مما لا شك فيه أن الشعب الإيراني كان سباقا في ثوراته واحتجاجاته ضد الأنظمة الدكتاتورية وله تاريخه المشرف الذي سطره بدماء الوطنيين الأحرار منذ مطلع القرن العشرين وما زال يرفد مسيرة العمل الوطني بالدماء الزكية من أجل درء الظلم والاستبداد والعبودية والقهر التي مارستها الفاشية الدينية الحاكمة في قم.
لقد بدأ ربيعه عام 2009 وقدم التضحيات الجسام ولم يستكن أو يلين بل استمر في مقارعة الطغيان الديني المتخلف بالرغم من القمع الدموي , واليوم تخرج الآلاف المؤلفة بمظاهرات عارمة في باسارغاد ضمن محيط مقبرة كورش الكبير وهي امتداد للربيع الإيراني وتنبأ بالمفاجأة المرعبة للنظام من خلال هذا الحشد الكبير للشعب الإيراني بمختلف اطيافه وإن امتدادها لباقي مدن إيران جعل من النظام يكثف إجراءاته الجنونية والوحشية ضد المتظاهرين.
اعتقد جازما أنها بداية النهاية التي تتوافق مع المتغيرات الدولية وخصوصا منها الأمريكية بعد رفض الاتفاق النووي وفرض مزيد من العقوبات على النظام وحرس خميني وما يسمى حزب الله اللبناني وبقية الميلشيات الايرانية في العراق وسوريا واليمن.
فالشعب الايراني حسم أمره هذه المرة من أجل الخلاص مهما كلفه من تضحيات وإن مظاهرات باسارغاد والمدن الايرانية الأخرى سوف تكون المحطة الأخيرة من نضال هذا الشعب المكافح وطلائعه التحررية من المعارضة الباسلة.
إن الإجراءات القمعية التي اتخذها النظام ضد المتظاهرين في محيط كورش الكبير تأتي انتهاكا صارخا للعهود الدولية ومواثيقها التي أقرت حرية التعبير والتظاهر وعدتها اضطهادا لأسباب سياسية وفكرية.
وهذا يعني أن تلك الاجراءات على وفق أحكام القانون الجنائي الدولي تعتبر جريمة دولية تخضع بالضرورة إلى مبادئ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وتحديدا ما جاء في المادة السابعة كونها جريمة ضد الإنسانية.
فإن النظام قد أصابه الكهول والشيخوخة ولم تعد إجراءاته الدموية ضد الشعب نافعة أو يتمكن من خلالها المضي قدما في حكمه القمعي المتخلف, لعل مظاهرات الشعب الإيراني الجديدة فرضت نفسها على مجريات الأحداث داخل إيران وأسهمت في زيادة وتيرة الصراع بين أزلام النظام وهذا واضح من تصريحات خامنئي وبقية رجالات الدين المتنفذين إضافة إلى رعب أجهزته الوحشية التي اصبحت مهزوزة وغير قادرة على مواجهة الشعب الثائر الذي كسر حاجز الخوف حيث راحت هتافات المتظاهرين تعلو أعالي السماء ”الموت لولاية الفقيه “ هذا تغيير نوعي في عناصر الصراع مع الفاشية الدينية.
يبدو أن النظام وصل إلى نهايته الحتمية وإن غضب الجماهير المنكوبة والمحرومة وتحديدا المنهوبة أموالهم من قبل السلطة الفاسدة قد حطت رحالها للانتقال إلى العهد الجديد الذي تقوده المقاومة الإيرانية.
إن الشعب الايراني أثبت انه شعب لا يقهر ولا يمكن للطغاة الاستمرار في تدمير حاضره ومستقبله.
الدكتور سفيان عباس التكريتي