اجتمع بشار أسد في الثاني عشر من آب/ أغسطس الجاري، بأعضاء برلمانه الجدد بعد انتخابات مفروضة بقوة السلاح وسطوة الأجهزة الأمنية (بحسب بيان نشرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان في الثالث عشر من الشهر الجاري). وكان ذلك خارج ذاك البرلمان كإجراء احترازي ضد فيروس كورونا، وجرت الجلسة التي مزجت بين نظريات أسد البالية وقصائد الرياء في “قصر الشعب” مع تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي الذي يمارسه المجلس قبل ظهور كورونا في التعامل مع قضايا وهموم الشعب.
هذا الشعب الذي أُقيم المجلس والقصر باسمه، تُرك خارجهما ليواجه مصيره على مهلٍ في زحمة طوابير لا تنتهي، ليحصل على أدنى مقومات العيش من طوابير إن جاءها سليماً قد يغادرها مصاباً بفيروس كورونا، في وقت تشهد مناطق سيطرة ميليشيا أسد ارتفاعاً في وتيرة الإصابات، وسط تكتم على الأرقام الصريحة للمصابين، الذين باتوا يخافون مستشفيات أسد المتهالكة أضعاف خوفهم من المرض نفسه.
البقاء لمن يدفع
أم عثمان أُصيبت بفيروس كورونا قبل نحو شهرين، وتروي لأورينت نت تجربتها التي بدأت من مستشفيات حماة ولكنها غادرتها بسبب تردي واقع الكهرباء في المحافظة والذي انعكس سلباً على مستشفياتها.
غادرت السيدة إلى دمشق لتلقي العلاج في عيادة خاصة معللةً الأمر بتدني مستوى الرعاية الطبية والازدحام الشديد في المستشفيات العامة، إضافة لأسلوب التعامل الإنساني. وذلك في إشارة لحالات الشتم والتنمر التي لا يسلم منها مصاب كورونا في مستشفيات أسد حتى بعد وفاته، ودعوة رئيس الطب الشرعي في جامعة دمشق لحرق جثث ضحايا كورونا. وأوضحت السيدة أيضاً ارتفاع الأسعار التي يتعامل بها الأطباء، حيث تقاضى الطبيب المشرف على حالتها 20 ألف ليرة على كل جلسة من جلسات المعاينة الأربع التي أجرتها السيدة، كما تقاضى الممرض 18 ألف ليرة أجرة تبديل كل كيس سيروم من أربعة أكياس احتاجتها أم عثمان حتى تتماثل للشفاء.
وتحصي أم عثمان تكاليف علاجها بحوالي 225 ألف ليرة (110 دولار) بما تضمنتها من أدوية وفيتامينات، أي راتب موظف سوري لأربع أشهر.
الباحث الاقتصادي يونس الكريم يرى أن سياسات الإغلاق التي اتبعها النظام كانت بغرض منع ازدحام المستشفيات وليس الوقاية من الفيروس، مؤكداً في حديثه لأورينت نت أن سياسات الحجر التي يتبعها النظام باتت اليوم بلا قيمة أمام انتشار الجائحة وضعف البنية الاقتصادية والصحية لديه.
ولم يتخذ النظام أي إجراءات جدّية لإنتاج أسطوانات الأوكسجين المحلية الصنع والتي باتت ألعوبة بيد “أمراء الحرب” ليبلغ سعر الأسطوانة الفارغة حوالي نصف مليون ليرة.
ويفرض أسد على كل سوري يغادر البلاد دفع 100دولار كثمن لاختبار سحب العينة لتأكيد خلوّه من الفيروس، وذلك في مراكز مكتظة لا تراعى فيها قواعد التباعد الاجتماعي، مما يعرض الشخص السليم لخطر احتمالية الإصابة.أعداد المصابين لدى أسد.. سري للغاية
وحول تكتم أسد على أرقام الإصابات بفيروس كورونا يقول الباحث الاجتماعي صفوان موشلي لأورينت نت إن أسد يتعامل مع أي معطى اجتماعي أو صحي أو اقتصادي باعتباره ضمن المعطيات الأمنية، ولا يمكن التصريح بأي أرقام أو إحصائيات قبل نيل موافقة الأجهزة الأمنية.
ويضيف موشلي أن التستر على أرقام الإصابات سيساهم حتماً باستفحال الجائحة التي ستجد تقريراً أمنياً يبرر ارتفاع أعداد إصاباتها ويعلله بسبب ما، كاحتفالية أو أي مناسبة اجتماعية.
وتعكس ظاهرة الطوابير التي يعيشها السوريون حجم الضغوطات المعيشية التي دفعتهم للمخاطرة بمعايير الوقاية الصحية، إضافة لسيطرة أمن ومخابرات أسد على شركات التحويل والصرافة.
وهكذا يسد نظام أسد المنفذ المالي الأخير أمام المواطنين الذين يعيش قسم كبير منهم على حوالات مالية يرسلها ذووهم من الخارج، وهذا برأي موشلي ما سيجعل التقيد بشروط السلامة ومعاييرها مكلفاً للغاية.
نقلا عن اورينت نت