FEBRUARY 8 , 2014
واشنطن ـ ‘القدس العربي’
كشف تقرير امني سري شاركت في صياغته الاجهزة الامنية الامريكية اضافة لوزارة الخارجية التفاصيل الكاملة للمعلومات الاستخبارية التى حصلت عليها واشنطن حول الوضع الامني في العراق، وخصوصا نشاط ذراع تنظيم القاعدة حركة ‘ الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام’
وقد تضمن التقرير الذي حصلت علي نسخة منه ‘ القدس العربي’ توصيات واضحة المعالم بضرورة عدم الاتكاء على خلق اصلاحات سياسية واقتصادية لهزم تنظيم القاعدة الذي برهن التقرير على نفوذه القوي في العراق وعجز القوات العراقية عن مواجهة افراده في الرمادي والفلوجة وعدم قدرتها على محاربة العشرات من المعسكرات المسلحة في غرب العراق وعلى الحدود مع سوريا
وفي بداية التقرير تناولت الاجهزة الاستخبارية الاوضاع في العراق في عامي 2011 و2012 للوصول الى فهم اوضح للوضح الحالي جاء فيه :’ ان دولة العراق كانت مشبعة بالعنف في هذه السنوات، وحسب ارقام التقرير الامريكي فقد قتل اكثر من 4400 عراقي في العام الاول، معظمهم جراء هجمات تقودها جماعة القاعدة في العراق، ولكن ذلك لم يكن يهدد وجود الدولة او يذكي حربا أهلية ،ومع حلول 2012 دخل العراق مرحلة ‘ الغليان المنخفض’ وهي مرحلة سمتها استمرار وتيرة هجمات المقاومة وارتفاع معدل العنف الى مستوى اكثر لا يشكل خطرا على انهيار الدولة او اللجوء الى أعمال انتقامية على مستوى واسع وهي حسب الرؤية الامريكية للدروس التاريخية يمكن ان تتلاشى خلال عقد من الزمن.
ولكن تصاعد العنف في سوريا غير مسار الاحداث الى أتجاه خطر حيث يضيف التقرير ان العنف في سوريا تصاعد بتحريض من قوى التنافس الاقليمي وتدخل من الجماعات الارهابية وعدم رغبة الاسد في الانخراط مع المعارضة في حوار سياسي له مغزى، اضافة الى القمع الشديد للاحتجاجات السلمية ما ادى الى صراع مسلح
ووفقا لما اورده التقرير ‘: الاكثر تنظيما وفتكا من بين هذه الجماعات كانت’ جبهة النصرة’ و’تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام ‘مع اختلاف في الاوليات حيث تضع جبهة النصرة مهمة اسقاط حكم الاسد في رأس جدول اهتماماتها والعمل مع جماعات المعارضة السورية الأخرى لتحقيق هذا الهدف، فيما ركزت القاعدة على جدول اعمال اكثر اقليمية بهدف اقامة خلافة اسلامية تمتد من بغداد الى لبنان وهي المهمة التي رسمها المسؤول الاول في التنظيم الدولي ايمن الظواهري بعد نقاش مركزي بين الشبكات الجهادية العالمية ادى الى تفويض ‘ الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام ‘ لتنفيذ جدول الاعمال والحصول على المزيد من الاتباع .
وكشف التقرير أن الموارد البشرية والمالية بدأت بالتدفق على تنظيم الدولة الاسلامية عبر الحصول على مزيد من الذخائر والاتباع والتدريبات عام 2012 عبر الحدود السورية مع العراق ومع حلول عام 2013 لوحظ على الفور ارتفاع في الهجمات الانتحارية من مقاتلين اجانب تم جذبهم عبر الدعاية المتطرفة للتنظيم من 52 دولة
ويفيد التقرير بان الاجهزة الامنية الامريكية تتعامل مع المقاتلين الاجانب على اساس انهم ‘ مفتاح ‘ البيانات الى تريد واشنطن الحصول عليها لملاحقة الشبكة الجهادية العالمية التى برهنت على قدرتها على التجنيد والتدريب.
وحسب ما اورده التقرير فقد حول تنظيم الدولة الاسلامية موارده البشرية والمالية الى العراق مع اوائل عام 2013 بحيث وصلت الهجمات الانتحارية الى 30-40 في المتوسط بالشهر الواحد على شكل هجمات منسقة وفعالة على نحو متزايد تدل على قدرة التنظيم على القيام بعمليات عسكرية عالية المستوى بدليل هجوم 5 من الانتحاريين على مقر وزارة العدل العراقية في 14 اذار/مارس من عام 2013 تمكنوا خلاله من احتجاز رهائن لعدة ساعات والسيطرة على المبنى قبل ان يفجروا انفسهم
وهاجم الانتحاريون بشراسة وانتظام في صيف 2013 اهدافا شيعية في الملاعب والجنازات والاسواق واستهدفوا ايضا مناطق سنية للسيطرة على مزيد من الاراضي اضافة الى مناطق كردية بهدف اشعال الصراع العرقي بحيث شهد العراق في تشرين الثاني / نوفمبر من عام 2013 اكثر من 50 هجوما انتحاريا مقارنة مع 3 هجمات فقط في ذات الوقت من عام 2012 مما ادى الى تأثير مدمر على الخطاب السياسي في البلاد ونزع الثقة بين القادة السياسيين والمواطنين اضافة الى صعوبة اجراء اصلاحات مطلوبة تهدف الى وفاق وطني مشترك
وتنوه الاجهزة الامنية الامريكية الى ان العنف في العراق يبدو، للوهلة الاولى، على شكل عشوائي ولكنه ليس كذلك، حيث تؤكد الاجهزة الامنية الامريكية بان هجمات تنظيم الدولة الاسلامية منسقة ودقيقة ضمن حملة استرتيجية يقودها زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي المقيم حاليا في سوريا .
وتهدف هذه الحملة الى انهيار النظام العراقي واقامة منطقة حكم في المناطق الغربية من العراق وشرق سوريا او ما يعرف باسم الجزيرة وقد لجأ التنظيم حسب استنتاجات الاجهزة الامريكية الى 3 وسائل لتحقيق هذا الغرض هي :الهجوم على المدنيين الشيعة وذلك بهدف اشعال حرب اهلية يضطر فيها المواطن العادي الى طلب الحماية من التنظيمات وليس الدولة والسيطرة على الاراضي في المناطق السنية لتأكيد الهيمنة على المسؤولين السنة والقبائل المحلية والهجوم على كردستان العراق والمناطق المتنازع عليها في الشمال لاذكاء التوترات العرقية ومن الامثلة على ذلك الهجوم على اربيل في ايلول/سبتمبر من عام 2013 .
وتحذر الاجهزة الامنية الامريكية من قدرات الجماعات الجهادية في العراق بالقول ان اساليب ‘ الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام’متطورة ومركزة للغاية وهي بحاجة الى وصفة امنية وسياسية ذكية من اجل القضاء عليها.
ولا تستبعد الرؤية الامريكية سؤء الاوضاع السياسية للعراق اثناء تناولها لمشكلة التدهور الامني، فهي كما جاء في التقرير قد بدأت بعد اعتقال القوات العراقية عددا من الحراس الشخصيين لوزير العدل السابق رافع العيساوي في اواخر كانون الاول/ ديسمبر من عام 2012 مما ادى لاستقالته .
ويضيف التقرير بان قضية الاعتقال تحولت الى قضية جنائية مما اثار حنق الطائفة السنية التي نمت مطالبها الى كتالوغ كامل من المظالم التي استمرت عشر سنوات بين أبناء الطائفة السنية، وقد شملت هذه المظالم نداءات لانهاء عملية اجتثاث ابناء الطائفة واصلاح قانون الاجراءات الجنائية لضمان محاكمة عادلة وزيادة تقاسم السلطات في صنع القرار ومؤسسات الادارة الوطنية
المحتجون بدورهم انقسموا الى فئات مختلفة، معظمهم اراد الحصول على مطالب سياسية فقط مثل المذكورة سابقا، ورفض البعض الاخر النظام السياسي برمته في حين نشطت أقلية صغيرة للدعوة الى العنف ضد الحكومة المركزية، ولكن مع رفض النظام العراقي لمعالجة تلك المظالم والحوار مع المحتجين انفجرت ‘ طنجرة الضغط’ مع عدم وجود صمام امان وبدأت الاعلام السوداء بالظهور في ساحات الفلوجة وشعر ابناء الطائفة الشيعية بالنفور وتأججت مشاعر الطائفة السنية وفي النهاية توغلت القوات الامنية العراقية لساحات الاحتجاج وتم اطلاق النيران مما اسفر عن مقتل 50 محتجا في ساحة واحدة فقط.
بعد تلك الحادثة، تعهدت الجماعات السنية القومية علنا بما في ذلك جماعة طارق النقشبيدي بمحاربة الجيش العراقي واعلنوا هجوما على بغداد، وتعتبر الولايات المتحدة جماعة النقشبيدي منظمة ارهابية اجنبية وهي مولودة من رحم احدى كتائب حزب البعث العراقي وتتهمها واشنطن بالقيام بدور في حالة عدم الاستقرار بالمناطق السنية وتعزيز عدم الثقة في المناطق الشيعية، وقد ساهمت حسب التقارير الامنية الامريكية بصعود ونمو تنظيم الدولة الاسلامية في المناطق الحدودية لمحافظة نينوى. وتعتقد الاجهزة الامنية الامريكية بان اجندة هذا التنظيم مختلفة الى حد كبير مع القاعدة ومن المرجح ان تكون هذه الشراكة قصيرة الاجل.
ويؤكد التقرير أن على ان الخطر في هذه اللحظة، هو ان الصلابة في التشدد قد انصهرت تماما مع الشعور باليأس والظلم في المناطق السنية ولذا يجب ان تقوم الحكومة العراقية في التعبئة ضد القاعدة والقيام بعلمليات امنية استخبارية. ويحمل التقرير رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسؤولية القيام بحملة ‘ توعية سياسية’ والقيام بالتصرف كرئيس دولة لضمان حالة من الاستقرار في الدولة والعمل مع قادة الطائفة السنية لمحاربة الارهاب. ويشير التقرير هنا الى ان جميع الاتفاقيات مع المالكي قد نصت على ذلك اضافة الى تأكيده اثناء لقاء الرئيس الامريكي باراك اوباما مع المالكي في تشرين الثاني الماضي واثناء المكالمات الاعتيادية التى يجريها نائب الرئيس الامريكي مع بغداد.
ويلخص التقرير الوضع في الفلوجة والرمادي بالقول ان اكثر من 100 شاحنة ترفع الاعلام السوداء قد دخلت المدينتين في اليوم الاول من العام الحالي، وهي محملة بأسلحة ثقيلة ومدافع مضادة للطائرات تم على اثرها السيطرة على المدينتين تماما تتويجا لاستراتيجية الحكم على الاراضي، وعلى الفور تدخلت واشنطن عبر زيارات امنية عالية المستوى الى بغداد اسفرت عن ارسال الولايات المتحدة لموارد اضافية واسلحة لاستعادة الشوارع من مقاتلي القاعدة ووضع اللمسات الاخيرة لخطة سياسية وامنية للاطاحة بالتنظيم. ويفيد التقرير بان القتال ما زال مستمرا في الرمادي وقد حققت الجهود الامريكية نتائج سريعة ولكنها هشة، اما في الفلوجة فقد حاول الجيش العراقي عمل طوق على المدينة الا انه واجه مقاومة شرسة من قناصين مهرة يستخدمون بنادق عيار 50.
واعترف التقرير بان الكثير من القبائل قد رفضت التعاون مع المساعي الامريكية للتحالف ضد القاعدة ووقفت معظمها على الحياد. ويؤكد التقرير على ان هدف القاعدة واضح وهو التحرك باتجاه بغداد.
الاستراتيجية الامريكية لعزل وهزيمة تنظيم القاعدة تقوم على تطوير المكونات الامنية والسياسية والاقتصادية للعراق مع التركيز المباشر على دمج ‘ مقاتلي العشائر’ مع القوات الامنية العراقية لحماية السكان من نفوذ القاعدة ومنحهم امتيازات الجنود والتعهد بدمجهم في هياكل الدولة وتقديم مزيد من الدعم الاقتصادي في هذه المناطق.
وقد كشف التقرير الامني الامريكي أن الولايات المتحدة لا تتكئ على الاصلاحات السياسية والاقتصادية في العراق لمواجهة المنظمات المتطرفة حيث جاء في التقرير بانه يجب عدم المبالغة في أهمية الانتخابات الوطنية العراقية رغم تأكيد التقرير على حرص واشنطن على ضمان ان تسير العملية السياسية والانتخابية في الاتجاه الصحيح، بما في ذلك اختيار حكومة جديدة عام 2018 وتؤمن واشنطن بان المبادرات السياسية والاقتصادية ضرورية لهذه المعركة ولكنها ليست كافية بدون تعبئة السكان.
واكد التقرير أن افتقار بغداد لطائرات هليكوبتر مدرعة ادى الى عجز في قدرة القوات العراقية على الهجوم على سلسلة من المعسكرات المسلحة لتنظيم القاعدة شوهدت بوضوح في غرب العراق، ولكن طائرات الاباتشي التي وافق الكونغرس على تأجيرها وبيعها للقوات العراقية ستوفر قدرة اكثر فاعلية لحرمان القاعدة من الحصول على ملاذ في الصحارى، وستوفر الولايات المتحدة اشرافا نهائيا على استخدام هذه الطائرات والتخطيط للعمليات.
وبما يتفق مع هذه الاستراتيجية، سوف تسلم الادارة الامريكية 10 طائرات بدون طيارفي ربيع هذا العام للعراق، و48 طائرة اخرى في وقت لاحق للمساعدة في توفير المراقبة لمنطقة الجزيرة والحدود العراقية مع سوريا، كما ستعمل واشنطن على زيادة فرص تدريب وحدات مكافحة الارهاب العراقية وستسارع وتيرة تسليم معدات عالية التقنية، كما نوقشت امكانية تدريب المزيد من القوات العراقية عالية الخبرة في الاردن
من جهة اخرى اوصى التقرير بأعادة وزير العدل العراقي السابق العيساوي لوضعه السابق في اقرب وقت ممكن بعد ان اظهر التزاما واستعدادا لهزيمة تنظيم القاعدة في محافظة الانبار وضرورة حث الحكومة العراقية على معاجة مظالم السنة ووضع حد للقوانين التي لا تجيب على ضرورة المصالحة الوطنية.
وقد تضمن التقرير الذي حصلت علي نسخة منه ‘ القدس العربي’ توصيات واضحة المعالم بضرورة عدم الاتكاء على خلق اصلاحات سياسية واقتصادية لهزم تنظيم القاعدة الذي برهن التقرير على نفوذه القوي في العراق وعجز القوات العراقية عن مواجهة افراده في الرمادي والفلوجة وعدم قدرتها على محاربة العشرات من المعسكرات المسلحة في غرب العراق وعلى الحدود مع سوريا
وفي بداية التقرير تناولت الاجهزة الاستخبارية الاوضاع في العراق في عامي 2011 و2012 للوصول الى فهم اوضح للوضح الحالي جاء فيه :’ ان دولة العراق كانت مشبعة بالعنف في هذه السنوات، وحسب ارقام التقرير الامريكي فقد قتل اكثر من 4400 عراقي في العام الاول، معظمهم جراء هجمات تقودها جماعة القاعدة في العراق، ولكن ذلك لم يكن يهدد وجود الدولة او يذكي حربا أهلية ،ومع حلول 2012 دخل العراق مرحلة ‘ الغليان المنخفض’ وهي مرحلة سمتها استمرار وتيرة هجمات المقاومة وارتفاع معدل العنف الى مستوى اكثر لا يشكل خطرا على انهيار الدولة او اللجوء الى أعمال انتقامية على مستوى واسع وهي حسب الرؤية الامريكية للدروس التاريخية يمكن ان تتلاشى خلال عقد من الزمن.
ولكن تصاعد العنف في سوريا غير مسار الاحداث الى أتجاه خطر حيث يضيف التقرير ان العنف في سوريا تصاعد بتحريض من قوى التنافس الاقليمي وتدخل من الجماعات الارهابية وعدم رغبة الاسد في الانخراط مع المعارضة في حوار سياسي له مغزى، اضافة الى القمع الشديد للاحتجاجات السلمية ما ادى الى صراع مسلح
ووفقا لما اورده التقرير ‘: الاكثر تنظيما وفتكا من بين هذه الجماعات كانت’ جبهة النصرة’ و’تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام ‘مع اختلاف في الاوليات حيث تضع جبهة النصرة مهمة اسقاط حكم الاسد في رأس جدول اهتماماتها والعمل مع جماعات المعارضة السورية الأخرى لتحقيق هذا الهدف، فيما ركزت القاعدة على جدول اعمال اكثر اقليمية بهدف اقامة خلافة اسلامية تمتد من بغداد الى لبنان وهي المهمة التي رسمها المسؤول الاول في التنظيم الدولي ايمن الظواهري بعد نقاش مركزي بين الشبكات الجهادية العالمية ادى الى تفويض ‘ الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام ‘ لتنفيذ جدول الاعمال والحصول على المزيد من الاتباع .
وكشف التقرير أن الموارد البشرية والمالية بدأت بالتدفق على تنظيم الدولة الاسلامية عبر الحصول على مزيد من الذخائر والاتباع والتدريبات عام 2012 عبر الحدود السورية مع العراق ومع حلول عام 2013 لوحظ على الفور ارتفاع في الهجمات الانتحارية من مقاتلين اجانب تم جذبهم عبر الدعاية المتطرفة للتنظيم من 52 دولة
ويفيد التقرير بان الاجهزة الامنية الامريكية تتعامل مع المقاتلين الاجانب على اساس انهم ‘ مفتاح ‘ البيانات الى تريد واشنطن الحصول عليها لملاحقة الشبكة الجهادية العالمية التى برهنت على قدرتها على التجنيد والتدريب.
وحسب ما اورده التقرير فقد حول تنظيم الدولة الاسلامية موارده البشرية والمالية الى العراق مع اوائل عام 2013 بحيث وصلت الهجمات الانتحارية الى 30-40 في المتوسط بالشهر الواحد على شكل هجمات منسقة وفعالة على نحو متزايد تدل على قدرة التنظيم على القيام بعمليات عسكرية عالية المستوى بدليل هجوم 5 من الانتحاريين على مقر وزارة العدل العراقية في 14 اذار/مارس من عام 2013 تمكنوا خلاله من احتجاز رهائن لعدة ساعات والسيطرة على المبنى قبل ان يفجروا انفسهم
وهاجم الانتحاريون بشراسة وانتظام في صيف 2013 اهدافا شيعية في الملاعب والجنازات والاسواق واستهدفوا ايضا مناطق سنية للسيطرة على مزيد من الاراضي اضافة الى مناطق كردية بهدف اشعال الصراع العرقي بحيث شهد العراق في تشرين الثاني / نوفمبر من عام 2013 اكثر من 50 هجوما انتحاريا مقارنة مع 3 هجمات فقط في ذات الوقت من عام 2012 مما ادى الى تأثير مدمر على الخطاب السياسي في البلاد ونزع الثقة بين القادة السياسيين والمواطنين اضافة الى صعوبة اجراء اصلاحات مطلوبة تهدف الى وفاق وطني مشترك
وتنوه الاجهزة الامنية الامريكية الى ان العنف في العراق يبدو، للوهلة الاولى، على شكل عشوائي ولكنه ليس كذلك، حيث تؤكد الاجهزة الامنية الامريكية بان هجمات تنظيم الدولة الاسلامية منسقة ودقيقة ضمن حملة استرتيجية يقودها زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي المقيم حاليا في سوريا .
وتهدف هذه الحملة الى انهيار النظام العراقي واقامة منطقة حكم في المناطق الغربية من العراق وشرق سوريا او ما يعرف باسم الجزيرة وقد لجأ التنظيم حسب استنتاجات الاجهزة الامريكية الى 3 وسائل لتحقيق هذا الغرض هي :الهجوم على المدنيين الشيعة وذلك بهدف اشعال حرب اهلية يضطر فيها المواطن العادي الى طلب الحماية من التنظيمات وليس الدولة والسيطرة على الاراضي في المناطق السنية لتأكيد الهيمنة على المسؤولين السنة والقبائل المحلية والهجوم على كردستان العراق والمناطق المتنازع عليها في الشمال لاذكاء التوترات العرقية ومن الامثلة على ذلك الهجوم على اربيل في ايلول/سبتمبر من عام 2013 .
وتحذر الاجهزة الامنية الامريكية من قدرات الجماعات الجهادية في العراق بالقول ان اساليب ‘ الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام’متطورة ومركزة للغاية وهي بحاجة الى وصفة امنية وسياسية ذكية من اجل القضاء عليها.
ولا تستبعد الرؤية الامريكية سؤء الاوضاع السياسية للعراق اثناء تناولها لمشكلة التدهور الامني، فهي كما جاء في التقرير قد بدأت بعد اعتقال القوات العراقية عددا من الحراس الشخصيين لوزير العدل السابق رافع العيساوي في اواخر كانون الاول/ ديسمبر من عام 2012 مما ادى لاستقالته .
ويضيف التقرير بان قضية الاعتقال تحولت الى قضية جنائية مما اثار حنق الطائفة السنية التي نمت مطالبها الى كتالوغ كامل من المظالم التي استمرت عشر سنوات بين أبناء الطائفة السنية، وقد شملت هذه المظالم نداءات لانهاء عملية اجتثاث ابناء الطائفة واصلاح قانون الاجراءات الجنائية لضمان محاكمة عادلة وزيادة تقاسم السلطات في صنع القرار ومؤسسات الادارة الوطنية
المحتجون بدورهم انقسموا الى فئات مختلفة، معظمهم اراد الحصول على مطالب سياسية فقط مثل المذكورة سابقا، ورفض البعض الاخر النظام السياسي برمته في حين نشطت أقلية صغيرة للدعوة الى العنف ضد الحكومة المركزية، ولكن مع رفض النظام العراقي لمعالجة تلك المظالم والحوار مع المحتجين انفجرت ‘ طنجرة الضغط’ مع عدم وجود صمام امان وبدأت الاعلام السوداء بالظهور في ساحات الفلوجة وشعر ابناء الطائفة الشيعية بالنفور وتأججت مشاعر الطائفة السنية وفي النهاية توغلت القوات الامنية العراقية لساحات الاحتجاج وتم اطلاق النيران مما اسفر عن مقتل 50 محتجا في ساحة واحدة فقط.
بعد تلك الحادثة، تعهدت الجماعات السنية القومية علنا بما في ذلك جماعة طارق النقشبيدي بمحاربة الجيش العراقي واعلنوا هجوما على بغداد، وتعتبر الولايات المتحدة جماعة النقشبيدي منظمة ارهابية اجنبية وهي مولودة من رحم احدى كتائب حزب البعث العراقي وتتهمها واشنطن بالقيام بدور في حالة عدم الاستقرار بالمناطق السنية وتعزيز عدم الثقة في المناطق الشيعية، وقد ساهمت حسب التقارير الامنية الامريكية بصعود ونمو تنظيم الدولة الاسلامية في المناطق الحدودية لمحافظة نينوى. وتعتقد الاجهزة الامنية الامريكية بان اجندة هذا التنظيم مختلفة الى حد كبير مع القاعدة ومن المرجح ان تكون هذه الشراكة قصيرة الاجل.
ويؤكد التقرير أن على ان الخطر في هذه اللحظة، هو ان الصلابة في التشدد قد انصهرت تماما مع الشعور باليأس والظلم في المناطق السنية ولذا يجب ان تقوم الحكومة العراقية في التعبئة ضد القاعدة والقيام بعلمليات امنية استخبارية. ويحمل التقرير رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسؤولية القيام بحملة ‘ توعية سياسية’ والقيام بالتصرف كرئيس دولة لضمان حالة من الاستقرار في الدولة والعمل مع قادة الطائفة السنية لمحاربة الارهاب. ويشير التقرير هنا الى ان جميع الاتفاقيات مع المالكي قد نصت على ذلك اضافة الى تأكيده اثناء لقاء الرئيس الامريكي باراك اوباما مع المالكي في تشرين الثاني الماضي واثناء المكالمات الاعتيادية التى يجريها نائب الرئيس الامريكي مع بغداد.
ويلخص التقرير الوضع في الفلوجة والرمادي بالقول ان اكثر من 100 شاحنة ترفع الاعلام السوداء قد دخلت المدينتين في اليوم الاول من العام الحالي، وهي محملة بأسلحة ثقيلة ومدافع مضادة للطائرات تم على اثرها السيطرة على المدينتين تماما تتويجا لاستراتيجية الحكم على الاراضي، وعلى الفور تدخلت واشنطن عبر زيارات امنية عالية المستوى الى بغداد اسفرت عن ارسال الولايات المتحدة لموارد اضافية واسلحة لاستعادة الشوارع من مقاتلي القاعدة ووضع اللمسات الاخيرة لخطة سياسية وامنية للاطاحة بالتنظيم. ويفيد التقرير بان القتال ما زال مستمرا في الرمادي وقد حققت الجهود الامريكية نتائج سريعة ولكنها هشة، اما في الفلوجة فقد حاول الجيش العراقي عمل طوق على المدينة الا انه واجه مقاومة شرسة من قناصين مهرة يستخدمون بنادق عيار 50.
واعترف التقرير بان الكثير من القبائل قد رفضت التعاون مع المساعي الامريكية للتحالف ضد القاعدة ووقفت معظمها على الحياد. ويؤكد التقرير على ان هدف القاعدة واضح وهو التحرك باتجاه بغداد.
الاستراتيجية الامريكية لعزل وهزيمة تنظيم القاعدة تقوم على تطوير المكونات الامنية والسياسية والاقتصادية للعراق مع التركيز المباشر على دمج ‘ مقاتلي العشائر’ مع القوات الامنية العراقية لحماية السكان من نفوذ القاعدة ومنحهم امتيازات الجنود والتعهد بدمجهم في هياكل الدولة وتقديم مزيد من الدعم الاقتصادي في هذه المناطق.
وقد كشف التقرير الامني الامريكي أن الولايات المتحدة لا تتكئ على الاصلاحات السياسية والاقتصادية في العراق لمواجهة المنظمات المتطرفة حيث جاء في التقرير بانه يجب عدم المبالغة في أهمية الانتخابات الوطنية العراقية رغم تأكيد التقرير على حرص واشنطن على ضمان ان تسير العملية السياسية والانتخابية في الاتجاه الصحيح، بما في ذلك اختيار حكومة جديدة عام 2018 وتؤمن واشنطن بان المبادرات السياسية والاقتصادية ضرورية لهذه المعركة ولكنها ليست كافية بدون تعبئة السكان.
واكد التقرير أن افتقار بغداد لطائرات هليكوبتر مدرعة ادى الى عجز في قدرة القوات العراقية على الهجوم على سلسلة من المعسكرات المسلحة لتنظيم القاعدة شوهدت بوضوح في غرب العراق، ولكن طائرات الاباتشي التي وافق الكونغرس على تأجيرها وبيعها للقوات العراقية ستوفر قدرة اكثر فاعلية لحرمان القاعدة من الحصول على ملاذ في الصحارى، وستوفر الولايات المتحدة اشرافا نهائيا على استخدام هذه الطائرات والتخطيط للعمليات.
وبما يتفق مع هذه الاستراتيجية، سوف تسلم الادارة الامريكية 10 طائرات بدون طيارفي ربيع هذا العام للعراق، و48 طائرة اخرى في وقت لاحق للمساعدة في توفير المراقبة لمنطقة الجزيرة والحدود العراقية مع سوريا، كما ستعمل واشنطن على زيادة فرص تدريب وحدات مكافحة الارهاب العراقية وستسارع وتيرة تسليم معدات عالية التقنية، كما نوقشت امكانية تدريب المزيد من القوات العراقية عالية الخبرة في الاردن
من جهة اخرى اوصى التقرير بأعادة وزير العدل العراقي السابق العيساوي لوضعه السابق في اقرب وقت ممكن بعد ان اظهر التزاما واستعدادا لهزيمة تنظيم القاعدة في محافظة الانبار وضرورة حث الحكومة العراقية على معاجة مظالم السنة ووضع حد للقوانين التي لا تجيب على ضرورة المصالحة الوطنية.