منذ قليل سمعت بخبر وفاة الإعلامية شيرين أبو عاقلة مراسلة الجزيرة برصاص الاحتلال الإسرائيلي أثناء اقتحامه مخيم جنين.
عملية التصفية هذه تأتي بعد أيام قلائل من احتفال العالم بيوم حرية الصحافة مما يؤكد أن هذا الكيان ليس قائماً على العنصرية فحسب، بل مستعد أن يرمي بعرض الحائط كل القيم والأعراف الدولية حينما يتعلق الأمر بفضحه وتجريده من كذبه وكشفه على حقيقته البشعة.
ندرك تماماً أن العنصرية كممارسة لازالت موجودة وتعاني منها الشعوب، لكن لا يجرؤ أي نظام في العالم اليوم أن يشرّع العنصرية قانوناً ويضعها ضمن دستوره سوى الكيان الإسرائيلي، الذي يصر على أن دولة إسرائيل هي لليهود فقط مستثنياً الإثنيات المتجذرة في المنطقة والتي هي أقدم من وجوده هو ومرتزقته القادمين من شتى أصقاع الأرض.
وأكاد أجزم أن كل الشعوب العربية تتضامن مع الفلسطينيين في صراعهم مع هذا الكيان، بل يعتبرون قضية فلسطين هي قضيتهم المحورية من العراق إلى المغرب مروراً بكل البلاد العربية، التي تنتهز أي فرصة أو تجمع جماهيري للتعبير عن حبهم لفلسطين وكراهيتهم للاحتلال الإسرائيلي، بينما نجد على الضفة الأخرى الحكام الذين شكلوا وصمة عار في التاريخ العربي بتفريطهم وتطبيعهم ومتاجرتهم بقضية فلسطين، سواء بتقديم التنازلات أو برفع شعارات المقاومة التي كان غايتها تدمير الحاضنة العربية الرافضة لوجود الكيان في حين سلم هو نفسه من عنفهم وأسلحتهم.
الخوف من الصحافة هاجس يرعب الأنظمة المستبدة في جغرافية المنطقة فتلجأ إلى تكميم الأفواه بقوانين تسميها جرائم المعلوماتية، أو تعتقل الصحفيين بتهم نشر أخبار كاذبة توهن عزيمة الأمة، وعجبي من أمة تخاف من نشر الحقيقة والأخبار! أو تلجأ هذه الأنظمة الهشة إلى التصفية الجسدية بالقتل المباشر أو بالقتل المعنوي بإقفال المنصات التي يتسرب منها الهواء النظيف، مقابل توفير إعلام مسخ هزيل قائم على “الطبل والزمر” وعقد حلقات “الدبكة ابتهاجا بقرارات القائد التاريخية”.
جريمة قتل الإعلامية أبو عاقلة ستضاف إلى سجل التصفيات التي تقوم بها الأنظمة الهشة المهزوزة في المنطقة، التي ستتلاشى مع أول هبة شعبية بشرط أن لا يمارس الغرب نفاقه مرة ثانية وثالثة ورابعة، ويتدخل من أجل إطالة عمر الطغيان بحجج الفراغ السياسي ومحاربة الإرهاب المحتمل.
أتركوا الشعوب تقتص من أنظمتها وجلاديها ولن تجدوا مجرماً منهم في بلادنا.
محمد مهنا – مقالة رأي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع