات التحالف التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية لمجموعة من الصحفيين في بغداد “من الواضح للغاية أن برنامج عملهم لا يتفق بنسبة 100 في المئة مع برنامجنا.”
وأضاف: “سأكون حذرا قليلا حيال إعطاء الكثير من المعلومات للروس لكنني أثق تماما بأن مسؤولينا الحكوميين يدركون هذا الأمر ويعرفون أنهم سيتوصلون إلى أمر ما منطقي.”
فيما قال مسؤول عسكري إن “الروس يريدون تسوية تبقي على (الرئيس السوري بشار) الأسد في السلطة أو بديل يكون مقبولا بالنسبة لهم.”
وأضاف: “قال الرئيس (أوباما) إن الأسد يجب أن يرحل وحلفاؤنا خاصة في السعودية يؤيدون وجهة النظر هذه بكل قوة. في الواقع هم يسألوننا باستمرار عن سبب تقربنا من موسكو.”
سعي أمريكي وراء روسيا
وفيما يتحفظ كبار الضباط الأمريكيون على نهج أوباما في التحرك بالملف السوري، يتوجه وزير الخارجية جون كيري إلى روسيا، في محاولة جديدة منه لإقناع موسكو بالمشاركة جهود إيقاف النار في سورية.
السعي الأمريكي لهذه الخطوة كشف عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر، الذي قال إن “كيري يتوجه إلى روسيا (وصل اليوم الجمعة) مجددا في محاولة أخرى لإقناع موسكو بالمشاركة في عملية يمكن أن تؤدي إلى وقف تام للعمليات القتالية”.
وقال تونر: “هناك أمور نتفق عليها تتعلق بسورية وكيفية حل النزاع”، مضيفا أنه “على الرغم من التوصل إلى هذه الاتفاقات لكننا لم نشهد بعد تطبيقها عمليا على الأرض.”
ويبدو أن كيري ما يزال يأمل في تعاون أوثق مع روسيا على الرغم من شكوك الكثير من المسؤولين الذين يقولون إن إدارة الرئيس أوباما لا تملك استراتيجية للتعامل مع التحديات التي تمثلها روسيا في أوروبا وسورية.
وقال مسؤول في المخابرات الأمريكية: “ليس واضحاً لماذا يعتقد وزير الخارجية أنه يستطيع اقناع الروس بدعم أهداف الإدارة في سورية.”
وأضاف: “(كيري) يتجاهل حقيقة أن الروس وحلفاءهم من السوريين لم يميزوا بين قصف الدولة الإسلامية وقتل أعضاء من المعارضة المعتدلة ومنهم أشخاص دربناهم.”
وتساءل “لماذا نتبادل المعلومات الخاصة بالمخابرات والأهداف مع من كانوا يفعلون ذلك.”
رسائل كيري
وحمل وزير الخارجية الأمريكي إلى موسكو أمس الخميس مقترحات لتعزيز التعاون العسكري وفي مجال المعلومات ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة” في سورية رغم الشكوك التي تساور المسؤولين الأمريكيين.
ووصف مسؤولون أمريكيون الزيارة بأنها اختبار لرغبة موسكو في استخدام نفوذها لدى نظام الأسد للمساعدة في إحياء عملية السلام في سورية وأن الوقت المتاح لذلك آخذ في النفاد.
والتقى كيري بالرئيس فلاديمير بوتين في الكرملين مساء أمس، وقال كلاهما قبل الاجتماع إنهما يأملان في تحقيق تقدم بشأن سورية. ومن المقرر أن يلتقي كيري بنظيره الروسي سيرغي لافروف اليوم الجمعة.
وقال بوتين إن محادثته الأخيرة مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما أقنعته بأن الجانبين مخلصان في جهودهما لإيجاد حل في سورية.
ووفقا لأحد الصحفيين المختارين للتغطية قال بوتين لكيري مع بدء المحادثات “أتمنى بعد محادثات اليوم أن تكون قادرا على تقديم المشورة له بشأن ما تحقق من تقدم والسبل المتاحة التي يمكن أن نسلكها للمضي قدما.”
وقال كيري إن أوباما يرى أن المحادثة الهاتفية الأخيرة مع بوتين كانت “بناءة”. وأضاف: “نأمل أن نتمكن من تحقيق بعض التقدم الحقيقي القابل للقياس والتطبيق والذي يمكن أن يشكل فارقا في مسار الأحداث في سورية”.
اتفاق مشترك
تحرك كيري الحالي في روسيا يعيد التركيز على ما تسرب عن اتفاق بين موسكو وواشنطن لتنسيق عملياتهما بشكل كبير في سورية لـ”القضاء” على “تنظيم الدولة” و”جبهة النصرة”.
وحصلت “السورية نت” على النص الكامل للاتفاق الذي ينص على إنشاء مجموعة تنفيذ مشتركة لكلا البلدين مقرها في العاصمة الأردنية عمان. وتدعو إلى تنسيق عالي المستوى لتوجيه الضربات على التنظيمين المذكورين، فضلا عن أن الاتفاق يشرعن عمليات روسيا في سورية، ويمنح نظام الأسد متسعاً لشن عمليات عسكرية ضد فصائل المعارضة بذرائع عدة.
السورية